إحاطة وكيلة الأمين العام روزماري ديكارلو لمجلس الأمن بشأن الوضع في ليبيا

وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية والسلام، السيدة روزماري ديكارلو خلال إحاطتها لمجلس الأمن حول ليبيا / صور الأمم المتحدة ©

16 مارس 2022

إحاطة وكيلة الأمين العام روزماري ديكارلو لمجلس الأمن بشأن الوضع في ليبيا

 

إحاطة وكيلة الأمين العام روزماري ديكارلو لمجلس الأمن بشأن الوضع في ليبيا

السيد الرئيس،

أشكركم على إتاحة الفرصة لإطلاع مجلس الأمن على الوضع في ليبيا.

حدثت تطورات جوهرية عدة في البلاد منذ إحاطتي الأخيرة إلى المجلس في 24 كانون الثاني/ يناير، حيث تواجه السلطة التنفيذية في ليبيا أزمة يمكن أن تؤدي، إن تركت دون حل، إلى انعدام الاستقرار ووجود حكومتين موازيتين في البلاد، فيما تبذل الأمم المتحدة جهوداً كبيرة لحل هذه الأزمة، حيث نسعى إلى الجمع بين الأطراف الليبية للاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تم احراز بعض التقدم في جهود إعادة توحيد المصرف المركزي.

وعلى المسار الأمني ​​يتم التركيز حالياً على حماية عمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) من الآثار السلبية للأزمة السياسية وتيسير احراز تقدم بشأن انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب.

ومما يؤسف له أن اوضاع حقوق الإنسان والاوضاع الإنسانية ما تزال مصدر قلق.

  

السيد الرئيس،

اسمحوا لي أن اتطرق بشكل موسع للنقاط الموضحة أعلاه،

فبعد تأجيل الانتخابات الوطنية، التي كان من المقرر اجراؤها في كانون الأول/ ديسمبر 2021، انصبّ تركيز مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على تعيين حكومة مؤقتة جديدة. كما اتفق المجلسان على صياغة عملية تهدف إلى تعديل المقترح الدستوري لعام 2017 وتحديد المسار نحو الانتخابات.

وفي 10شباط/ فبراير، اعتمد مجلس النواب التعديل الدستوري الثاني عشر بعد التوصل، حسبما ورد، إلى  توافق مع المجلس الأعلى للدولة.

وتدعو العملية المنصوص عليها في التعديل الدستوري إلى تعيين لجنة لمراجعة الدستور من قبل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وذلك بحلول 24 شباط/ فبراير، وتمثل هذه اللجنة أقاليم ليبيا الثلاث، غير ان لجنة المراجعة هذه لم تتبلور قط.

وفي 10 شباط/ فبراير، قام مجلس النواب أيضاً، وبتأييد من 52 عضواً من المجلس الأعلى للدولة، بتعيين السيد ففتحي باشاغا، وهو وزير داخلية سابق، لتشكيل حكومة جديدة تُعرض لاحقاً على مجلس النواب للتصويت على منحها الثقة.

 وأحيطت الأمم المتحدة علماً بعمليتي التصويت على التعديل الدستوري الثاني عشر وتعيين رئيس الوزراء. وأشرنا على مجلس النواب بأن التصويت على الثقة في الحكومة الجديدة المقترحة يجب أن يكون شفافاً ومتسقاً مع القوانين واللوائح الليبية.

ومع ذلك، رفض المجلس الأعلى للدولة في 24 شباط/ فبراير تشكيل حكومة جديدة والتعديل الدستوري الثاني عشر.

وفي 1 آذار/ مارس، أجرى مجلس النواب تصويتاً لمنح الثقة للحكومة الجديدة. وتلقت الأمم المتحدة تقارير تفيد بأن التصويت قد شابته عيوب إجرائية وتهديدات باستخدام العنف ضد بعض أعضاء المجلس وأسرهم. وأثرت أوجه القصور هذه على مصداقية العملية.

وفي بيان صدر في 2 آذار/ مارس، أعرب الأمين العام عن قلقه من أن عملية التصويت لم ترقّ إلى معايير الشفافية والإجراءات.

وعلى الرغم من ذلك، وفي 3 آذار/ مارس أدى أعضاء وزارة السيد باشاغا اليمين امام مجلس مجلس النواب.

ومنذ  إجراء عملية التصويت في 1 آذار/ مارس، ظل الوضع على الأرض هادئاً نسبياً. ومع ذلك، فقد لاحظنا تصاعد خطاب التهديد وتنامي التوترات السياسية وانقسام الولاءات بين المجموعات المسلحة في غرب ليبيا، فيما رفضت قيادة حكومة الوحدة الوطنية شرعية التصويت، قائلة بإنها لن تسلم السلطة الا لحكومة منتخبة. وفي ذات الوقت، أصر السيد باشاغا على أنه رئيس الحكومة الشرعية.

 

 السيد الرئيس،

 أولويتنا هي التركيز على تحقيق تطلعات أكثر من 2.8 مليون ليبي سجلوا أسماءهم للتصويت. وينبغي أن يتسنى لهم اختيار قادتهم من خلال انتخابات ذات مصداقية وشفافة وشاملة وفقاً لإطار دستوري وقانوني متفق عليه.

وقد واصلت المستشارة الخاصة للأمين العام، السيدة ستيفاني وليامز، مشاوراتها مع عدد كبير من ممثلي الجهات الفاعلة السياسية والأمنية الليبية والمجتمع المدني.

 

 

 

وتركز الأمم المتحدة جهودها صوب بناء توافق بين المؤسسات الليبية بغية تنفيذ الانتخابات في أسرع وقت ممكن.

 

ونسعى لعقد اجتماع للجنة مشتركة من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بهدف التوصل إلى اتفاق بين كلا المجلسين حول قاعدة دستورية تفضي إلى انتخابات في هذا العام.

 

وفي 3 آذار/ مارس، وجهت المستشارة الخاصة وليامز دعوة إلى رئيسي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتسمية ستة أعضاء من كلا المجلسين لتشكيل هذه اللجنة المشتركة. ولاقت المبادرة قبولاً من جانب رئيسي المجلسين.

 

ويوم أمس، قام المجلس الأعلى للدولة بتسمية ممثليه في هذه اللجنة المشتركة. ونتوقع من مجلس النواب أن يقوم بالمثل في الأيام المقبلة لتفادي مزيد من التأخير لهذه العملية.

 

ومما يبعث على الارتياح الدعم الذي لقيته مبادرة الأمم المتحدة ليس من جانب الليبيين فحسب وإنما من المجلس الرئاسي أيضاً. كما ورحب الشركاء الدوليون أيضاً بهذه المبادرة.

 

وفي سياق منفصل، عرضت المستشارة الخاصة وليامز تقديم مساعيها الحميدة للوساطة بين السيد دبيبة والسيد باشاغا وذلك لتجاوز الأزمة السياسية القائمة.

 

 

 

السيد الرئيس،

إذا استمر الانسداد بشأن شرعية السلطة التنفيذية، فلربما تشهد ليبيا مرة أخرى وجود إدارتين متوازيتين. الأمر الذي قد يؤدي إلى انعدام الاستقرار ولربما نشوب اضطرابات ـوتسديد ضربة موجعة لإمكانية إجراء الانتخابات.

 فقد حدثت تطورات مقلقة منذ التصويت على منح الثقة الذي أجراه مجلس النواب في 1 آذار/ مارس. حيث ما تزال الرحلات الجوية المحلية بين طرابلس والمدن في شرق ليبيا معلقة بينما تحركت القوات المؤيدة لكلا الطرفين في غرب ليبيا في 9 و 10 آذار/ مارس متجهة نحو العاصمة. وقد تباحثت المستشارة الخاصة وليامز مع كلا الطرفين وتمكنت من التخفيف من حدة التوتر.

 

وتستمر الأمم المتحدة في حثها لكلا الطرفين على الدخول في حوار بنّاء بغية حل الانسداد السياسي والابتعاد عن اتخاذ اجراءات من جانب واحد يمكن أن يفضي إلى مزيد من الانقسامات.

 

السيد الرئيس،

 بالنسبة للمسار الأمني، تستمر اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) باتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ خطة العمل الخاصة بانسحاب المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.

 

وتواصل وحدة مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للبعثة العمل عن كثب مع لجنة (5+5) بغية إنشاء مركز يسمح لها العمل من سرت.

 

السيد الرئيس،

 ما يزال القطاع الاقتصادي في ليبيا يعاني من انعدام الرقابة ومن الغموض الذي يكتنف الإنفاق العام. ونظراً لعدم وجود موازنة وطنية مصادق عليها للعام 2021، فإن مصرف ليبيا المركزي صرف المدفوعات الخاصة بمرتبات القطاع العام والإعانات وفقاً لآخر ميزانية تمت المصادقة عليها.

 

ويجري استكمال هذه المدفوعات بتدابير استثنائية للإنفاق طلبتها حكومة الوحدة الوطنية من المصرف المركزي.

 

وتسبب اللغط الذي طال مدفوعات الميزانية في إعاقة عمل المؤسسة الوطنية للنفط. ففي 9 كانون الثاني/ يناير، كانت المفاوضات التي دارت بين حكومة الوحدة الوطنية وحرس المنشآت النفطية حول عدم دفع المرتبات السبب في تفادي إيقاف انتاج النفط في أجزاء من البلاد.

 

وبالرغم من هذه المخاوف، إلا أنه يسرني أن أبشركم بأن محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه أطلقا برنامجاً لإعادة توحيد المؤسسة بناءً على توصيات المراجعة المستقلة للمصرف والتي جرت في تموز/ يوليو 2021.

 

السيد الرئيس،

ما يزال وضع حقوق الإنسان في ليبيا مبعث قلق عميق. فقد رصدت البعثة تصاعداً في خطاب الكراهية والتشهير والتهديد، فضلاً عن التحريض على العنف وارتكاب أعمال عنف بحق الناشطين والصحفيين والفاعلين السياسيين بمن فيهم النساء.

 

وتستمر الأطراف التابعة للدولة وتلك غير التابعة للدولة في القيام باعتقالات تعسفية واحتجاز لناشطين حقوقيين. ففي شرق ليبيا، على وجه التحديد، كثيراً ما طبقت قوانين الأمن القومي على نحو تعسفي. وفي الوقت ذاته، شاب المرافعات في المحاكم العسكرية انعدام الإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمات العادلة.

 

وما تزال السلطات الليبية تعترض سبيل المهاجرين واللاجئين ممن يشقون عباب البحر وتحيلهم إلى مراكز احتجاز رسمية وغير رسمية يقاسون فيها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حسبما أفيد. وقد ورد أيضاً حدوث حالات وفيات اثناء الاحتجاز بالإضافة إلى التعذيب والتجويع والابتزاز.

 

وتجدد الأمم المتحدة تأكيد استعدادها للعمل مع السلطات الليبية لتعزيز إدارة ملف الهجرة ومراقبة الحدود بما يتسق والقانون الدولي وبالتعاون مع الشركاء الدوليين.

 

السيد الرئيس،

 

 وفما يخص الوضع الإنساني، سجلت الأمم المتحدة المزيد من الانخفاض في عدد النازحين داخل البلاد من 179000 نازح في أواخر العام 2021 إلى 168000 نازح حتى تاريخ 5 آذار/ مارس.

 

ومع ذلك، فإن قيام السلطات المحلية بالإخلاء الإجباري يثير قلقاً متنامياً. وتبقى من أولى الأولويات ضرورة إيجاد حلول مستدامة لضمان الأمن الشخصي والمادي والقانوني للنازحين داخل البلاد.

 

السيد الرئيس،

تواجه ليبيا الآن مرحلة جديدة من الاستقطاب السياسي المقترن بخطورة انقسام مؤسساتها مجدداً وتقويض المكاسب التي تحققت خلال العامين المنصرمين. 

 

وبحكم تجربتنا، فإننا نعلم ما الذي تخبئه لليبيا الإجراءات أحادية الجانب وحكومة منقسمة ومرحلة انتقالية لا نهاية لها. وما نزال مقتنعين بأن الحل الوحيد للانسداد القائم يكمن في انتخابات تتسم بالمصداقية والشفافية والشمول تقوم على إطار دستوري وقانوني سليم.

 

وهنا أحث أعضاء مجلس الأمن على نقل هذه الرسالة إلى الأطراف الليبية والمطالبة بقيادة مسؤولة للمؤسسات الليبية وعلى البقاء على كلمة سواء دعماً لجهود الأمم المتحدة الرامية لمساعدة ليبيا في مسيرتها لتصبح بلداً يعمه السلام والاستقرار.

 

شكراً لكم سيادة الرئيس