إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أمام مجلس الأمن الدولي - 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022

إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أمام مجلس الأمن الدولي

إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا
أمام مجلس الأمن الدولي

15 نوفمبر 2022

إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أمام مجلس الأمن الدولي - 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022

السيد الرئيس

أعضاء مجلس الأمن الموقرون

أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لإطلاع المجلس على آخر المستجدات في ليبيا.   

منذ إحاطتي الأخيرة إلى هذا المجلس في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، تابعت مشاوراتي مع الأطراف الليبية من جميع مناطق البلاد، والتي كنت قد بدأتها عند وصولي إلى طرابلس في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر. وتواصلت خلال هذه الفترة مراراً وتكراراً مع أعضاء المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة والجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، مذكراً إياهم بأن مسؤوليتهم الأخلاقية والسياسية هي العمل بفاعلية من أجل إعادة البلاد إلى السلام والاستقرار من خلال حل ليبي- ليبي للأزمة.

كما حثثتهم على الدخول في حوار مع بعضهم داخل ليبيا، الأمر الذي من شأنه أن يبعث برسالة واضحة إلى الشعب بأنهم جادون في حل خلافاتهم. كما أنه يرسل رسالة جلية إلى المجتمع الدولي بأن الليبيين من جميع مناحي الحياة مستعدون لرسم مستقبلهم بأيديهم. وأوضحتُ أن الأمم المتحدة وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على استعداد لدعم هذه الاجتماعات بفاعلية، وأنني على استعداد لبذل مساعيّ الحميدة.

السيد الرئيس،

في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر وبدعوة من الحكومة، حضرت في طرابلس تمرين محاكاة لتأمين الانتخابات الوطنية. وبينما أرحب بهذه الخطة باعتبارها خطوة مشجعة، إلا إن إجراء الانتخابات يتطلب المزيد من الجهود في جميع المجالات ومن كل الأطراف وفي المناطق كافة. وتواصل البعثة من جانبها تقديم المساعدة الفنية للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات للمحافظة على استعدادها لإجراء الانتخابات حال استيفاء جميع الشروط السياسية والقانونية والأمنية.

وترأست بالأمس بعثة مشتركة إلى سبها في جنوب ليبيا بمعية نائبتي المنسقة المقيمة/ منسقة الشؤون الإنسانية، حيث أتيحت لي الفرصة لمقابلة مسؤولين محليين وزعماء القبائل وأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني. وتأتي هذه الزيارة في أعقاب زيارات سابقة قمت بها إلى شرق البلاد وغربها وقد سبق وأن أطلعتكم عليها.

وبدأت منذ إحاطتي أيضاً في التواصل مع ممثلي المجتمع الدولي على الأرض، بغية الاستماع إلى آرائهم ومخاوفهم بشأن السبيل إلى الأمام في ليبيا. ففي طرابلس، تشاورت مع طيف واسع من الممثلين الإقليميين والدوليين لتبادل وجهات النظر ومقارنة الملاحظات. وعلى هامش قمة جامعة الدول العربية في الجزائر كعضو في وفد الأمين العام في الفترة من 31 تشرين الأول/ أكتوبر إلى 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، أتيحت لي الفرصة للقاء عدد من المسؤولين رفيعي المستوى من البلدان والمناطق المعنية. ودعت القمة في وثيقتها الختامية إلى إنهاء الأزمة الليبية من خلال حل يقوده الليبيون يحقق تطلعات الشعب لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، وهو ما أرحب به. وأعتزم في الأيام المقبلة أن أتابع ذلك بزيارات لبعض الأطراف الفاعلة الخارجية الرئيسية في المنطقة.

وعلى ما يبدو، ثمة اتفاق واسع النطاق بأن مؤسسات ليبيا تواجه أزمة شديدة تتعلق بالشرعية وبأن استعادة هذه الشرعية على وجه العموم أمر بالغ الأهمية. وهناك توافق أيضاً بشأن ضرورة تنسيق مبادرات دبلوماسية ثنائية ومتعددة الأطراف والتلاحم خلف جهود الأمم المتحدة. إن دعم هذا المجلس مجتمعاً في إبراز هذه الرسائل لدى جميع الأطراف المعنية سوف يكون محورياً إذا ما أردنا إحراز تقدم إلى الأمام.

السيد الرئيس،

إن آمال الشعب في نيل السلام والاستقرار وإيجاد مؤسسات شرعية تجلّت من خلال تواصلي مع الليبيين. غير إنه بات معروفاً وبشكل متزايد بأن بعض الجهات المؤسسية تعمل بالفعل على عرقلة عجلة التقدم نحو الانتخابات. والإرادة السياسية الحقيقية لتلك الأطراف ينبغي أن تُمتحن على أرض الواقع مع اقتراب تاريخ 24 كانون الأول/ ديسمبر، الذكرى الأولى لتأجيل الانتخابات والذكرى السابعة لتوقيع الاتفاق السياسي الليبي.

إن إطالة أمد المرحلة الانتقالية من شأنه أن يجعل البلاد عرضة لانعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني ومن الممكن أن يهدد بانقسام البلاد. وعليه، يتوجب علينا أن نتعاضد في تشجيع القادة الليبيين على العمل بإصرار على إجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة. وأحث هذا المجلس على إرسال رسالة لا لبس فيها إلى المعرقلين بأن أفعالهم لن تظل دون عواقب.

 

السيد الرئيس،

يسعدني أن أبلغكم بأن المسار الأمني شهد بعضاً من التقدم. ففي 27 تشرين الأول/ أكتوبر، عقدت في سرت اجتماعاً مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) أعاد أعمال هذه اللجنة إلى نصابها. وأثناء هذا الاجتماع المشترك الأول بعد شهور عديدة، اتفقت اللجنة العسكرية المشتركة على إنشاء لجنة فرعية لنزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريحها وإعادة إدماجها والتي من المتوقع إن تركز على تحديد المجموعات المسلحة في ليبيا وتصنيفها كخطوة أساسية تسبق عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج.

وفي غضون ذلك، لا يزال وقف إطلاق النار صامداً على الرغم من اللجوء المستمر للخطاب التصعيدي وتحشيد القوات على كلا الجانبين. يتوجب على جميع الأطراف أن تمتنع عن أية خطوات قد تقوض وقف إطلاق النار. وبهذا الصدد، أود أن أحث المجلس على التأكيد لجميع الأطراف بأن اللجوء إلى العنف والترهيب لن يكون مقبولاً وبأن حل الأزمة الليبية ليس الحل العسكري، وبأن أساليب المماطلة لتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى لن يؤدي سوى إلى تفاقم الأزمة.

أشعر بالقلق جراء عدم إحراز تقدم في تنفيذ خطة عمل اللجنة العسكرية المشتركة بشأن انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية. ولا بد من أن تعيد الأطراف الليبية التركيز على بدء عملية الانسحاب بموجب خطة العمل هذه.

ويستمر مراقبو وقف إطلاق النار التابعون للبعثة في العمل من مدينة طرابلس لحين الحصول على موافقة السلطات الليبية لإرسالهم إلى سرت، ولم يبلغوا عن أية انتهاكات لوقف إطلاق النار أثناء الفترة التي تشملها هذه الإحاطة.

السيد الرئيس،

على الصعيد الاقتصادي، لا يزال غياب المساءلة وانعدام الشفافية والمساواة في توزيع الثروات يشكل سبباً رئيسياً للاحتقان. وهنا، أرحب بتشديد المجلس في قراره 2656 (2022) على أهمية وضع آلية يقودها الليبيون تجمع الأطراف من جميع أنحاء البلاد لوضع أولويات الإنفاق وضمان إدارة عائدات النفط والغاز بشفافية وعدالة تحت رقابة ليبية ناجعة.

وفي 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، استأنفت الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الاقتصادية مشاوراتها واتفقت على الحاجة الملحّة إلى دعم المبادرات ذات الصلة التي اتخذتها المؤسسات الليبية ومساعدتها على مواءمة المقترحات المتعلقة بالآليات المؤقتة إلى أن يتم تشكيل حكومة منتخبة أو الاتفاق على ميزانية وطنية.

السيد الرئيس،

لا تزال حالة حقوق الإنسان في ليبيا مبعثاً للقلق الشديد. وقد واصلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا توثيق حالات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد.

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر، تناهى إلى علم البعثة أن عشرات المعتقلين في سجن معيتيقة دخلوا في إضراب عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازهم. وقد رفضت السلطات إصدار "شهادات احتجاز" مما يحول دون تلقي العائلات لمخصصات ومرتبات أفرادهم المحتجزين.

وتستمر انتهاكات حقوق الإنسان ضد المهاجرين وطالبي اللجوء في ظل الإفلات من العقاب. وأؤكد مجدداً على الحاجة الملحة إلى إيجاد بدائل للاحتجاز في كنف نهج قائم على الحقوق. ولا تزال السلطات الليبية تعترض سبيل المهاجرين واللاجئين الذين يعبرون طريق وسط البحر الأبيض المتوسط من ليبيا، ويتم إنزالهم في ليبيا وإرسالهم إلى مراكز الاحتجاز حيث يتعرّضون إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ونجدد مناشدتنا للسلطات الليبية والبلدان المجاورة إلى الالتزام بالمعايير الدولية المتعلقة بممارسات البحث والإنقاذ الآمنة وضمان إنزال الأشخاص الذين يتم اعتراضهم في مكان آمن. 

وعلى الصعيد الإنساني، يسرني أن أحيطكم علماً بالانخفاض المُطّرد بنسبة 57 في المائة في عدد النازحين داخلياً في ليبيا وذلك منذ عام 2020، والذي وصل الآن إلى 134787 شخصاً. وينبغي تسريع الجهود التي تبذلها السلطات الليبية لإيجاد حلول دائمة لجميع النازحين داخلياً. 

السيد الرئيس،

ما تزال المرأة تشعر بالقلق إزاء قدرتها على المشاركة بفعالية في الانتخابات المنتظرة كناخبة وكمترشحة على حد سواء. ويستمر العنف ضد المرأة عبر المنصات الافتراضية في الارتفاع في البلاد. وتدعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الفئات النسوية لقيادة حملة موحدة ضد هذا النوع من العنف. وأدعو هنا إلى بذل جهود متواصلة ومتسقة للنهوض بحقوق المرأة وإدراج هذه التدابير ضمن قوانين البلاد. ويسعدني أن أشير إلى المشاركة الفعالة والإيجابية للمرأة والشباب في حواري مع الليبيين على مستويات القواعد الشعبية.   

السيد الرئيس،

ستسعى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في الأسابيع والأشهر المقبلة إلى تيسير حوار بين الفاعلين المؤسسيين الرئيسيين في ليبيا كخطوة نحو التغلب على خلافاتهم والمضي قدماً نحو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة. وسنعزز أيضاً عملنا مع الشرائح ذات الصلة من عموم المواطنين حيث يلزم الاصغاء إلى أصواتهم المشروعة، وستكون هذه الأصوات ذات أهمية قصوى في طريق حل هذه الأزمة.

إن ما يصاحب هذه المساعي من دعم وضغط من هذا المجلس بصفة خاصة ومن المجتمع الدولي بصفة عامة، وبصوت موحد وفي ظل تنسيق أممي، من المرجح أن يثمر عن نتائج إيجابية.

أشكركم على كرم الإصغاء.