بيان الممثل الخاص للأمين العام مارتن كوبلر لمجلس الأمن. 13 أيلول/سبتمبر 2016

14 Sep 2016

بيان الممثل الخاص للأمين العام مارتن كوبلر لمجلس الأمن. 13 أيلول/سبتمبر 2016

"تعزيز المكاسب، ومعالجة القضايا الملحة"

السيد الرئيس اسمحوا لي أن أتكلم قليلاً في العربية. أنا اتمنى لكل المسلمين وللشعب الليبي خصوصاً كل عام وأنتم بخير. عيد الأضحى هو يوم المصالحة ويوم السلام ونحن هنا اليوم. كل عام وأنتم بخير للشعب الليبي وللمسلمين في كل الدنيا

كما أود أن أتقدم بالتهنئة إلى نيوزيلاندا على توليها رئاسة مجلس الأمن هذا الشهر.

لقد أصبحت التناقضات في لييببا أكثر ظهوراً منذ إحاطتي الأخيرة لكم. فالبلاد تتمتع بإمكانات هائلة، وموارد طبيعية عظيمة وشباب متعطش لإعادة تشكيل مستقبلها.

غير أنه، وعوضاً عن الاستفادة من كل هذه النِعم، يقف الليبيون والليبيات في طوابير طويلة وفي الجو الحار أمام المصارف لسحب المبلغ الأقصى المسموح لهم به في اليوم وهو 200 دينار– أي ما يعادل 40 دولاراً – لتغطية التكاليف المرتفعة للضروريات الأساسية.

وفيما يواجه الشباب آفاقاً محدودة لكسب المعيشة واستشراء انعدام الأمن وانتشار الفساد، فإن مغادرة البلاد أو الانضمام إلى الجماعات المسلحة قد يشكلان إغراء كبيراً بالنسبة لهم.

ليس هذا الأساس الذي تُبنى عليه البلدان المستقرة. لقد آن الأوان ليضم الليبيون جهودهم ويتصدوا بشكل عاجل للمشاكل السياسية والأمنية والاقتصادية الملحة في ليبيا.

السيد الرئيس،

نظراً للأحداث العسكرية التي جرت في الأيام الماضية، أود أن أبلغ المجلس بإيجاز بشأن النقاط الأربع الآتية:

1. الوضع الأمني المثير للقلق،

2. الزخم السياسي الذي أوجده قرار مجلس النواب الأخير،

3. الحاجة إلى المصالحة الوطنية،

4. انهيار الاقتصاد.

1. الوضع الأمني: التقدم في سرت – الهلال النفطي يتعرض للهجوم

تعرض السلم الهش في الهلال النفطي في ليبيا لضربة شرسة عشية عيد الأضحى وذلك عندما قامت وحدات من الجيش الوطني الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر بالهجوم على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي. ولقد كانت هذه المنطقة تخضع لسيطرة قوات موالية للمجلس الرئاسي.

ولقد كان يساورني القلق إزاء احتمال حدوث هذا. فهذا التطور سوف يؤدي إلى إعاقة صادرات النفط بشكل أكبر، وحرمان ليبيا من موردها المالي الوحيد وزيادة الانقسام في البلاد.

هذا يجب أن يتوقف.

إن الموارد الطبيعية الليبية ملك لجميع الليبيين، يجب حمايتها ويجب تصديرها بشكل مشروع تحت سلطة المجلس الرئاسي، وإلا فإن مواطني ليبيا سيدفعون الثمن.

وعليه، دعوت إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحثثت جميع الأطراف على تفادي إحداث أي أضرار للمرافق النفطية. كما حثثت على احترام قرار مجلس الأمن 2259 الذي يعترف بأن السلطة التنفيذية الوحيدة في ليبيا تتمثل في المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني. ينبغي تسوية الخلافات من خلال الحوار، وليس من خلال القوة العسكرية.

لقد سعيت عدة مرات للتواصل مع الفريق أول حفتر لتشجيعه على اعتماد الحوار، غير أن محاولاتي المتكررة لم تتكلل بالنجاح بعد.

السيد الرئيس،

في بادرة إيجابية، أحرزت القوات الموالية للمجلس الرئاسي تقدماً كبيراً على صعيد إخراج تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) من آخر معاقلها في ليبيا، في سرت. وقريباً جداً لن يكون لداعش أي سيطرة على أراض في ليبيا.

غير أن تهديد الإرهاب في ليبيا وخارجها سيبقى وسيحتاج إلى استمرار توخي اليقظة.

وأود أن أشيد بشجاعة ما يزيد على 500 ليبي ضحوا بأرواحهم و2500 آخرين أصيبوا أثناء القتال ضد داعش في سرت؛ ولكن من المهم جدا أن أعرب أيضا عن تعاطفي مع الآلاف الذين سقطوا أثناء قتالهم ضد آفة الإرهاب في أجزاء أخرى من ليبيا، وخاصة في بنغازي.

وأود أيضاً أن أشكر أولئك الذين دعموا عملية تخليص سرت من الإرهاب بطلب من المجلس الرئاسي، وخاصة الولايات المتحدة لدعمها الجوي الذي دون شك أدى إلى إنقاذ العديد من الأرواح حيث تم قصف عدد كبير من السيارات المفخخة قبل أن تصل إلى أهدافها، كما أنه عزز قدرة المجلس الرئاسي على إلحاق الهزيمة بداعش في سرت.

كما أود أن أشكر الدول الأعضاء التي قدمت الدعم الطبي، إما على أراضيها أو في داخل ليبيا. إن المعركة ضد داعش هي معركة بقيادة ليبية، غير أن هزيمة داعش في ليبيا ستعود بالنفع على المنطقة بأسرها.

السيد الرئيس،

يجب تأسيس السلطة المدنية والعسكرية في سرت، كما يجب استعادة الأمن. وبغية تحقيق هذا الهدف، قمنا بعقد اجتماع مع الوزراء الرئيسيين في حكومة الوفاق الوطني الأسبوع الماضي بغية وضع خطة لما بعد تحرير سرت.

وينبغي أن تكون جهود إعادة الإعمار في سرت نموذجاً يحتذى به، وينطبق هذا الأمر كذلك على مناطق أخرى مثل بنغازي. لعلكم تتذكرون مناشداتي المستمرة من أجل صندوق إعادة إعمار بنغازي بعد استعادة الأمن.

السيد الرئيس،

لا تزال ليبيا نقطة الانطلاق لآلاف المهاجرين. ففي هذا العام وحده وصل 000 112 مهاجر إلى شواطئ إيطاليا من ليبيا، وغرق ثلاثة ألاف مهاجر في البحر الأبيض المتوسط، فيما لقي عدة آلاف حتفهم في الصحراء وهم في الطريق.

إن هذه الخسارة التي لا معنى لها للعديد من الأرواح البشرية هي ببساطة أمر غير مقبول.

إن المعركة ضد الإرهاب وتدفق المهاجرين يشكلان أعراض افتقاد ليبيا لمؤسسات أمنية موحدة وفعالة.

مؤسسات لتأمين حدود ليبيا

ومؤسسات للحد من تداول الأسلحة

ومؤسسات لتفكيك الشبكات الإجرامية التي يقع الضعفاء فريسة لها

السيد الرئيس،

لا يزال الوضع الأمني في طرابلس هشاً للغاية. وفي هذا السياق، أرحب بتسمية قادة الحرس الرئاسي. فهذه تعد الخطوة الأولى نحو وضع الوحدات الأمنية الليبية الجديدة تحت السلطة الكاملة للمجلس الرئاسي.

في 5 آب/أغسطس، قمنا بعقد الاجتماع رفيع المستوى الأول حول الأمن بحضور أكثر من خمسين من الأطراف الأمنية الليبية الفاعلة الرئيسية لمناقشة مقترحات تحسين الأمن في طرابلس وفي البلاد.

غير أنه لن يكون بالإمكان تحقيق المزيد من التقدم إلا إذا اتفقت جميع الأطراف الأمنية الليبية الفاعلة من الشرق والغرب والجنوب على سلسلة قيادة موحدة حيث يكون المجلس الرئاسي القائد الأعلى للجيش الليبي. يتطلب هذا انخراطاً نشطاً والتزاماً من المجتمع الدولي

دعوني أنتقل إلى النقطة الثانية:

2. التطورات السياسية: زخم جديد

يعدّ تشكيل حكومة وفاق وطني فعالة أمراً بالغ الأهمية للفترة الانتقالية في ليبيا. فبعد أشهر من الجمود السياسي، قرر مجلس النواب في 22 آب/ أغسطس رفض حكومة الوفاق الوطني الحالية. ومع ذلك، فإن هذا القرار يمثل فرصة جديدة للمجلس الرئاسي لطلب الموافقة على حكومة وحدة وطنية.

ولا بد الآن من بذل الجهود لضمان أن يعمل مجلس النواب والمجلس الرئاسي معاً نحو تحقيق هذا الإنجاز الهام.

وفي هذا الصدد، لا يزال دور الحوار السياسي الليبي يحتفظ بأهميته. فمنذ تقريري الأخير المقدم لكم، عقدت اجتماعين للحوار السياسي الليبي بغية إيجاد مساحة سياسية إضافية والتحفيز على إيجاد مخرج من المأزق السياسي.

وبالرغم من الاختلافات في الرأي حول الاتفاق السياسي الليبي، نرى أن حتى المنتقدين والمعارضين يشيدون بإطاره العام وقيمته. لذا فإنه يبقى الطريق الوحيد للمضي قدماً في المرحلة الانتقالية في ليبيا.

لا يوجد بديل.

هنا، أود أن أشكر الدول الأعضاء على وحدتها ودعمها للاتفاق السياسي الليبي، ولا سيما دعمها السياسي القوي للمجلس الرئاسي.

ومع ذلك فمن المهم أن ينعكس هذا الدعم السياسي من خلال الممارسة على أرض الواقع، ومن جانب الجميع في ليبيا وخارجها. إذ ينبغي عدم دعم المؤسسات الليبية الموازية غير الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق الوطني، إذ لا ينبغي أن يبسط السجاد الأحمر لهذه المؤسسات.

وخلال الاجتماع الأخير للحوار السياسي الليبي الذي عُقد الأسبوع الماضي يومي 5 و 6 أيلول/ سبتمبر، تمت مناقشة الأمور التالية واقتراح السبل السياسية الكفيلة للمضي بها قدماً.
(1) يتعين على المجلس الرئاسي اغتنام فرصة عودة العضوين المقاطعين كي يصبح مؤسسة فعالة. وينبغي على جميع الأعضاء الاتفاق على لائحة منقحة لوزراء الحكومة الآن. وأرحب بنية المجلس الرئاسي التشاور مع الأطراف الليبية المعنية الرئيسية، وأكرر طلبي بحفظ 30 في المائة من المناصب للنساء.

(2) على مجلس النواب أن يجتمع بحضور جميع أعضائه في جو خالٍ من التخويف لمناقشة التعديل الدستوري والمصادقة على حكومة الوفاق الوطني. وسوف أستمر في تشجيع جميع أعضاء مجلس النواب، بمن فيهم المقاطعين، على الالتحاق بجلسات المجلس.

(3) وأدعو كذلك إلى وجود مراقبين ليبيين ودوليين، ليكن مثلاً من الجامعة العربية ومنظمات أخرى، خلال هذه الجلسات الحاسمة لمجلس النواب.

إنني أحث جميع الأطراف السياسية الفاعلة على إظهار الحنكة والقيادة الحقة والتماسك من أجل رجال ونساء وأطفال ليبيا الذين لا يريدون سوى استعادة حياتهم.

السيد الرئيس،

آتي إلى النقطة الثالثة: ألا وهي مسألة

3. المصالحة الوطنية: خطوات أولى ملهمة

في 31 آب/ أغسطس، بدأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا جولة من المناقشات مع خبراء ليبيين ودوليين بشأن المصالحة الوطنية. وما هذه سوى خطوة أولى صغيرة من عملية سوف تفضي إلى تضميد جراح الماضي. إذ علينا أن نساعد الليبيين لأن يجدوا في أنفسهم الرغبة في الصفح وتجاوز الماضي وبناء مستقبل جديد معاً.

ولن تنجح المصالحة إذا لم يشارك الجيل القادم بفاعلية. فسبعون في المائة من سكان ليبيا هم تحت سن الخامسة والثلاثين، ولا بد من إعطاء هذا الجزء الأساسي من المجتمع الفرصة لإبداء رأيه وأن يكون قادراً على تشكيل مستقبل ليبيا. إذ تعدّ هجرة الأدمغة مشكلة خطيرة في ليبيا.

ومن بين الأمثلة الملهمة على المصالحة التي أود أن أتطرق إليها هو الاتفاق الذي تم توقيعه بين ممثلي مدينتي مصراتة وتاورغاء في 31 آب/ أغسطس، وذلك أيضاً قبل أسبوعين. فهذا الاتفاق هو نتاج أشهر من جهود شجاعة ودؤوبة من قبل الطرفين، بتيسير من قسم حقوق الانسان في البعثة، وأود أن أهنئ جميع المشاركين فيه. ويسعدني أنه بعد سنوات عديدة سوف يتمكن النازحون أخيراً من البدء في العودة إلى ديارهم قبل نهاية العام. ينبغي أن يكون هذا الاتفاق شعاع أمل لجميع النازحين داخل البلاد بعددهم البالغ 000 435 نازح.

آتي إلى نقطتي الأخيرة والتي غالباً ما يتم إغفالها:

4. الوضع الاقتصادي: مطلوب اتخاذ إجراءات قوية

السيد الرئيس،

أعضاء المجلس الموقرين

جميع الجهود التي نبذلها لا يمكن أن تنجح إلا إذا عمد الليبيون إلى معالجة الأزمة الاقتصادية المتنامية في البلاد. ليبيا بلد غني بالموارد، غير أن اقتصادها على شفا الانهيار.

فإنتاج النفط في أدنى مستوياته على الإطلاق إذ يتم إنتاج حوالي 000 200 برميل فقط في اليوم الواحد، بالمقارنة مع 1,4 مليون برميل بعد الثورة. فيما يبلغ الإنفاق الحكومي على الرواتب والإعانات 93 بالمائة من ميزانية الحكومة الإجمالية. ويوجد 1,6 مليون من أصل 6 مليون ليبي – أي أكثر من شخص واحد لكل أسرة – مدرج على جدول الرواتب الخاص بالبنك المركزي. إن البلاد تعاني من عجز في الميزانية يبلغ 75 بالمائة.

وأسفر عن هذا فرض ضوابط صارمة على رأس المال ونقص في السيولة. وخلق ذلك شعوراً بالإحباط لدى الليبيين لعدم قدرتهم على الوصول إلى أموالهم ولأن عملتهم تفقد قيمتها بشكل سريع.

لذا فإن أساسيات الاقتصاد بحاجة إلى معالجة وبشكل عاجل. إذ لن يكون بوسع ليبيا الاعتماد لفترة طويلة على احتياطاتها الاجنبية. لا بد لاقتصاد الحرب أن يفسح المجال لاقتصاد السلام. ويجب أن يتم استئناف إنتاج النفط وأن يكون الإنفاق متناسباً مع احتياجات البلاد. ومن أجل القيام بذلك، يتحتم فتح خطوط الأنابيب وتوحيد المؤسسات المالية الليبية والموافقة على الميزانية الوطنية.

السيد الرئيس،

ليبيا على مفترق طرق. فبينما تنفتح آفاق سياسية ويجري إحراز تقدم في مجال مكافحة الإرهاب، فإن الانقسامات السياسية الكامنة وراء الصراع تتعمق.

اليوم أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات قوية لإقناع الأطراف المعنية الليبية ببناء مؤسسات تكون منفتحة وتشاركية وقادرة على تلبية احتياجات جميع مواطنيها.

السيد الرئيس،

اسمحوا لي أخيراً أن أتوجه بالشكر لزميل عزيز سوف يغادر البعثة، وهو نائب الممثل الخاص، علي الزعتري، على الخدمة المتميزة التي قدمها بصفته المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا. فتحليله الثاقب وإصراره على الدعوة الدائمة إلى حماية الضعفاء والمستضعفين في المجتمع الليبي كانت دائماً موضع تقديري. أتمنى له حظاً سعيداً في مواجهة التحديات بالغة الصعوبة التي سيواجهها في مهامه الجديدة كمنسق مقيم ومنسق للشؤون الإنسانية في سوريا.

السيد الرئيس،
ءأعضاء المجلس الموقرين
أتطلع إلى الاجتماع الوزاري بشأن ليبيا في 22 أيلول/ سبتمبر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للتدليل على تماسك وتصميم المجتمع الدولي على مساعدة الليبيين على ترسيخ المكاسب التي تحققت حتى الآن ومعالجة القضايا الملحّة.

ولكم جزيل الشكر