مقابلة برناردينو ليون مع برنامج بانوراما على قناة العربية، 16 أكتوبر 2014

17 Oct 2014

مقابلة برناردينو ليون مع برنامج بانوراما على قناة العربية، 16 أكتوبر 2014

1. "كما تعلمون عقدنا اجتماعين بالفعل، أحدهما في غدامس حيث اتفق الطرفان على بدء عملية سياسية وعقد الاجتماع الثاني مؤخراً في طرابلس. وكانت المرة الأولى التي يلتقي فيها الجانبان في طرابلس بعد أسابيع بل أشهر من المواجهات، وكان ذلك بمناسبة زيارة بالغة الأهمية وهي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
أن هذه بداية العملية التي ستكون طويلة وصعبة لأن البلاد تمر بوضع صعب. فالبلاد منقسمة بين برلمانين وحكومتين. وهي منقسمة على الأرض وتتواجد الميليشيات في أماكن مختلفة وكما ذكرتم كذلك هناك قتال عنيف اليوم في بنغازي واحتمال حدوث مواجهات في الغرب وهو أمر يثير قلقنا بشدة.
إذن فنحن في بداية العملية. ولدينا فرصة لإنجاح هذا الحوار، ومن ناحية أخرى هناك أشخاص يقاتلون على الأرض في حرب نعتقد لن تؤدي إلى أي نتيجة. فنحن لا نرى أن الحل في ليبيا عسكري وستكون النتيجة إذا استمر الناس في القتال دولة واقعة في مزيد من الفوضى.

2. ما نحاول القيام به الآن هو الحوار بين أعضاء البرلمان. وهو البرلمان الوحيد الذي يعترف به المجتمع الدولي كممثل شرعي للشعب الليبي.
ولكن كما تعلمون فإن بعض أعضاء مجلس النواب لا يحضرون التجمع المنعقد في طبرق لأنهم يرون أنه ينبغي أولاً ضمان وجود لائحة داخلية تضمن أن يكون الإجماع هو القاعدة لاتخاذ القرارات الأساسية في البرمان.
وهذا هو الغرض الأساسي من الحوار الذي نعقده اليوم. لن يحل ذلك جميع مشاكل ليبيا ولكنه سيحل مشكلة بالغة الأهمية وهي البرلمان، وربما بعد أن تحل مسألة البرلمان قد يكون هناك إمكانية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. ومرة أخرى فإن البرلمان والحكومة لن يحلا جميع المشكلات التي تواجهها البلاد. ولن يحل المشكلة التي تمثلها الجماعات المسلحة المتعددة، والميليشيات المختلفة التي تقاتل على الأرض، ولن يحل المشكلة الخطيرة التي تواجهها ليبيا وهي الإرهابيين في شرق البلاد وربما في الجنوب.
وقد عبرنا عن قلقنا من تواجد جماعة القاعدة. وهناك إجراء بدء في نيويورك لإعلان أنصار الشريعة جماعة إرهابية. إذن فهناك تلك المشكلات. وكما ذكرتم، فإن بعض الميليشيات تتحرك في بنغازي. فقد شهدنا هجمات من الكتائب التي يقودها السيد حفتر بعد زيارة الأمين العام مباشرة وهو ما يعتبر عامل تصعيد خطير ومعقد شرق البلاد. لذلك فإنني أصر على أن الحوار ضروري لحل الفوضى المؤسسية في البلاد ولكنه لن يكون كافياً. فعلينا القيام بالكثير بعد استمرار هذا الحوار إذا كان ناجحاً.

3. أنت على حق. هذه هي الخطوة الأولى. وأنا أحياناً أستخدم عبارة أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. وهذه خطوة واحدة في بداية رحلة طويلة جداً. ولكننا قلنا إن هذا الحوار يتطلب أفضل الظروف الممكنة لكي يتم. دعني أقول إن هذه الظروف ستكون وقفاً لإطلاق النار من الناحية المثالية. وقد طلبت الأطراف من كافة الكتائب والجماعات المسلحة على الأرض التوقف عن القتال لمنح فرصة للمحادثات لأننا في منطقة بالغة التعقيد. فلدينا صراعات في دول مختلفة، أفهم أنكم ستتحدثون عن بعضها في وقت لاحق من البرنامج، ولكن ليبيا دولة يمكن أن يكون الحل فيها من خلال الحوار ومن خلال المفاوضات. وأنا متأكد من أنه لن يكون هناك حل مثالي لكل من الجانبين. أنا متأكد من أن أياً منهما سيحقق 100% مما يريده من هذا الحوار ولكنني متأكد من أنه سيكون من الأفضل كثيراً الوصول إلى هذه الصفقة المعقولة من خلال المحادثات بدلاً من الاستمرار في القتال الذي لن يؤدي إلى أي نتيجة. حيث لا توجد لدى أي جانب إمكانية الانتصار الكامل على الجانب الآخر. سيعني ذلك سنوات من المواجهات كما رأينا في بلاد أخرى.
إذن فعلينا التركيز على المشكلات الخطيرة مثل الإرهاب وعلينا أن نركز على مشكلات خطيرة مثل الوضع الإنساني في ليبيا وعلى جميع الدول الصديقة لليبيا أن تحاول تشجيع هذه المحادثات من أجل التركيز على كافة المشكلات في المنطقة والتي قد يكون لها حلول متعددة لا أرى اليوم أي احتمال للوصول لحل سلمي أو عن طريق التفاوض لها.
ويصح لك أيضاً أن تقول إن هذه الجماعات المسلحة ليست جزءاً من الحوار. وقد قلنا إنه سيكون هناك مفاوضات مع السياسيين بالتوازي مع عملية للتواصل مع هذه الكتائب وهذه الميليشيات وتنفيذ وقف إطلاق النار. ولن يكون ذلك سهلاً ولكنك على حق فالحوار مع السياسيين والتواصل مع هذه الكتائب عملية مختلفة.

4. بالطبع، لقد قلنا مرات عديدة بأن دول الجوار يمكن أن تلعب دوراً هاما. وهناك سبب واحد، البلدان التي لها حدود كبيرة مع ليبيا، مثل مصر أو الجزائر، هي جزء من المنطقة نفسها، وتتقاسم نفس المشاكل. إذا كان لديك إرهاب ومواجهات وقتال في ليبيا سيؤثر هذا بشكل كبير على البلدان المجاورة. ليس فقط على مصر أو الجزائر، وتشاد والنيجر والسودان ولكن سوف يؤثر أيضا بمستوى واحد على جارتها الشمالية، الاتحاد الأوروبي. ولذلك، فكل منهم مهتم بصورة خاصة بتعزيز هذا الحوار من خلال الأمم المتحدة. فالأمم المتحدة ميسر محايد وعادل وتسعى إلى إرساء الجسور بين كلا الجانبين. وكلا الطرفين يعتبرها على هذا النحو، وهذا هو السبب في أننا قد تمكنا من إحراز بعض التقدم. ولكن لن يكون من الممكن بالنسبة لنا القيام بذلك وحدنا، سوف نحتاج إلى دعم المجتمع الدولي، وبخاصة الدول المجاورة. وإذا ما دفعت هذه الدول بكل شدة هذه المحادثات، وقد شهدنا المبادرات الأخيرة، حيث اقترحت الجزائر بعض الأفكار، وأصدرت مصر مؤخرا بيانا رحبت فيه بالحوار. إذا ما دفعوا بشدة في اتجاه الحوار سوف تكون هناك فرصة لكن من المهم جداً أن ينخرطوا تماما مع هذا الحوار، ومع هذا الاحتمال السلمي.

5. أنت محق تماما. فالإرهاب مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي. فقد شهدت المنطقة بالفعل وجود مجموعات إرهابية في مناطق أخرى في منطقة الساحل. لدينا الأزمة الأخيرة في مالي. كما أن هناك قلق كبير لأننا نعرف أن هناك وجود للقاعدة، وربما داعش، لسنا متأكدين، ولكن يمكن أن يكون الحال كذلك. وهناك تقارير تفيد بانضمام بعض المجموعات لداعش. لذا، علينا أن نعمل على عزل ومحاربة الإرهاب.
والسؤال هنا أنه إذا وقعت المزيد من المواجهات والقتال بين المجموعات الرئيسية التي تقاتل اليوم، فتحليلنا هو أن هذا ,سيضعف كلا الجانبين، وسيعزز موقف الإرهابيين فقط. لذلك، هذا سبب آخر، سبب هام آخر ليتوصل كلا الجانبين إلى اتفاق والعمل جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب في المناطق الموجودين فيها. اسمحوا لي أن أقول أننا قلنا مرارا أن هناك إحساس بضرورة العجلة هنا. ليس لدينا سنوات لحل هذه الأزمة لأن هناك العديد من المخاطر التي تهدد هذه العملية الهشة.

لقد بدأنا للتو وربما احدى التهديدات الأكثر أهمية هي وجود الإرهاب. لهذا السبب نقلنا للأطراف أن عليهم التوصل إلى اتفاق بأسرع وقت ممكن--نحن نتحدث عن أسابيع- وإلا سيكون الوقت قد فات وقد يمنح هذا الجماعات الإرهابية الوقت لتصبح أكثر أهمية في البلاد.

6. اسمحوا لي أن أقول أن هناك، كما ذكرنا من قبل، قلق كبير إزاء الوضع الإنساني في ليبيا. تحدثت عن القلق حول الوضع الإنساني والإرهاب والأمن. وسوف أركز الآن على الأزمة الإنسانية.
هناك مئات الآلاف من المشردين داخل ليبيا. وهناك مناطق بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة. ونحن الآن على اتصال بالسلطات المختلفة في غرب البلاد للتنسيق ومحاولة تقديم المساعدات، وهناك العديد من البلدان الأوروبية التي على استعداد لتقديم المساعدة.
ساحضر يوم الاثنين القادم اجتماع مجلس وزراء الخارجية الأوروبي الذي سيعقد في لوكسمبورغ. نحن ذاهبون لمناقشة الوضع في ليبيا من بين مسائل أخرى، وأنا أعرف أن الأوروبيين حريصون جداً لتقديم هذا الدعم. واسمحوا لي أن أذكر أيضا بأن البلدان في المنطقة، لا سيما تونس، تعاني من وضع صعب جداً بسبب وجود ما قد يصل إلى مليون ليبي الأمر الذي يمثل تحديا كبيرا في بلد صغير مثل تونس.
أنهم يحاولون التعامل مع الوضع، ولكن تونس أيضا تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي لمعالجة هذه المشكلة. وليست تونس فقط، بل جميع البلدان في المنطقة تحاول دعم واستضافة اللاجئين من هذا البلد.

7. مثل أية مفاوضات في بلد فيه مواجهات فإن بناء الثقة أمر بالغ الأهمية. أنت على حق. فواحدة من المشاكل التي نواجهها هي انعدام الثقة إلى جانب الافتقار إلى التماسك الكلي في كلا المعسكرين، وهو أيضا أمر مألوف في هذا النوع من الحالات. هناك أناس أكثر اعتدالا ويميلون إلى المحادثات، وآخرين لديهم المزيد من الثقة في الخيار العسكري. لذا، هذا أمر نبذل فيه الكثير من الجهد.
ولكن دعوني أقول لكم قد فوجئنا بعد الاجتماع الأول الذي عقد في غدامس. فقبل لقاء الوفود ببعضها البعض، كنا حذرين جداً لتجنب أي اشتباك، أو تبادل الاتهامات بين كلا الفريقين. يمكن أن أقول لكم أن اللحظة التي التقى فيها الوفدان في غدامس تصرفوا كأنهم أخوة لم يجتمعوا لبعض الوقت. كانوا يحضنون بعضهم، ويسألون عن حال أسرهم لأن هذا هو الوضع في ليبيا. فهذه القبائل وهذه القرى وهذه المدن ليست معزولة. هناك العديد من الروابط العائلية وهناك العديد من السياقات التاريخية بين كل منهم. لذلك، لا أحد معزول في مدينته. هذه الروابط القوية في المجتمع الليبي، جنبا إلى جنب مع عدم وجود اختلافات إيديولوجية قوية بين الجانبين تجعلنا نعتقد أن هناك فرصة واحدة. لن أقول أن هناك فرصا كثيرة لهذا الحوار لينجح. فكما قلت من قبل، هناك العديد من التهديدات، ولهذا السبب فإن العملية هشة وضعيفة، أننا نطلب الدعم من جميع أصدقاء ليبيا. ولكن هناك بالتأكيد فرصة واحدة، الثقة الآن أفضل واقتربت الأطراف من بعضها البعض، فقيادات فريقي التفاوض، السيد شعيب نائب رئيس مجلس النواب، والسيد باشاغا يحظيان بالدعم الكامل من المجتمع الدولي، ومن المهم الآن أن يدفع كل المجتمع الليبي باتجاه هذه الفرصة السلمية. إن البديل الوحيد لذلك هو سنوات من الحرب، وسنوات من المعاناة للشعب الليبي.

8. وكما تعلمون، فقد زار الأمين العام بان كي - مون طرابلس، وقد اجتمع في طرابلس مع ممثلين من مجلس النواب، مع أعضاء من مجلس النواب. لا يمكن أن تكون الرسالة أكثر وضوحاً. المجتمع الدولي على استعداد للعمل مع هذا البرلمان الشرعي، ونود أن نرى هذا البرلمان يعمل بطريقة شاملة بحيث تشعر جميع الفئات، وجميع أعضاء البرلمان بالثقة في أن النظام الداخلي سيستند على توافق الآراء. وإذا كان هذا هو الحال، كحال أي برلمان آخر في العالم، فأنا متأكد من أن الليبيين يمكن أن يكونوا كذلك. وإذا كان هذا هو الحال، فأنا متأكد من أنه يمكن أن يكون هناك اتفاق لأن يصبح هذا البرلمان الوحيد، كما يعترف به المجتمع الدولي، معترف به من قبل جميع الليبيين كبرلمان وحيد. ومن ثم التصويت على تشكيل حكومة في هذا البرلمان، التي ستكون أيضا حكومة وحدة وطنية، قوية جداً، وقادرة على اتخاذ القرارات الهامة التي يحتاجها هذا البلد حول بناء الدولة وبناء جيش وطني وشرطة، ونظام قضائي ومؤسسات قوية التي ليبيا في أمس الحاجة إليها.

9. لا ليست هناك اختلافات. نحن-الأمم المتحدة-كما قلت من قبل نعمل على تعزيز هذا الحوار بين البرلمانيين، وجميع البلدان في المنطقة تعتقد أن هذا هو الطريق الصحيح للبدء، في محاولة لحل المشاكل المؤسسية وتدريجيا معالجة المشاكل الأخرى في المستقبل القريب.
فالمبادرات الأخرى مثل التي يعمل عليها الجزائريون موجهة إلى مجموعة أوسع وأكبر من الممثلين السياسيين والاجتماعيين ولكنها ليست غير متماسكة، أو تتعارض مع ما تفعله الأمم المتحدة ويمكن أن تكون مكملة. وأعتقد في الوقت الراهن، فإن الجزائر تستمع، وتعمل بالاتصال مع الأطراف. وترأس مصر أيضا المجموعة السياسية لبلدان الجوار وأنا متأكد من أنها تتابع عن كثب ما يحاول المجتمع الدولي عمله، لا سيما الأمم المتحدة. اسمحوا لي أن أكرر مرة أخرى أن هذه هي الفرصة الوحيدة. فبلدان الجوار تدرك أنه لا بديل للحوار والاتفاق السياسي. ولذلك، فأي تدخل دولي لدعم استمرار القتال لن يساعد، لن يكون من المفيد لليبيين. ينبغي توجيه الدعم الدولي والجهود الدولية إلى دعم الحوار السياسي والعملية السياسية.

شكرا. سعدت بوجودكم