بيان صحفي عن تقرير للأمم المتحدة حول حالات التعذيب في ليبيا

1 Oct 2013

بيان صحفي عن تقرير للأمم المتحدة حول حالات التعذيب في ليبيا

طرابلس، في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2013 – أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرا بصورة مشتركة وذلك تنفيذاً لولاية البعثة التي تقضي بمساعدة الليبيين في تعزيز حقوق الإنسان. وتشمل الولاية دعم الجهود الليبية الرامية إلى مناهضة الاحتجاز التعسفي والتعذيب، وذلك من خلال رصد الانتهاكات التي تقع في مراكز الاحتجاز، وتأييد الإجراءات الإصلاحية، وتقديم المشورة حول الإصلاح القضائي، وبناء قدرات منظومة مراكز الإصلاح في ليبيا.

ويشير تقرير ” التعذيب وحالات الوفاة في مراكز الاحتجاز في ليبيا” إلى أن الانتهاكات مستمرة على الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات. ويوصي التقرير باتخاذ إجراءات عاجلة لنقل المحتجزين الخاضعين لسيطرة الكتائب المسلحة ووضعهم تحت السيطرة الفعلية للدولة وبناء قدرات منظومة العدالة الجنائية.

وبحسب التقرير، فإن طول فترة الاحتجاز والتحقيق على أيدي الكتائب المسلحة في ظل غياب الخبرة أو التدريب في مجال التعامل مع المحتجزين أو إجراء تحقيقات جنائية، علاوة على غياب الرقابة القضائية الفعالة، يخلق بيئة تساعد على التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة. ومن جانب آخر، أدى تسليم مرافق الاحتجاز لضباط مدربين تابعين للشرطة القضائية إلى تحسن ملحوظ في ظروف المحتجزين وطريقة معاملتهم.

ويستند التقرير إلى معلومات تم الحصول عليها بصورة مباشرة خلال الزيارات التي قامت بها البعثة إلى ما يقرب من 30 مركز احتجاز على مدى أكثر من عاميْن، وتشمل معلومات تم الحصول عليها من المحتجزين وأسرهم والمسؤولين والمجتمع المدني، علاوة على المعلومات التي تم الحصول عليها من وثائق مثل التقارير الطبية.

ويضيف التقرير إلى أن التعذيب يجري على نطاق واسع ويكون أكثر تكراراً بعد الاعتقال مباشرة خلال الأيام الأولى من التحقيق حيث يتم استخدامه لانتزاع الاعترافات وغيرها من المعلومات. وعادة ما يتم احتجاز الأشخاص دون تمكينهم من الوصول إلى محامين، أو التواصل مع أسرهم إلا بشكل عرضي. ويتم احتجاز الغالبية العظمى من الأشخاص المحتجزين بسبب النزاع، والذين يقدر عددهم بنحو 000 8 شخص، دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة.

ويسجل التقرير 27 حالة وفاة أثناء الاحتجاز وقعت منذ أواخر عام 2011، حيث توجد معلومات هامة تفيد بأن التعذيب كان سبب الوفاة. كما تلقت الأمم المتحدة معلومات حول عدد من حالات مشابهة خلال هذه الفترة، غير أنها لم تتمكن من توثيقها بصورة كاملة. ولقد وقعت 11 حالة وفاة أثناء الاحتجاز، تم سردها بالتفصيل في التقرير، خلال عام 2013 في مراكز الاحتجاز الواقعة تحت السيطرة الإسمية للحكومة لكنها تدار فعلياً بواسطة الكتائب المسلحة التي ظهرت أثناء ثورة 2011. وفي بعض الحالات، أقر أعضاء الكتائب المسلحة طواعية بتعرض المحتجزين لإساءة المعاملة الجسدية، لا بل حاولوا تبرير ذلك.

وتشير الأمم المتحدة في تقريرها إلى أن السلطات الليبية ملتزمة على أعلى مستوى بتأمين تسليم المحتجزين لسلطات الدولة، وإنهاء التعذيب، وضمان تفعيل منظومة العدالة الجنائية بشكل صحيح. وسعت الحكومة منذ عام 2012 إلى وضع الكتائب المسلحة المتورطة في عمليات الاحتجاز تحت السلطة الرسمية للدولة من خلال ضم تبعيتها إلى وزارات محددة، بالرغم من أن الكتائب احتفظت بالسيطرة الفعلية على مراكز الاحتجاز في العديد من الحالات. وسنّت ليبيا في شهر نيسان/إبريل 2013 قانوناً جديداً يجرّم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز، ونص القانون على عقوبة السجن لفترات تتراوح بين 5 سنوات إلى السجن المؤبد. وفي شهر أيلول/سبتمبر 2013 أقرت ليبيا قانوناً جديداً حول العدالة الانتقالية نص على ضرورة فرز المحتجزين بسبب النزاع في غضون 90 يوما.ً

وتوصي الأمم المتحدة بقيام السلطات الليبية والكتائب المسلحة بتسريع عملية تسليم المحتجزين لكي يصبحوا تحت السيطرة الفعلية لسلطات الدولة، وفي هذه الأثناء اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المحتجزين ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. كما توصي الأمم المتحدة كذلك بقيام السلطات الليبية بإقرار استراتيجية لفرز المحتجزين بسبب النزاع بحيث يتم إطلاق سراحهم، أو توجيه الاتهام لهم ومحاكمتهم عند الاقتضاء، وذلك تنفيذاً لقانون العدالة الانتقالية الذي تم سنّه في أيلول/سبتمبر 2013. كما ينبغي لها أن تقوم ببناء قدرات منظومة العدالة الجنائية لضمان حماية المحتجزين ضد أي شكل من أشكال سوء المعاملة وإنهاء الإفلات من العقاب فيما يخص الانتهاكات المستمرة.

وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا طارق متري أن الوضع القائم والمتمثل في الاحتجاز التعسفي والتعذيب "يناقض الأهداف التي قامت من أجلها ثورة 17 فبراير والتي كانت ترمي إلى طي صفحة الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي كان يمارسها النظام السابق. وتماشياً مع الأوليات الوطنية لليبيا، يجب على جميع الليبيين أن يتّحدوا ليضعواً حداً لإساءة معاملة المحتجزين ويسهموا في إنشاء سيادة القانون في البلاد." وأضاف متري "أرحب بالانتقال الصحيح للمحتجزين الذي قامت به بعض الكتائب".

وقالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي إن التعذيب كان وسيلة أساسية للنظام القمعي السابق في ليبيا، ودعت إلى وضع جرائم الماضي والانتهاكات المستمرة تحت المساءلة الكاملة. كما قالت السيدة بيلاي "إن التعذيب يعد ممارسة غير قانونية تحت أي ظرف من الظروف ودون أي استثناء" وأضافت "إن وضع المحتجزين في ليبيا يدعو للقلق الشديد، وفي حين تم إحراز بعض التقدم، فإنه لا تزال توجد حاجة ملحة إلى إعادة مضاعفة الجهود لمنع التعذيب، علاوة على التحقيق في ادعاءات التعذيب ومقاضاة الأشخاص المسؤولين".