الكلمة الافتتاحية للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة، ستيفاني وليامز، في اجتماع ملتقى الحوار السياسي الليبي عبر الاتصال المرئي في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2020

30 ديسمبر 2020

الكلمة الافتتاحية للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة، ستيفاني وليامز، في اجتماع ملتقى الحوار السياسي الليبي عبر الاتصال المرئي في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2020

أشكركم على حضوركم اليوم وأشكركم مرة ​​أخرى على سعة صدركم وصبركم على عقد هذا اللقاء عبر تطبيق زووم. وأود أن أقدم  لكم خالص التهاني مرة أخرى بمناسبة إحياء ذكرى استقلال ليبيا في الرابع والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر، وهو تاريخ يعد الان أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنظر إلى أنه قد تبقى على موعد الانتخابات الوطنية عام واحد وهو ما حددتموه أنتم في اجتماع تونس.

أود أيضاً أن أرحب ترحيباً حاراً بالسيد طارق أبو حيسى الذي انضم إلى الحوار ليشغل مكان الراحل العزيز الدكتور عمر غيث قرميل، النائب عن الدائرة الثامنة. طارق معنا هنا اليوم ونحن نقدر مشاركته في الحوار، ونجدّد  تعازينا إلى عائلة الدكتور عمر وأهله في هذا الوقت العصيب.

وأود ان أتوجه بالشكر ايضاً إلى السيدة زهرة لنقي على الإحاطة الشاملة حول أعمال اللجنة القانونية التي عقدت عدة اجتماعات، وأود أن أتوجه بخالص الشكر أيضاً إلى جميع أعضاء اللجنة القانونية، لقد حضرت الجلسات وهذا مسعى بالغ الجدية. إن ما يفعلونه يشكل تقدماً هاماً في عملية الحوار، كما أود أن أشكر الدكتور عماد السايح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، الذي كرس الكثير من الوقت للتحاور مع اللجنة القانونية ومع ملتقى الحوار ككل وهو ملتزم بذلك مستقبلاً، وأعتقد أنه سيكون هنالك دور هام جداً لجميع المؤسسات للمضي قدماً، كي يتسنى لنا الاستمرار في الالتزام بهذا الجدول الانتخابي الذي قمنا بتحديده في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021 والسنة الجديدة باتت قريبة للغاية.

أود أن أبدأ النقاش اليوم بالإشارة إلى أنه قد تم إحراز بعض التقدم الإيجابي على مختلف المسارات. لقد سمعنا من اللجنة القانونية، كما رأينا أيضاً خلال فترة الاحتفال بعيد استقلال ليبيا أنه كان هناك تبادل للمحتجزين بقيادة اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وانا اتحدث اليكم الان، هناك أخبار عن تبادل عدد آخر من المحتجزين ربما يكون جارياً الآن وهذا بدوره أمر مشجع للغاية. أعتقد أن هذه الأنماط من تدابير بناء الثقة تساعدنا حقاً في بناء الثقة اللازمة عبر مختلف التوجهات التي تقسم بلادكم.

أتواصل بشكل يومي مع اللجنة العسكرية المشتركة وآمل أن نشهد بعض التقدم أيضاً بشأن إعادة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت والذي نعلم أنه مهم جداً لمواطنيكم الذين يريدون التمكن من التنقل في جميع أنحاء البلاد ولإيصال البضائع والخدمات. أريد حقاً أن أشيد بأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) على مثابرتهم وإصرارهم القوي على ضمان التنفيذ التام لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في جنيف في 23 تشرين الأول/ أكتوبر.

كما شهدنا أيضاً بعض التقدم الكبير على المسار الاقتصادي، وقد اجتمعت بعض اللجان الفرعية المنبثقة عن المسار الاقتصادي خلال الاسبوع الماضي قبل العطلة.

وهناك أيضا متابعة مكثفة لاجتماع مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي بشأن توحيد  أسعار الصرف. وهذه الإصلاحات الحاسمة التي نشهدها على المسار الاقتصادي تحتاج إلى الكثير من المتابعة، وهناك أيضاً الاجتماع الذي عقد في جنيف على مستوى فني رفيع بين مختلف المؤسسات والذي سيستمر أيضاً.

 وعلى الصعيد السياسي، أود أن أذكركم مرة أخرى بأن العد التنازلي  قد بدأ في 21 كانون الأول/ديسمبر حيث تم تحديد أطر زمنية واضحة في خارطة الطريق التي اعتمدتموها في تونس وأهنئكم مرة أخرى على ذلك. إن تحديد تاريخ اجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 والطريق إلى هذه الانتخابات إنجاز لا رجعة فيه وهدف لن نتراجع عنه، وأود أن أؤكد على  ذلك.

 نشهد الآن تقدماً تدريجياً على المسارات الثلاثة داخل ليبيا وهي تكمل بعضها البعض، ويجب أن تكون كذلك.

لا يساورني الشك في أن استمرار التقدم على كل المسارات سوف يساعد كثيراً إذا قدر لليبيا أن تتمتع بسلطة تنفيذية موحدة، ولا شك أن الطريق إلى الانتخابات سوف يكون يسيراً أيضاً بوجود سلطة تنفيذية موحدة، ناهيكم عن حقيقة مفادها أن هذا من شأنه أن يعزز ويسهل إلى حد كبير تقديم الخدمات التي تشتد حاجة البلديات إليها والتي يفتقر العديد منها الآن إلى الموارد بشكل كامل.

الآن يأتي الجزء الصعب وقد قضيت الكثير من الوقت معكم بشكل جماعي، وتحدثت مع العديد منكم بشكل منفرد،  وشاركت في اجتماعات اللجنة. ويشرفني دائماً أن أكون جزءاً من مناقشاتكم. لقد كنت شاهدة مباشرة على التعبير الحقيقي عن المخاوف والافتقار إلى الثقة والحاجة إلى تجسير الهوة وما يمكن وصفه بأزمة ثقة بين العناصر السياسية الفاعلة الرئيسية الممثلة هنا في هذا الملتقى وخارجه أيضاً. بيد انه يتعين عليّ الآن أن أطلب منكم على نحو أو آخر تحدي أنفسكم في التغلب على هذه الأزمة.

إن التغيير أمر ليس بالسهل، فهو يتطلب قدراً من الشجاعة ونكران الذات والنظر إلى ما هو أبعد من المصالح الضيقة، وإلى ما هو أبعد من المصالح الشخصية، وأنا أعلم أنكم جميعاً تتحلون بروح وطنية عالية. ولا أزال أعتقد أن هذه العملية لن تتمكن من إحراز المزيد من التقدم، ولن يكتب لها النجاح إذا كان النهج المتبع في هذه المداولات المهمة متمثلاً في حسابات لا تسفر عن شيء يكون فيها إما فائزون واضحون أو خاسرون واضحون، وهي صيغة يكون الجميع خاسراً فيها. وأنا أعتقد أن ما تحتاج إليه ليبيا الآن على وجه السرعة في هذه الفترة بالغة الأهمية، خاصة وانه قد تبقى عام على الانتخابات، ليس صيغة لتقاسم السلطة، بل صيغة لتحمل  المسؤولية بشكل تشاركي، صيغة من شأنها أن تقودكم الى هذه الانتخابات.

وأنا مدركة أيضاً لحقيقة أن الوضع الراهن، الذي يتسم بهذا الانقسام المؤسسي وهذا الخلل الوظيفي الممنهج والتدخل الأجنبي واسع النطاق ليس بديلاً.

ولا يمكننا الانخراط في عملية مفتوحة مستمرة عديمة الافق. نحن لدينا هدف واضح يتمثل في اجراء الانتخابات. هناك حاجة واضحة لتوحيد المؤسسات. ومع ذلك، نواجه عدم إحراز أي تقدم بشأن تحقيق مستوى مقبول من التوافق على آلية لاختيار السلطة التنفيذية.

لذلك وبوصفي وسيطاً بتفويض واضح من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فلدي التزام مهني وشخصي وأخلاقي لمعالجة هذا الانسداد والحفاظ على هذه العملية، وبغية المساعدة في توجيهكم إلى حل وسط مقبول من شأنه المساهمة في تحقيق الهدف الانتخابي وهو الهدف الأساس.

 وينبغي علي هنا أن أشكر الكثيرين منكم ممن قدموا اقتراحات بشأن المضي قدماً، كما يتعين علي أن أشكر أولئك الذين يعملون جاهدين لتجسير الهوة وتعزيز جو من التوافق، وأود حقاً ان أشيد بهذه الجهود.

وبهذه الروحية رأيت أننا بحاجة إلى تشكيل لجنة استشارية تتكون من 15 عضواً لتساعدنا وتساعدكم في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه القضايا الخلافية. وسأمنحكم مهلة يومين بدءاً من اليوم حتى مساء الجمعة لتقديم أو إعادة تأكيد ترشيحاتكم لهذه اللجنة وسنبدأ العمل بسرعة. ويتعين دعم كل ترشيح بثلاثة تواقيع وستقوم البعثة بعد ذلك بوضع الصيغة النهائية لعضوية اللجنة مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى تحقيق التوازن بين جميع المكونات بما في ذلك التوازن بين الجنسين وتمثيل الشباب والمكونات العرقية المختلفة. وسيكون مساء الجمعة هو آخر موعد لتقديم الترشيحات، ثم نقوم بعدها بالانتهاء من تحديد عضوية اللجنة.

وسيكون عمل هذه اللجنة محدداً بإطار زمني، لا نريد عملية مفتوحة دون حدود، لأنها ستكون عملية مقيدة زمنياً، وسأمنح اللجنة أسبوعين لمناقشة القضايا العالقة وتقديم توصيات ملموسة وحقيقية للجلسة العامة لاتخاذ قرار بشأنها، لذلك فسيكون دور اللجنة استشاري.

وأدعوكم الآن فرداً فرداً إلى التحلي بروح الشجاعة التي تهدف الى التوافق والاستعداد لتقديم التنازلات. وينبغي علينا جميعاً بشكل جماعي أن نرتقي إلى مستوى هذه المهمة من أجل مواطنيكم وإخوانكم وأخواتكم وبناتكم وأبنائكم.

أطلب ذلك منكم الآن، لأن الوقت ترف لم نعد نتمتع به في هذه العملية، خاصة إذا كان ما تريدونه - وأعتقد أن هذا بالفعل ما تريدونه - هو حل من صنع ليبي. وما لا تريدونه هو المجازفة بقبول حل يأتي من خارج ليبيا ويتم فرضه عليكم بطريقة أو باخرى ، وأنا متأكدة من أن هناك من يعتقدون، بكل سذاجة، أن بإمكانهم الاستفادة، أو ربما هناك مجموعة تستطيع الاستفادة، من مثل هذا الحل الذي يأتي من مكان آخر غير ليبيا، غير إنني في النهاية أرى أن هذا يمثل تنازلاً عن سيادة ليبيا وأعتقد جازمة أن بمقدوركم أن تجعلوا هذا الحل حلاً ليبياً خالصاً، وأرجوكم أن تساعدوا أنفسكم في هذا الصدد.

شكراً لكم وأتمنى أن تأخذوا اقتراحاتي بشأن المضي قدماً بروح تساعد حقاً في الحفاظ على هذه العملية ودفعها إلى الأمام.