بيان صادر عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري

30 أغسطس 2025

بيان صادر عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري

تصاعد مقلق في حالات الاختفاء القسري في عموم ليبي يشكل خطورة على المصالحة الوطنية"

طرابلس – تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، تعرب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن بالغ قلقها إزاء حالات الاختفاء القسري المتفشية والممنهجة في عموم البلاد.

وتعرب البعثة عن قلقها الشديد إزاء الإمعان في النيل من الشخصيات السياسية والمعارضة والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمسؤولين في الدولة والمواطنين.

إن استمرار حالات الحبس الانفرادي ووجود مراكز الاحتجاز غير الرسمية التي يتفشى فيها التعذيب والتنكيل والحرمان من الإجراءات القانونية السليمة يسير على نفس هذه الوتيرة الجسيمة. إذ ما يزال اثنان من أعضاء مجلس النوّاب في عداد المفقودين حتى يومنا هذا. وفي أيار/مايو، عُثِرَ على مقابر جماعية وأشلاء مجهولة الهوية في مدينة طرابلس، منها ما وُجِد داخل مواقع كانت تستخدم في السابق كمراكز احتجاز، الأمر الذي يبيّن النسق الممنهج للاختفاء القسري. وتخلق الجرائم من هذا النوع مناخاً يسوده الخوف وتضييق الخناق على الفضاء المدني والإمعان في ترسيخ الإفلات من العقاب وتقويض البيئة الكفيلة بتحقيق السلام وانتخابات تتسم بمصداقية ومصالحة وطنية.

ولإعادة بناء الثقة في المؤسسات الوطنية وتهيئة مناخ ملائم للعملية السياسية اتساقاً مع خارطة الطريق التي عرضت أمام مجلس الأمن في 21 آب/أغسطس، لا بد من بذل الجهود الكفيلة بكشف الحقيقة والحرص على تحديد المسؤولية عن هذه الانتهاكات.

وفي هذا اليوم، تقف البعثة وقفة تضامن مع أسر ضحايا الاختفاء القسري والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان. وتناشد البعثة جميع السلطات الليبية للاضطلاع بالتالي:

  • إنهاء ممارسات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي، عبر جملة من الأمور من بينها التوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وكذلك البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
  • الكشف عن مصائر جميع المفقودين وأماكن احتجازهم من خلال إنشاء هيئة وطنية للبحث عن المفقودين بالإضافة إلى آلية وقائية وطنية، وأن تكون لكل منهما مهام واضحة تتسق مع المعايير الدولية والتشريعات الليبية.
  • ضمان مساءلة الجناة، بما في ذلك عبر التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وآليات الأمم المتحدة وجبر الضرر للضحايا وأسرهم وتعويضهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم وإحياء الذكرى.
  • اعتماد تدابير شاملة للعدالة الانتقالية بما في ذلك تشريعات توافقية تتناول الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي في إطار الجهود المتظافرة إزاء جبر الضرر عن الانتهاكات المرتكبة في الماضي.

قبل عام مضى، نشرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمفوضية السامية لحقوق الإنسان تقريراً يتناول الجرائم المرتكبة في ترهونة يوثق حالات القتل والاختفاء القسري والعنف الجنسي والتعذيب والخطف اقترفتها مجموعات مسلحة بتواطؤ مع مؤسسات الدولة. وفي الوقت الذي أصدرت فيه المحكمة الجنائية الدولية ست مذكرات اعتقال وأيضاً اتخذ النائب العام الإجراءات اللازمة لاعتقال المشتبه بهم واحتجازهم، إلا أن المساءلة ما تزال محدودة. وتحث البعثة جميع الدول للتعاون مع المحكمة لتسليم بقية المطلوبين للعدالة.

فقد حرم أسر الضحايا من حقهم في كشف الحقيقة جرّاء التعطيل الذي شاب أعمال التنقيب والبحث عن المقابر الجماعية داخل ترهونة وفي محيطها لما يقارب العامين. وحتى يومنا هذا، ما يزال 67 شخصاً في عداد المفقودين. وما تزال الأسر تبحث عن إجابة وتطالب بالعدالة وجبر الضرر. ولا بد لأصواتهم أن تسمع – ليس في ترهونة فحسب وإنما في مرزق أيضاً حيث اختطف ما يزيد عن أربعين شخصاً في 2019 وما يزالوا في عداد المفقودين. إنه جرح لا يمكن أن يلتأم نال من مجتمعٍ بأسره إذ ما يزال يبحث عن إجابة، الأمر الذي يعطل الجهود التي تبذلها المجتمعات المحلية تجاه المصالحة. وكذلك في تاورغاء ومصراتة، إذ ما تزال أسر الضحايا في انتظار سماع أخبار عن أحبائهم منذ أيام الثورة، وفي سرت، حيث تتواتر التقارير عن حالات الاختفاء كما هو الحال في أمكان أخرى عديدة في عموم ليبيا المضرجة بجراح خلفها ماضي طويل يعج بالعنف، بما فيها مجزرة أبو سليم في 1996.

ويُبرز هذا الواقع الأليم مدى الحاجة الملحّة لتظافر الجهود الوطنية نحو الكشف عن مصائر جميع المفقودين، في إطار عملية أوسع وأعم للعدالة الانتقالية. وتعكف البعثة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بدعم من هولندا، في الوقت الحالي على تنفيذ برنامجاً يستمر لثلاث سنوات يتناول تعزيز القدرات في مجال الطب الشرعي وإحراز تقدم في مسودة قانون معني بالمفقودين ودعم تشكيل شبكة وطنية من منظمات المجتمع المدني وإشراك أسر الضحايا وتوسيع دائرة مبادرات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والتوعية، بما في ذلك حملة "مفقود" الإعلامية في عموم ليبيا. 

تؤكد البعثة مجدداً التزامها في العمل مع كافة الجهات الليبية على تعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وضمان تحقيق المساءلة عن جميع الانتهاكات بما في ذلك الاختفاء القسري. وتناشد البعثة جميع السلطات لاتخاذ إجراءات عاجلة عبر الإصلاحات التشريعية وإنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين والتصدي لهذا الإرث الأليم وتحقيق العدالة للأسر والمجتمعات العديدة في عموم ليبيا والتي ما تزال تنتظر إجابة.