بيان من الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا غسان سلامة عن الملتقى الوطني

9 أبريل 2019

بيان من الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا غسان سلامة عن الملتقى الوطني

لقد نضج الوضع، واجتمعت الشروط الضرورية التي تمكِّن من التوصل لحل فعلي للأزمة الليبية من خلال تسوية سياسية وميثاق مشترك والتزامات مُحدَّدة تحترم الثوابت الوطنية الليبية وتضع البلاد على سبيل التعافي والسلم واستعادة الوحدة والسيادة وتمكين المواطنين من العيش الكريم.

هذا ما توصلنا له من قناعة في الأسابيع الأخيرة، بعد نحو عام ونصف من التشاور الواسع مع كافة الشرائح والفئات الليبية وبعد التعامل المُضني والدقيق مع الإكراهات والضرورات المحلية والإقليمية والدولية. وكنا قد سجّلنا مؤخراً استعداد غالب الأطراف الفاعلة للتنازل عن المصالح الضيّقة والدفع نحو الحل السياسي، واتضحت لدينا صورة عن الخيارات العملية التي يجب وضعها على طاولة الحوار والمبنية على ما عبّر عنه الليبيون بشكل بيِّن من مبادئ ومطالب وخطوط حمر. وبدأنا في دعوة ما تيسّر من شخصيات ليبية لحضور الملتقى الوطني الليبي، لا لتنصيب نخبة سياسية كما تصوّر البعض ولا لتقاسم أية كعكة، بل لحسم الخيارات المتداولة بين الليبيين وللتأكد من أن تكون الصيغ المنبثقة منصفة لكل الليبيين ووفية لما جاء خلال المسار التشاوري الليبي.

ثمّ فوجئنا بدقّ طبول الحرب من جديد بهجوم غير متوقع وعودة الاقتتال بين الليبيين بما يهدد العملية السياسية وأمل الإنفراج المنشود ويزعزع الحد الأدنى من الثقة اللازمة لإطلاق أي حوار مثمر.

لقد قررنا التعامل مع هذا المستجدّ الخطير بحذر ومسؤولية ودون تسرع حتّى لا نسهم في إضاعة الفرصة التاريخية المتاحة ونهدر كل هذا الوقت الذي مرّ على الليبيين من المآسي ومن تدهور للمستوى المعيشي ومن استنزاف لثرواتهم ولصبرهم. لكن هذا الحذر وهذا التأنّي لا يعنيان أبدًا أننا سوف نحيد ولو بأنملة عمّا ما التزمنا به أمام عشرات الآلاف ممن شاركوا في مشاوراتنا وعمّا عبَّرْتُ عنه أنا أمام عموم الليبيين منذ أتيت بلادكم العزيزة: أن نبذل كل ما في وسعنا للذهاب في أقرب وقت لتسوية توحِّد المؤسسات السياسية والاقتصادية بما يضمن قيام دولة سيّدة موحّدة مدنيّة وديمقراطية، تحترم حقوق كلّ مواطنيها وتنصِف كلّ مناطقها وفئاتها الاجتماعية، يتم فيها تداول السلطة سلمياً ويحتكم فيها لصندوق الاقتراع دون غيره.

لذا إنّي أكرّر لكم حرصي أكثر من أي وقت مضى على عقد الملتقى الوطني في أقرب وقت لأنه لا يحقّ لنا أن نسمح بإفساد هذه الفرصة التاريخية. وفي نفس الوقت لا يمكن لنا أن نطلب الحضور للملتقى والمدافع تُضرَب والغارات تُشَنّ، دون التأكد من تمكن كل الذين أبدوا الاستعداد للاستجابة لهذا الواجب الوطني التاريخي من عموم مناطق البلاد ومن تأمين سلامتهم وحريتهم بالتعبير عن رأيهم.

لذا سأعمل بكل ما اوتيت من قوة على عقد الملتقى الوطني الليبي وبأسرع وقت ممكن، دون إقصاء أحد او استثناء أحد، في اليوم الذي تتأمن فيه مجدداً شروط نجاحه، ملحقاً الليل بالنهار لوقف التصعيد، ولتغليب العقل والحكمة، ولمعالجة التصدعات التي اصابت المواقف الخارجية من المسألة الليبية.