إحاطة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا برناردينو ليون اجتماع مجلس الأمن 15 سبتمبر 2014

16 سبتمبر 2014

إحاطة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا برناردينو ليون اجتماع مجلس الأمن 15 سبتمبر 2014


إحاطة الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا

برناردينو ليون لمجلس الأمن 15 سبتمبر 2014

معروض على مجلس الأمن تقرير الأمين العام (653 / S/2014) عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. ويقدم التقرير تفاصيل عن أعمال البعثة خلال الأشهر الستة الماضية، ويسلط الضوء على بعض التطورات السياسية والأمنية الهامة التي حدثت في ليبيا خلال تلك الفترة. ويقدم قراءة قاتمة للحالتين السياسية والأمنية الآخذتين في التدهور بسرعة في البلد.

ستكون غدا قد مرت ثلاث سنوات على إنشاء المجلس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. ورغم الشعور الأولي بالتفاؤل الذي رافق تأسيس البعثة، نجدنا اليوم أنفسنا في لحظة حرجة فيما يخص التحول الديمقراطي في ليبيا، الذي أضحى عملية سياسية متعثرة، جعلت البلد على شفير نزاع طويل الأمد وعلى أعتاب حرب أهلية.

دأبت منذ تولي مهامي قبل أكثر من أسبوعين تحديدا، على التواصل مع الليبيين من مختلف ألوان الطيف السياسي. وأجريت في 8 أيلول/سبتمبر، أول زيارة رسمية لي إلى ليبيا كممثل خاص، حيث سافرت إلى طبرق، والبيضاء وطرابلس ومصراتة والزنتان. وبعد تبادل وجهات النظر بشكل صريح ومفتوح مع المحاورين الليبيين، فإنني على ثقة في استعداد جميع الأطراف للمشاركة بشكل بناء في جهودنا الرامية إلى استكشاف خيارات لإيجاد طريقة سلمية للخروج من الأزمة الحالية. وقد اعترف الجميع بالخلافات السياسية العميقة والإحساس العميق بعدم الثقة، ومع ذلك، أكد الجميع الحاجة إلى التغلب على تلك الخلافات وإنهاء الأعمال العدائية المسلحة، واستئناف العملية السياسية، في أقرب وقت ممكن من أجل منع المزيد من الاستقطاب والانقسام.

وخلال مناقشاتي مع مجلس النواب المنتخب، الذي اتخذ من طبرق مقرا له في الوقت الحالي، كررت اعتراف المجتمع الدولي الواضح به كسلطة تشريعية وحيدة في البلد. ولكنني عبرت أيضا لأعضائه عن الحاجة إلى قيادة مسؤولة وشجاعة. وبالنظر إلى استمرار غياب مجموعة من البرلمانيين عن جلسات مجلس النواب، فإنني شددت على أهمية اتخاذ خطوات نشطة

وشاملة وفورية لمعالجة الشواغل التي عبر عنها هؤلاء البرلمانيون.

وفي هذا الصدد، مما يشجعني الاستعداد الواضح للمجلس لإبداء المرونة اللازمة، سعيا لحل لأزمة الحالية المحيطة به من خلال الوساطة. لقد تلقيت أيضا إشارات إيجابية من الجانب الآخر، بأنه ينوي التحرك في اتجاه مماثل. كما أتيحت لي أيضا فرصة لقاء أعضاء جمعية صياغة الدستور في مدينة البيضاء. ورغم التحديات السياسية والأمنية الصعبة التي تواجه عملها، فإن مما أثلج صدري ما أبان عنه أعضاء الجمعية من روح المبادرة والاتزام. ووافقت البعثة في ذلك الاجتماع، على تسهيل عقد اجتماع سيجمع مختلف اللجان التي أنشأتها الجمعية مع عدد من الخبراء القانونيين

لتقديم المساعدة التقنية.

وأتيحت لي الفرصة في طرابلس ومصراتة والزنتان، للاجتماع مع مختلف الزعماء السياسيين والشخصيات الرئيسية الأخرى المرتبطة باندلاع الصراع العسكري مؤخرا في طرابلس وضواحيها. وأعربت للجميع عن التزام المجلس تجاه ليبيا، كما كان واضحا في القرار 2174 ) 2014 (، بخصوص مساءلة أي شخص يقوض بنشاط العملية السياسية في البلد، أو يكون مسؤولا عن استمرار الصراع المسلح، أو عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

وأكدت بأن حل الأزمة الليبية الحالية لا يمكن أن يتحقق من خلال الوسائل العسكرية، بل من خلال توافق سياسي على أساس المبادئ الأساسية، بما في ذلك احترام الإعلان الدستوري والعملية لديمقراطية، والانتخابات التشريعية التي جرت في 25 حزيران/يونيه، والكف عن التحريض والاستفزاز، والرفض القاطع للإرهاب، وإجراء عملية سياسية حقيقية شاملة. ويتعين أن يقترن ذلك باتخاذ خطوات على الصعيد الأمني، لتمكين الدولة من تأكيد سيطرتها على المنشآت الحيوية، وممارسة الحكومة سلطتها دون التهديد بالردع المسلح. وتلك المبادئ غير قابلة للمساومة.

وحذرت في كل لقاءاتي، من مخاطر إنشاء عمليات ومؤسسات سياسية موازية، لن تسهم سوى في مزيد من الانقسام والاستقطاب. وعبرت لمن حاوروني عن ضرورة الامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه زيادة تفاقم الانقسامات الحالية، وأكدت على أنه سيتعين التفاوض بشأن أي حل للأزمة الحالية، في إطار الشرعية السياسية الحالية المنبثقة من الانتخابات. وفي حين أكدت الأطراف استعدادها للمشاركة وفقا لتلك المبادئ، لا يزال ثمة غياب كبير للثقة. وسيتعين على الأطراف التحرك بسرعة لتحويل التزامها المعلن إلى أفعال.

وفي الشرق، يهدد تجدد المواجهات العسكرية في بنغازي بوقوع عدد أكبر من الضحايا المدنيين. وفي الغرب، تتواصل حملة لا هوادة فيها من القصف العشوائي مستهدفة قطاعات واسعة من منطقة ورشفانة بالقرب من طرابلس، مما تسبب في معاناة لا توصف للسكان المدنيين. ومن المعروف فرار عشرات آلاف المدنيين من ديارهم. وفقد الكثير منهم، بمن في ذلك النساء والأطفال، أيضا حياتهم جراء عمليات القصف. ولدينا أيضا تقارير موثوق بها، بما في ذلك تقرير تلقيته قبل بضعة دقائق، من مجالس محلية في ورشفانة يفيد عن وجود نقص حاد في الإمدادات الطبية والمزيد من المعاناة. وذهبت مناشداتنا لوقف فوري للعمليات العسكرية أدراج الرياح، وكذلك دعواتنا لوصول المساعدات الإنسانية العاجلة.

ولن يكون بوسع الجهود الرامية إلى حل الأزمة الحالية واستئناف العملية السياسية إحراز تقدم جراء استمرار القتال. وبالرغم من النداءات المتكررة إلى وقف الأعمال القتالية فورا، بما في ذلك من قبل مجلس الأمن، فإن الحالة الميدانية لا تزال هشة ومضطربة للغاية. وما زلت أذكّر جميع الأطراف المعنية بالحاجة الملحة إلى الاستجابة إلى دعوة مجلس الأمن إلى وضع

حد فوري للأعمال العدائية المسلحة في البلد.

وفي طرابلس، ما تزال التقارير الواردة بشأن الهجمات الانتقامية على الأفراد وممتلكات أولئك المرتبطين بحكومة رئيس الوزراء الثني، علاوة على الأفراد المنحدرين من الزنتان، مثيرة للقلق. وقد أخليت المخيمات المنصوبة في طرابلس لإيواء الأشخاص المشردين داخليا من مدينة تاورغاء بسبب المخاوف من عمليات القصف المدفعي والاختطاف، خاصة وأن أحد تلك المخيمات قد تعرض للهجوم في 30 آب/أغسطس. وتلقينا أيضا معلومات تتسم بالمصداقية من شرقي ليبيا عن حالات التخويف وشن هجمات انتقامية أخرى تستهدف الأشخاص المنتمين إلى مدينة مصراتة. وقد أدى العدد المتزايد من ممارسات انتهاك حقوق الإنسان إلى سيادة مناخ من الخوف، الأمر الذي دفع كبير جدا من السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، بمن في ذلك النساء، إلى مغادرة البلد

خوفا على سلامتهم وأمنهم كما هو معلوم.

وما فتئت أذكّر جميع الأطراف أيضا بالتزامهم بعدم أخذ الرهائن، فضلا عن معاملة جميع المحتجزين لديهم بطريقة إنسانية في سياق القتال الذي دار مؤخرا. وأحث جميع الجماعات المسلحة على الإفراج عن المحتجزين أو أو تسليمهم إلى النظام القضائي. ويجب أن تتحمل الجماعات المسلحة أيضا المسؤولية عن مصير أولئك الذين هم تحت سيطرتها ويفترض أنهم من المفقودين. وفي ذلك الصدد، قدّمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، المساعدة في التصدي لمسألة المحتجزين هذه. وقد أعرب كلا الجانبين عن استعدادهما للتعاون.

وبالنظر إلى حجم الحالة الإنسانية في جميع أنحاء ليبيا، فقد اتخذ الفريق القطري للعمل الإنساني التابع للأمم المتحدة الخطوات اللازمة فورا لتعبئة موارد إضافية لتغطية ارتفاع الطلب على الدعم الغوثي. وخلال الشهر الماضي، أرسل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين قافلة مساعدات إنسانية بغرض تقديم المساعدة إلى نحو 12000 شخص من المشردين في بلدة زوارة في غربي البلد. وسيسهم برنامج الأغذية العالمي، الذي يعمل بالفعل على تقديم المساعدة إلى

نحو 50000 شخص من المشردين داخليا، جنبا إلى جنب مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بهدف الوصول إلى 6000 شخص آخرين. وعدا عن ذلك، فقد اتخذت المنظمة

الدولية للهجرة خطوات تهدف لإعادة الآلاف من المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل إلى بلدانهم الأصلية.

وخلال الأسبوعين الماضيين، أجرت أفرقة تابعة للأمم المتحدة تقييما أوليا للتلوث الناشئ عن مخلفات الحرب من المتفجرات في طرابلس نتيجة للقتال الذي دار مؤخرا. ومن الواضح أن حجم التلوث كبير للغاية، وأنه يشكّل خطرا على حياة المدنيين. ويجري النظر حاليا في وضع خطط لنشر أفرقة للتوعية بالمخاطر والتخلص من المعدات المتفجرة على سبيل الأولوية العاجلة.

وبعد مرور ثلاث سنوات على سقوط النظام السابق، فإن الشعب الليبي لم يعد قادرا بعد على تحقيق آماله وتطلعاته إلى مستقبل أفضل، وإلى دولة تكفل سلامتهم وأمنهم. وعليه، فقد أصيب العديد من المواطنين الليبيين بخيبة الأمل في تحقيق التحول الديمقراطي في البلد.

وما تزال الأمم المتحدة ملتزمة بالمهمة التي تضطلع بها في ليبيا، وستواصل حث جميع الليبيين على التغلب على خلافاتهم عن طريق الحوار على سبيل الضرورة الملحّة. وأرى أن ذلك هو السبيل الوحيد لتفادي المزيد من الفوضى والعنف، وللحيلولة دون أن يصبح البلد جاذبا للجماعات المتطرفة والإرهابية.

وليست لدي أية أوهام فيما يتعلق بالصعوبات والتحديات التي تنتظرنا. فالانقسامات السياسية ما تزال عميقة، في حين يكاد الشعور بانعدام الثقة يطغى على كل شيء. وبالنظر إلى انتشار الأسلحة خارج السيطرة الفعلية من قبل السلطات الحكومية، فإن الحالة الأمنية لا تزال هشة للغاية. ومع ذلك، فإنني ما زلت مؤيدا قويا لرغبة الشعب الليبي في الحفاظ على الوحدة الوطنية لبلده وعلى نسيجه الاجتماعي.

ويجب عدم تفويت الفرصة الضئيلة المتاحة لنا للتوصل إلى حل سلمي للأزمة الراهنة. ويجب أن يشرع القادة الليبيون في العمل بسرعة، وأن يسعوا إلى إيجاد حل سياسي عن طريق الحوار الهادف والشامل للجميع. ونظرا للطابع المُلح لهذه الأزمة، فإنني أعتزم المتابعة قريبا عن طريق القيام بمزيد من الزيارات إلى ليبيا. وتستند مشاركتنا - فضلا عن مشاركة المجتمع الدولي في هذا الصدد - وتتيح لنا الجمعية العامة في الأسبوع المقبل فرصا جديدة، فضلا عن انعقاد مؤتمر دولي للجهات الفاعلة الإقليمية في مدريد يوم الأربعاء المقبل - إلى المبادئ الراسخة بشأن التعامل النزيه مع جميع الأطراف، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا واحترام سيادتها الوطنية.