احاطة الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة السيد طارق متري، اجتماع مجلس الأمن 9 ديسمبر 2013

9 ديسمبر 2013

احاطة الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة السيد طارق متري، اجتماع مجلس الأمن 9 ديسمبر 2013

سيدي الرئيس،

في حديثي اليكم منذ اكثر من شهر، اشرت الى هشاشة الاوضاع الامنية في ليبيا. ويؤسفني القول انها ما زالت اليوم في الحالة ذاتها وان قلق المواطنين في ازدياد فضلا عن استيائهم. ولقد شهدنا في الاسابيع الماضية تعبيراً عن الاحباط تجاه العملية السياسية وحيال بعض كتائب الثوار، ظهر على نطاق شعبي في عدد من المظاهرات والاعتصامات.

وفي طرابلس، فاقمت المواجهات المسلحة بين نفر من الكتائب الغضب بين الناس. فبعد خلاف بسيط ادى الى تصعيد تلك المواجهات واتساعها في مختلف انحاء المدينة، سارت مظاهرات شعبية، بعد صلاة الجمعة يوم 15 نوفمبر، قاصدة حيّ غرغور وهو معقل لكتائب من مصراته. وكان مجلس طرابلس المحلي وآخرون قد دعوا الى تلك التظاهرات . ووقعت مأساة بلغ عدد ضحاياها 46 شخصاً وسقط خلالها 516 جريحا. بعد ذلك شاركت فئات واسعة من الليبيين في حملة عصيان مدني حتى خروج التشكيلات المسلحة. واستجابت كتائب مصراتة وانسحبت من طرابلس ثم حذت كتائب اخرى حذوها فأخلت بعض مواقعها.

وفي بنغازي، قامت موجة من المظاهرات مطالبة باخراج الكتائب المسلحة وبسط سيطرة الجيش والشرطة. وكان الاستياء الشعبي بلغ مستوى عالياً اثر الاضطراب الامني المتزايد خلال الاسابيع الماضية، وما رافقه من اغتيالات واختطاف مسؤولين امنيين في المدينة كما في درنة. وعيّنت السلطات قائداً عسكرياً لبنغازي مكلفاً باعادة الاستقرار اليها والى محيطها. وانتشرت وحدات من الجيش الليبي على نطاق واسع. الاّ ان المشكلات لم تعالج على نحو كاف،. ورغم هذه الاجراءات ، تعرض قائد منطقة بنغازي العسكري لمحاولة اغتيال في ما بدا مواصلة لسلسلة من العمليات التي استهدفت رموز الدولة. وفي 25 نوفمبر انفجر صراع مسلح بين الوحدات الخاصة وكتائب انصار الشريعة، مما ادّى الى مقتل تسعة اشخاص بالاضافة الى عدد غير معروف من مقاتلي الكتائب المذكورة. واليوم ما زال الوضع مشوباً بالتوتر، رغم الهدنة التي اعلن عنها، واستمرت الاغتيالات التي طالت افراداً من القوات الخاصة.

ورغم اقرار الحكومة نشر الجيش في طرابلس وبنغازي، فان القدرات المحدودة للمؤسسات الرسمية العسكرية والامنية تبقى مشكلة جدية. فهناك شكّ حول شمولية الاجراءات الاخيرة وديمومتها. وان الاحداث الاخيرة سلّطت الضوء مجدداً على الحاجة للحوار مع كتائب الثوار. اننا نؤكد ضرورة ان يشارك جميع الاطراف في الحوار فضلاً عن تحقيق توازن في الحوافز من شأنه ان يحث على عملية دمج الثوار السابقين في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وما يستتبعه ذلك من تسليم للسلاح لكي يكون للدولة الحق الحصري باستخدام القوة.

سيدي الرئيس،

بظل الاوضاع الامنية المضطربة منذ اشهر، سبق لبعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا ان دعت لتعزيز حماية مقراتها. وهو اجراء عادي تتخذه البعثات الدبلوماسية والهيئات الدولية والاقليمية في ليبيا وبلدان اخرى كثيرة. غير ان طلب الامين العام للامم المتحدة بهذا الخصوص والموجه الى مجلسكم الكريم والرّد عليه كانا محلّ سوء فهم من قبل مجموعات وافراد ليبيين ، فوصل بعضهم الى حد الظن ان الترتيبات المقترحة بمثابة تمهيد للتدخل الدولي في ليبيا. ولقد اصدرت الحكومة، واصدرنا، توضيحات تبيّن ما هو بيّن. وسوف نبذل كل الجهود الممكنة لتبديد الشكوك ولتصويب التفسيرات البعيدة من الصحة، مهما بدت غير مبررة، وسوف نشدد، المرة تلو المرة ، على حقيقة دور الامم المتحدة في ليبيا والتزامها الكامل احترام السيادة الوطنية.

سيدي الرئيس،

ما زالت اوضاع المحتجزين، الذين يناهز عددهم الثمانية آلاف، مصدر قلق. فهم ، باكثريتهم، لدى كتائب الثوار ينتظرون الاجراءات القضائية. وان استمرار هذا الوضع خارج سيطرة الدولة ورقابتها، يشكّل بيئة قد يمارس فيها التعذيب وسوء المعاملة. ولقد توفرت لبعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا ادلة تؤكد حصول تعذيب، ووفاة 27 شخصاً في السنتين الاخيرتين نتيجة له، احد عشر منهم في السنة المنصرمة. ان تقريرنا عن التعذيب قد نال ما يستحقه من اهتمام ورحّبت الحكومة بتوصياته.

واننا نسجّل ارتياحنا لتحسن اوضاع مراكز الإحتجاز التي باتت تحت اشراف عناصر الشرطة القضائية الذين تمّ تدريبهم حديثاً. وفي هذا الصدد، سوف تواصل بعثة الامم المتحدة عملها في متابعة اوضاع المحتجزين وفي مساعدة الشرطة القضائية لجهة بناء قدراتها في ادارة مراكز الاحتجاز على نحو ينسجم مع معايير حقوق الانسان الدولية.

ويسرني الترحيب بإقرار المؤتمر الوطني العام مؤخراً قانون العدالة الإنتقالية. ويتضمن القانون الجديد موادا متعلقة بالسعي إلى جلاء الحقيقة وتعويض الضحايا وإطلاق المحتجزين أو تسليمهم إلى القضاء خلال فترة تسعين يوما بعد صدوره. وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قدمت ملاحظات عدة مستوحاة من افضل التجارب وأخذ بعضها بعين الإعتبار. وفي سياق متصل ، أرحب بإطلاق أربعة شخصيات من قبيلة ورفلة كانت محتجزة في الزاوية من دون اتهام ولا محاكمة ولمد ة سنة. أن مبادرات كهذه تسهم في التقدم نحو بناء دولة القانون والسير في طريق المصالحة الوطنية.

سيدي الرئيس،

منذ تقريري الى مجلسكم 4 نوفمبر حول صواريخ ارض-جو المحمولة على الكتف والمواد المسماة الكعكة الصفراء والمحتوية على الأورانيوم ، تلقت بعثة الامم المتحد بعض المعلومات الاولية وطلبت من الحكومة الليبية المزيد من التقارير الموثقة حول الصواريخ ارض-جو التي توجد تحت اشرافها. بالاضافة الى ذلك، تأمل البعثة ان تشهد تعاوناً كبيراً بين الشركاء الدوليين حول انتشار هذا النوع من الاسلحة.

وفيما يختص بالكعكة الصفراء، توفرت لنا معلومات تفيد ان ستة آلاف واربع مائة برميل موجودة في مركز عسكري قريب من سبها و تحت سيطرة فرقة من الجيش. وسوف تقوم بعثة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبالتعاون مع بعثة الامم المتحدة، بزيارة المركز المذكور لمعاينة هذه البراميل والتأكد من توفر شروط تخزينها اللازمة. وبعد تدمير تسعة اطنان متر من غاز الخردل في ابريل ومايو الماضيين، سوف تقوم بعثة من المنظمة الدولة لحظر الاسلحة الكيمائية بزيارة قريبة للتحقق من تدمير الاسلحة الكيمائية طبقاً لالتزامات ليبيا حسب المعاهدة المختصة. وعلى صعيد اخر، قام رئيس الوزراء بتأليف لجنة من عدة وزارات مهمتها وضع سياسة عامة لمسائل تخزين الاسلحة والذخائر. وسوف تقدم البعثة المساعدة الفنية لهذه اللجنة.

سيدي الرئيس،

لقد تواصل العمل في الاعداد لا نتخابات هيئة صياغة الدستور المؤلفة من ستين عضواً. واقفل باب الترشيحات في 7 نوفمبر. ويجري حالياً التدقيق في ملفات سبع مائة مرشحاً، بينهم 74 امرأة ستتنافس على المقاعد الستة المخصصة للنساء. وبدعم من البعثة، تم وضع خطة عمل من قبل شبكة النساء الوطنية الحديثة العهد بهدف اقدار النساء وتعزيز مساهمتهن في العملية السياسية، ولا سيما في الانتخابات المقبلة.

ورغم ان تسجيل الناخبين منذ اول ديسمبر، فان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ما زالت متحفظة لجهة تحديد موعد للاقتراع. ولعلّ احد اسباب ذلك يكمن في مقاطعة الامازيغ للترشيحات. ورغم ان ستة مقاعد خصّصت للمكونات الثقافية، فانه لم يجر التوصل الى حلّ لمشكلة اعتراض الأمازيغ على غياب ضمانات دستورية خاصة بحقوق المكونات الثقافية.

ونظراً لغياب توافق سياسي حول مدة المؤتمر الوطني العام، دعوت في نهاية نوفمبر الى لقاء تشاوري حضره اربعون من قيادات القوى السياسية وعدد من النساء والشخصيات المستقلة، للتداول في الخيارات المناسبة لادارة المرحلة الانتقالية. وعلى غرار اللقاء التشاوري الاول الذي دعوت اليه في 31 اكتوبر الماضي، اتسمت المناقشات بالصراحة واظهرت رغبة مشتركة بين الجميع في الوصول الى اتفاق حول افضل السبل للاستمرار في العملية السياسية على قاعدة الالتزام بالديمقراطية والوعي باهمية تجنب حصول فراغ سياسي، مهما كان الثمن.

سيدي الرئيس،

في الاحاطات السابقة التي قدمتها لكم شدّدت على اهمية الحوار الوطني الجامع ودوره في التخفيف من حدة التناقضات السياسية وفي التوافق على رؤيا للمستقبل، على المدى المباشر والأبعد. صحيح ان عدة مبادرات للحوار قد اطلقت خلال الاشهر الماضية، الاّ ان بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا ما زالت تصرّ على الحاجة الى عملية حوارية واحدة مقبولة من كل الاطراف.

وتقدم البعثة دعماً سياسياً وخبرة فنية، استناداً الى تجارب في بلدات اخرى، على صعيد الاعداد للحوار. ويسرني ان اشير الى شيئ من التقدم في هذا المضمار. فانعقدت ورشة عمل لمدة يومين اتاحت الفرصة لشخصيات ليبية من الاتجاهات السياسية كافة لمناقشة مسائل الحوار مناقشة تفصيلية. واسجّل ارتياحي للتقدم الذي عبّر المشاركون عنه لدور بعثة الامم المتحدة في تيسير ورشة العمل ولدعوتهم البعثة الى مواصلة مساهمتها الفاعلة في انجاح الحوار.

شكراً