بيان الممثل الخاص للأمين العام مارتن كوبلر لمجلس الأمن

8 فبراير 2017

بيان الممثل الخاص للأمين العام مارتن كوبلر لمجلس الأمن

"2017: عام القرارات"

 

السيد الرئيس، أعضاء المجلس الموقرين،

أولاً: أود أن أتقدم بالتهنئة إلى أوكرانيا على ترؤس المجلس هذا الشهر

السيد الرئيس،

لقد مضى أكثر من عام على توقيع الاتفاق السياسي الليبي في الصخيرات.

لقد تم قضاء ذلك العام، عام 2016، في السعي إلى تنفيذ الاتفاق والبدء في إعادة إرساء سلطة الدولة في جميع أنحاء ليبيا.

وبينما لم يتم إحراز ما يكفي من التقدم، فقد تم تحقيق بعض المكتسبات الهامة.

فلا يزال المجلس الرئاسي والمؤسسات الاقتصادية الليبية يعملون معاً على صرف الأموال من ميزانية عام 2017. وسوف تمكن هذه الميزانية مؤسسات الدولة من تقديم الخدمات الأساسية التي توجد حاجة ماسة لها.

وارتفع إنتاج النفط إلى أكثر من 000 700 برميل في اليوم. وهذا يوفر للدولة الليبية الإيرادات التي هي بأمسّ الحاجة إليها.

وعلى الصعيد الأمني، فإن تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان قبل عام واحد يوسّع من أراضيه في ليبيا، لم يعد يسيطر على أي أراضي. غير أنه لا يزال يشكل تهديداً.

مرة أخرى أقف إجلالاً لأرواح أولئك الذين قضوا نحبهم وهم يقاتلون ضد الإرهاب في ساحات المعارك في سرت وبنغازي وغيرها.

السيد الرئيس،

على الرغم من هذه المكتسبات، فإن الليبيين ليسوا بعد في وضع يمكّنهم من معالجة الأسباب الجذرية للانقسامات. لذا فإن عام 2017 يجب أن يكون عام القرارات:

قرارات بشأن إدخال تعديلات محتملة محدودة على الاتفاق السياسي الليبي، التي من شأنها تمكين مجلس النواب من المصادقة على حكومة الوفاق الوطني.

قرارات بشأن كيفية تشكيل جيش وقوة شرطة قويين. عندها فقط يمكن تسريح الجماعات المسلحة على نحو فعال.

قرارات بشأن كيفية الاستفادة بأفضل شكل ممكن من عائدات صادرات النفط والغاز لما فيه منفعة جميع الليبيين ولوضع حد للأوضاع الإنسانية المتردية في البلاد.

السيد الرئيس،

أود أن أطلعكم على معلومات جديدة متعلقة بالنقاط التي وضعتها أمامكم خلال إحاطتي الأخيرة.

أولاً، بشأن القضايا السياسية الحالية:

شهد الشهران الماضيان تقدماً ملحوظاً وتقارباً في الآراء بين الشرق والجنوب والغرب حول التعديلات المحتملة للاتفاق السياسي الليبي.

إذ تتفق الأكثرية على المبادئ التالية:

- أولاً، يجب أن يظل الاتفاق السياسي الليبي إطار العملية السياسية.

- ثانياً، يجب إيجاد الحلول من خلال حوار يشمل الجميع – وليس من خلال العنف.

- ثالثاً، ينبغي أن يقوم مجلس النواب باعتماد التعديلات المحتملة في الاتفاق السياسي كحزمة، يتبعها تعديل دستوري واعتماد حكومة الوفاق الوطني.

- وأخيراً، ينبغي أن تتم المناقشات تحت مظلة الأمم المتحدة. غير أن العملية السياسية يجب أن تكون بقيادة ليبية وملكية ليبية. فالليبيون فقط هم من يمكنهم اتخاذ القرارات حول مستقبل ليبيا.

وقد تمت مناقشة إدخال تعديلات محتملة في العديد من الاجتماعات داخل البلاد وخارجها، وخاصة ما يلي:

- مسألة القيادة العليا للجيش؛

- وتسلسل قيادة الجيش، وبشكل خاص دور الجنرال حفتر؛

- والتشكيل المستقبلي للمجلس الرئاسي ودوره.

وإنني على ثقة أنه سيتم التوصل إلى صيغة خلال الأسابيع القادمة يمكن من خلالها اتخاذ قرار حول هذه المسائل وتقديم توصيات للحصول على موافقة المؤسسات ذات الصلة.

ومثّلت المشاورات غير الرسمية التي جرت بين أعضاء الحوار السياسي الليبي في كانون الثاني/يناير في تونس والبيان الختامي الذي صدر في القاهرة في 13 كانون الأول/ ديسمبر منعطفات هامة في تحديد القضايا الخلافية.

مع ذلك، لا يمكن لفرد ولا لجماعة اتخاذ قرار بشأن كيفية المضي قدماً بمفردهم. إذ يجب أن يكون هناك جهد جماعي.

فعلى جميع المؤسسات الليبية أن تضطلع بمسؤولياتها والتزاماتها لتنفيذ الاتفاق. معاً، يمكنها أن تحقق تقدماً في اعتماد الحكومة. فمن خلال ذلك فقط يمكنها تلبية احتياجات المواطنين الليبيين.

وفي هذا الصدد، أحث مجلس النواب على الانتهاء من مداولاته وترشيح الوفد الذي سيشارك في المناقشات الإضافية.

وأود أن أغتنم هذه الفرصة للإقرار بالجهود التي تبذلها دول الجوار والمنظمات الإقليمية التي لا تزال تساهم في تعزيز التوافق.

لقد حضرت مؤتمر دول الجوار في القاهرة في 21 كانون الثاني/ يناير واجتماع لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى في برازافيل برعاية الرئيس ساسو نغيسو في 27 كانون الثاني/ يناير. وقد أثار إعجابي الاتساق في النهج المتبع من قبل دول الجوار والاتحاد الأفريقي على حد سواء.

وقد ساهمت اللجنة الثلاثية التي تشكلت بين الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة في تحسين التنسيق وبناء الثقة.

واتفقنا في اجتماع انعقد في القاهرة في 21 كانون الثاني/ يناير على ربط الاتحاد الأوروبي بهذا المحفل الهام.

وشهدت هذه الأسابيع الأخيرة بحق أفضل ممارسة للجهود فيما يتعلق بكيفية تقريب وجهات النظر بين الليبيين من جانب والاتحاد الأفريقي وجامعة الدولة العربية والاتحاد الأوروبي وبلدان الجوار من جانب آخر.

وهنا آتي إلى نقطتي الثانية، لا يمكن لأية عملية سياسية أن تستمر دون معالجة مسألة الجماعات المسلحة وانتشار الاسلحة. ففيما تخضع بعض هذه الجماعات بصورة إسمية لسيطرة مؤسسات الدولة، إلا أن الكثير من هذه الجماعات تحركها المصالح الضيقة.

إن عملية تشكيل الحرس الرئاسي القائمة تعدّ خطوة في الاتجاه الصحيح.

غير أن الحرس الرئاسي لا يعد بديلاً عن الجيش الليبي الموحد. إنه اجراء انتقالي.

ولا بد من إدماج الحرس الرئاسي بمجرد التوصل إلى توافق بشأن هيكلية قيادة الجيش الليبي الموحد في المستقبل.

ولا بد من تمكين المؤسسات الأمنية الوطنية، بما في ذلك الشرطة، وتطويرها. لا توجد أي بدائل. فبدون جيش قوي وشرطة قوية لا يمكن تسريح الجماعات المسلحة.

مواطنو ليبيا يستحقون الأمن ووضع حد لتفشي الجريمة والخروج على القانون.

ثالثاً، بينما لم يعد لتنظيم الدولة الإسلامية أي سيطرة على الأرض، فإن محاربة الإرهاب لا تزال بعيدة عن الانتهاء.

إذ لا تزال حدود البلاد سهلة الاختراق. والارهابيون ومهربو الأسلحة والعصابات الإجرامية يواصلون استغلال الفراغ الأمني. وجيران ليبيا قلقون بحق من أن يؤثر ذلك على أمنهم.

وأرحب بجهود المنظمات الإقليمية، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي الرامية إلى مساعدة دول الإقليم في تحسين قدراتها والتنسيق فيما بينها.

فالحلول الإقليمية مطلوبة من أجل المعالجة الفعالة والشاملة للتهديدات الأمنية.

لقد حان الوقت الآن لترسيخ الانتصارات التي تحققت بعد جهد شاق في الحرب على الإرهاب. وتسعدني الجهود المبذولة لوضع وتقديم خطط لما بعد التحرير في سرت وبنغازي. وسأستمر في العمل مع المجلس الرئاسي والمجتمع الدولي من أجل الوفاء بالاحتياجات الإنسانية وتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار والتعافي.

رابعاً: شهدت الأشهر الأخيرة تطورات إيجابية في أداء ليبيا الاقتصادي.

إن ليبيا دولة غنية ذات موارد طبيعية وفيرة. ولكن على الرغم من ثروتها فقد تدهورت الظروف المعيشية والخدمات العامة خلال السنوات الماضية.

كما أن الهشاشة المؤسسية وسوء الإدارة المالية والفساد وغيرها من العوامل الأخرى قد أدوا إلى إحداث خسائر.

والآن ليبيا لديها موازنة موحدة. فقد اتفق المجلس الرئاسي والمصرف المركزي على إطار لموازنة عام 2017 بمبلغ 37,5 مليار دينار ليبي.

وتعد تلك فرصة لمعالجة تقديم الخدمات التي تشتد الحاجة إليها.

يجب إعطاء الأولوية لبعض القطاعات.

فالخدمات الصحية غير كافية. عند زيارتي لمستشفى الأطفال في طرابلس، رأيت بنفسي عواقب سوء الإدارة والتمويل غير الكافي. ومع افتقار المستشفى للإمدادات والأدوية الأساسية، كان على الأفراد أن يجدوا بأنفسهم وسيلة لتخفيف معاناة أحبائهم.

كما يجب على المجلس الرئاسي والحكومة تحسين التقديم السيء للخدمات بسرعة ومعالجة التحديات الاقتصادية العالقة.

خامساً: يجب معالجة حقوق الإنسان وسيادة القانون والهجرة غير الشرعية بصورة جدية وشاملة.

حيث تستمر الجماعات المسلحة التي تقوم بالخطف وإساءة المعاملة وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان في تقويض سيادة القانون والإفلات من العقاب. ويجب أن ينتهي ذلك.

وأود أن أشير بشكل خاص إلى محنة المهاجرين. ثروة ليبيا جعلتها منذ أمد بعيد جاذبة للمهاجرين لأسباب اقتصادية. ويستمر عملهم في الإسهام في تنمية البلاد.

غير أن المهاجرين في غاية الضعف. فهؤلاء المحتجزين ليس لديهم أي إمكانية للجوء للقانون ويعانون من ظروف مروعة. وقد مات منهم الكثير.

وفي 13 كانون الأول/ديسمبر نشرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريراً يوضح بالتفصيل الوضع الكارثي وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز. وقد قدمنا توصيات محددة للسلطات الليبية والمجتمع الدولي.

ومع تفهمنا الكامل لمخاوف دول الجوار والإقليم، يجب أن تحترم جميع الإجراءات القانون الإنساني الدولي وكرامة المهاجرين.

أنا أعمل جنبا إلى جنب مع المنظمة الدولية للهجرة، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لمعالجة هذه المشاكل.

وتشمل هذه الجهود إنقاذ الأرواح في البحر، ومكافحة الاتجار بالبشر وتدريب خفر السواحل الليبي. 

كما أود أن أؤكد دعمي المتواصل للمدعي العام الرئيسي في المحكمة الجنائية الدولية.

قد يشكل الاتجار بالبشر جريمة ضد الإنسانية، ويمكن ملاحقتها أمام المحكمة الجنائية الدولية. 

السيد الرئيس،

إن وجود عملية للمصالحة الوطنية التي طال انتظارها هو أمر يتعدى الاتفاقات السياسية والمؤسسية.

توجد حاجة إلى عملية لتضميد جراح سنوات من الصراع والاضطهاد.

عقدنا في كانون الثاني/يناير ورشة عمل في مالطا مع خبراء وناشطين ليبيين لوضع خارطة طريق للمصالحة الوطنية في ليبيا.

نحن بحاجة إلى إيجاد طرق لدعم المصالحة المجتمعية وجعل صداها يتردد على المستوى الوطني.

وسوف نقوم بإنشاء مزيد من قنوات الاتصال بين القيادات التقليدية والحكماء والشباب وأيضا مع النساء، اللاتي كثيرا ما يبقين على هامش هذه العمليات.

السيد الرئيس،

أعضاء المجلس الموقرين

إنني مستبشر بتجدد الجهود الليبية والأنشطة الإقليمية، خاصة بين دول الجوار، لتجاوز الجمود السياسي.

لقد بدأنا في رؤية ظهور توافق بين الأطراف

ينبغي أن يكون العام 2017 عام القرارات والإنجازات السياسية.

وأود أن أشكر مجلس الأمن على دعمه المتسق.

لا يوجد بديل لحل سياسي مستدام بملكية ليبية.

والاتفاق السياسي الليبي يوفر إطارا صالحا لحل الخلافات وإعادة عملية التحول الديمقراطي.

ويحدوني الأمل في أنه بوجود القرارات والإجراءات الجريئة سنرى إنجازاً سياسيا يمكن أن يضع ليبيا في مسار السلام والازدهار والاستقرار.

فشعب ليبيا يستحق ذلك.

شكرا جزيلا السيد الرئيس.