برناردينو ليون، في افتتاح الاجتماع الخاص بمسار البلديات الليبية المنعقد في تونس، 29 مايو 2015

previous next
30 مايو 2015

برناردينو ليون، في افتتاح الاجتماع الخاص بمسار البلديات الليبية المنعقد في تونس، 29 مايو 2015

الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، برناردينو ليون، في افتتاح الاجتماع الخاص بمسار البلديات الليبية المنعقد في العاصمة التونسية، تونس، 29 أيار/مايو 2015:

سعادة الوزير البكوش المحترم
السادة العمداء والممثلين من البلديات الليبية المحترمين
حضرات السفراء وممثلي المجتمع الدولي الموقرين
أيها السيدات والسادة

واسمحوا لي أن أحيي بشكل خاص السيدات لأنه في الاجتماع الأخير في بروكسل اتفقنا جميعاً على أنه سيكون أمراً إيجابياً دائماً حضور مزيد من السيدات في الاجتماع وأرى أن العدد قد ازداد. وأعتقد أننا يمكن تحسينه أكثر قليلاً. غير أنه من دواعي سروري أن أرى أن هناك حضوراً متزايداً للنساء في اجتماعاتنا كأمر إيجابي للغاية.

إنه لمن دواعي سروري أن نستضيفكم. إذ تلعب البلديات دوراً حاسماً في التغلب على الأزمة والنزاع في ليبيا. وقد قطعنا بالفعل شوطاً طويلاً منذ أن بدأنا بالعمل في كانون الثاني/يناير الماضي. وأنتم في الصدارة. إذ تظهر البلديات لبقية الجهات الفاعلة في المجتمع السياسي والمدني الطريق الذي يتعين إتباعه. ما قمتم وتقومون به هام للغاية ومن الأهمية بمكان مواصلة ذلك في الأسابيع المقبلة. لأننا قد وصلنا حقاً إلى لحظة الحقيقة.

وبنفس القدر من الأهمية التي تعنيها الإشادة بالدور الذي تؤديه البلديات والعمداء حالياً وفي المستقبل، أود أن أبدأ مشاركتي اليوم بالإشادة بالدور الهام جداً الذي تلعبه الدول المجاورة في ليبيا وأهمها تونس.

لتونس تاريخ طويل من العلاقات مع ليبيا - فمنذ بدء الأزمة، وهي تُظهر روح الأخوة والتضامن مع الأخوة الليبيين مع تواجد أكثر من مليون ليبي في البلاد. كما أصبحت تونس مرجعاً للمنطقة بأسرها، بصفتها البلد الذي تمكن من التغلب على الأزمة من خلال الحوار وبناء ديمقراطية قوية وشاملة وقد أشاد جميع أعضاء المجتمع الدولي بذلك وأثنوا عليه. وعلى الصعيد الشخصي، فإن سعادة الوزير البكوش الذي أعرفه عندما عملت معه لفترة طويلة، والذي يمتلك خلفية قوية من خلال عمله في المجتمع المدني وفي مجالات حقوق الإنسان، هو واحد من الشخصيات الرئيسية التي صنعت التاريخ في هذا البلد، ولذا فإنه لشرف لي ومن دواعي سروري، سعادة الوزير، أن أكون معكم هنا اليوم.

وكما قلت فقد قطعنا حقاً شوطاً طويلاً منذ أن بدأنا في العمل. ففي كل مرة نلتقي فيها بممثلين من الأحزاب السياسية ومن البرلمان ومن أي مؤسسة من المؤسسات نجد أنهم جميعاً مدركون للدور الهام جداً الذي تلعبه البلديات. أنتم تمثلون المجتمع المدني، وفي الوقت نفسه شخصيات منتخبة، لذا فأنتم أيضاً شخصيات سياسية وتتمتعون بالقوة النابعة من الاتصال المباشر مع مواطنيكم.

ليس هناك من هم أكثر وعياً منكم بمعاناة الشعب الليبي وليس هناك من هم أكثر وعياً منكم بالحاجة لتوفير حلول للأزمة، وأعني الأزمة الإنسانية، ولجميع المشاكل التي يعاني منها اليوم بلد غني مثل ليبيا. وهذه الأزمة الإنسانية تعني في بعض الحالات وضعاً صعباً للغاية للأشخاص الذين يحتاجون للدواء والعلاج الطبي، والذين يحتاجون إلى الغذاء. ففي بعض المدن، والبعض منها ممثلة هنا اليوم، الوضع مأساوي بالفعل. لذا من المهم للغاية مواصلة استباق الأخرين والتقدم خطوة من خلال هذا المنتدى. من المهم جداً أن نخرج بحلول حقيقية. علينا أن نكون جريئين وهذا هو الوقت المناسب للتحلي بالجرأة والشجاعة ومواصلة إيضاح الطريق من قبل البلديات لبقية الشعب الليبي.

تعلمون أن المجتمع الدولي ممثل هنا اليوم وسوف تقوم الأمم المتحدة بدعمكم بقوة في هذه الجهود.

لدينا العديد من الأمثلة. أعتقد أننا سنسمع اليوم من ممثلي تاورغاء ومصراتة عن جهودهم الرامية إلى حل المشاكل التي يعاني منها نازحو تاورغاء. وأعتقد أننا جميعاً نتفق على أن هذه هي بالضبط الطريقة الملموسة التي يمكن للبلديات حل مشاكلها من خلالها.

ليست هذه هي الحالة الوحيدة. فهناك العديد من البلديات التي تتحاور وتناقش عمليات وقف إطلاق النار المحلية، وهذه هي الطريقة الملموسة التي ذكرتها قبل ذلك والتي يجب أن تكون مثالاً ومرجعاً لبقية الليبيين.

لم يكن أنتم من بدأ هذه الحرب غير أنكم يمكن أن تقوموا حقاً بدور رئيسي في إنهاء هذه الحرب وفي حل معظم المشاكل الإنسانية التي تواجه الليبيين اليوم. وسنناقش في جدول الأعمال المزيد من المشاكل التي يعاني منها النازحون والأشخاص الذين تم احتجازهم وخطفهم وكثير من حالات حقوق الإنسان التي رأيناها. كما رأينا أيضاً في الآونة الأخيرة كيف أن الحوار بين البلديات يمكن أن يكون فعالاً للغاية في المساعدة على إيجاد الحل. وقد رأينا في الآونة الأخيرة حالات مماثلة في غريان والزنتان وغيرها. ولحسن الحظ لدينا عدد لا بأس به من الأمثلة في جميع أنحاء البلاد، ومن المهم جداً الاستمرار في استثمار هذه الجهود.

وفي الوقت نفسه تعلمون أننا في الأشهر الأخيرة بدعم ومساهمة منكم كنا نعمل في الحوار السياسي.

لقد قدمنا مقترح مسودة. وقد لقيت ردود فعل متباينة من مختلف الجهات الفاعلة. ونتلقى حالياً ملاحظات وتعليقات من جميع الأطراف المعنية وجميع الأطراف المشاركة في الحوار، وبطبيعة الحال، يتعين على البلديات أن تلعب دوراً هاماً في هذا الجهد وأن تواصل أداء هذا الدور.

ونحن نعمل الآن على هذه الملاحظات وعلى تلك التي سوف نتلقاها من بعض الأطراف المعنية الرئيسية لتضمينها في المسودة الجديدة. ومن المفترض أن تحتفظ المسودة الجديدة بجميع العناصر الإيجابية التي تضمنتها المسودة التي قدمناها سابقاً من حيث الهيكل المؤسسي وروح الشمولية ولكننا نعتقد أيضاً أنه يمكن معالجة بعض القضايا العالقة، وبعض من سوء الفهم، وبعض من العناصر التي لم تطمئن تماماً جميع الأطراف الفاعلة والتي احتوتها المسودة الثالثة.

وهذا هو ما نحاول القيام به الآن وما سنحاول القيام به في الأيام المقبلة. إذ سوف تقوم المسودة على البنية المؤسسية التي تلعب فيها البلديات، المجلس الأعلى للبلديات، دوراً هاماً للغاية. ومن الأهمية بمكان أن تستمر المساهمة الإيجابية التي قدمتها البلديات حتى الآن في الحوار السياسي في هذه المرحلة الحاسمة التي من شأنها أن تساعد ليبيا على العودة إلى المرحلة الانتقالية، إلى انتقال حقيقي إلى الديمقراطية وإلى بناء حقيقي للدولة.

سوف تعمل البلديات جنباً إلى جنب مع مجلس النواب كبرلمان، وسوف تعمل جنباً إلى جنب مع مجلس الدولة، وهو المؤسسة التي يجب أن تلعب دوراً رئيسياً في هذه البنية ولكن بشكل خاص مع حكومة الوحدة الوطنية. إذ ينبغي أن تكون حكومة الوحدة الوطنية هذه حكومة قوية ويجب أن تمثل المؤسسة التي تساعد ليبيا وتساعد جميع الليبيين على التغلب على هذا الوضع بدعم من المجتمع الدولي.

في الأسابيع المقبلة، تنوي الأمم المتحدة الانتهاء منها قبل نهاية الأسبوع الأول من حزيران/يونيو، أو بداية الأسبوع الثاني من حزيران/يونيو. إذ من المفترض أن تكون المسودة الجديدة جاهزة ويجب أن تناقش من قبل جميع الليبيين.

سوف نواصل العمل بنفس الروحية التي عملنا بها حتى الآن من خلال الشفافية والتعاون مع جميع الجهات الفاعلة والاحترام وبشكل يشمل الجميع والأهم من ذلك ضمان أن تكون العملية ذات ملكية ليبية. إذ لن تنجح هذه العملية إذا كانت فرضاً دولياً، أو تم فرضها على الجهات الفاعلة الليبية. إذ يجب ان تأتي من الليبيين ومن المجتمع الليبي وليس هناك من هو أقرب إلى المجتمع الليبي من البلديات ومن العمداء. لذلك أنا أصر على أن مساهمتكم في هذا الجهد، في الحوار السياسي، لا سيما في هذه المرحلة الحاسمة لإعداد مسودة رابعة جديدة مهمة للغاية.

سوف نواصل العمل في المسارات الأخرى. من المفترض أن نجتمع بشأن المسار الأمني في الأيام القادمة. وأود أيضاً أن أطلب دعمكم لذلك. لأننا جميعاً نعلم الدور الذي تلعبه الميليشيات والجهات العسكرية والجيش في النزاع وجميعنا يعلم أننا بحاجة إلى مساهمتهم الإيجابية والبناءة من أجل إنجاح هذه العملية.

مرة أخرى، أعلم أنه بما أن البلديات مقربة جداً من الجهات الفاعلة ذات الأهمية البالغة على أرض الواقع، فبإمكانكم أيضاً استخدام نفوذكم واتصالاتكم لتشجيع جميع هذه الجهات العسكرية على المساهمة بشكل إيجابي في هذه العملية. لذا، في الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة أرجو استخدام تأثيركم الإيجابي لمساعدتنا في تحقيق النجاح في المسار الأمني.

اسمحوا لي أن أصر على أهمية الرسالتين اللتين نعتقد أنكم ترغبون، بعد الاستماع لكم جميعاً، التركيز عليهما اليوم. أولها رسالة قوية جداً وواضحة جداً لجميع المشاركين في الحوار السياسي وجميع الليبيين بأن هذا هو الوقت المناسب للتوصل إلى الحل. لقد أمضينا ستة أشهر نتحاور ونستمع إلى بعضنا البعض غير أنه قد آن الأوان لإبرام اتفاق. نحن جميعاً نعلم ما الممكن وما هو غير ممكن. لقد استمعنا إلى بعضنا البعض لفترة طويلة. وقد حان الوقت للتوصل إلى اتفاق نهائي، إلى حل نهائي. نحن نعلم جميعاً انها ليست لعبة من دون محصلة يخسر فيها طرف ويفوز طرف آخر. إذ يتعين أن ينتصر جميع الليبيين، أن يفوز جميع الليبيين في هذه العملية.

ليس بالإمكان القيام بهذه العملية بحيث يحصل جانب واحد على كل شيء ولا يحصل الجانب الآخر على أي شيء. إذ يجب أن يكون النجاح جماعياً. يجب أن تتصف العملية بالكرم والمرونة. وهذا هو الوقت للاتفاق على هذا الاتفاق النهائي.

لذ فإن رسالتي الأولى، التي أصر على أنها نابعة منكم ومن كل المشاورات التي أجريناها معكم في الأسابيع الأخيرة، هي رسالة قوية جداً أرسلها هذا المنتدى اليوم إلى جميع الأطراف السياسية الفاعلة، "فلنبرم الاتفاق ولنبرمه الآن". فهو مهم للغاية.

أما الرسالة الثانية، القائمة أيضاً على أمثلة كثيرة من البلديات الممثلة هنا اليوم ومن الجهود المبذولة في الأسابيع الأخيرة، فهي بشأن التوصل إلى اتفاقات محددة بشأن وقف إطلاق النار، وتبادل السجناء، وقضايا حقوق الإنسان، وحل المشاكل العملية، وحل المشاكل التي يعاني منها النازحون. ومن المهم جداً التركيز على هذا أيضاً، وأي عمل بإمكانكم القيام به اليوم لإحراز تقدم في بعض هذه الاتفاقيات الملموسة التي سنقوم بالتركيز عليها والتي ينبغي علينا إيصالها إلى الشعب الليبي، سيكون له تأثير إيجابي للغاية على مجمل العملية السياسية.

لذا فإن هاتين الرسالتين، وهما أن الوقت قد حان لإبرام الاتفاق وتحقيق نتائج ملموسة للبلديات، ستمثلان الرسالة بالغة الأهمية التي يتوقعها الليبيون منكم اليوم والتي يتوقعها المجتمع الدولي منكم اليوم. وأنا واثق أنه في المستقبل عندما يتمكن الليبيون من تحقيق السلام، فإن كتب التاريخ سوف تذكر مساهمة العديد من الجهات الفاعلة التي شاركت في هذه العملية. غير أنها سوف تشيد بلا شك بالدور الذي تؤديه البلديات الآن وفي المستقبل.

أنتم الآن تكتبون تاريخ بلدكم، تصنعون التاريخ لليبيين وتساعدون في إيجاد حل لحرب أهلية وهذه بلا ريب المهمة الأكثر أهمية التي يمكن أن يقوم بها البشر والسياسيون في الحياة السياسية والنشاط السياسي.