بيان الممثل الخاص للأمين العام مارتن كوبلر إلى مجلس الأمن 2 آذار/مارس 20161

2 مارس 2016

بيان الممثل الخاص للأمين العام مارتن كوبلر إلى مجلس الأمن 2 آذار/مارس 20161

"آن الأوان للعمل بشكل موحد. آن الأوان لتحمل مسؤولية السلام"

شكراً، السيد الرئيس.

السيد الرئيس، أعضاء المجلس الموقرين
أولا، دعوني أتقدم بالتهنئة لأنغولا على توليها رئاسة مجلس الأمن لشهر آذار/مارس
يوجد أمام أعضاء المجلس تقرير الأمين العام الأخير حول أنشطة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الذي يسرد بالتفصيل العمل الذي قامت به البعثة خلال الستة أشهر الماضية.

السيد الرئيس،

استمرت عملية المضي نحو الانتقال الديمقراطي في تحقيق عدد من الإنجازات إلا أنها لا تزال في نفس الوقت عملية هشة للغاية.
فمنذ أسبوعيْن، في 17 شباط/فبراير، أحيت ليبيا الذكرى الخامسة لثورة 2011.
غير أنه، وبعد مضي خمسة أعوام، أدى الفراغ السياسي والعسكري الحالي إلى تمكين الجماعات المسلحة والشبكات الإجرامية من ضرب جذور عميقة.
ويتوجب القول وبوضوح شديد، ليس لدى ليبيا اليوم مؤسسات دولة فعالة.

السيد الرئيس،

أبدأ إحاطتي بقلب مثقل بالألم حيث ألاحظ أن الأوضاع الإنسانية في ليبيا قد ازدادت تدهوراً على خلفية ضعف تمويل خطة الاستجابة الإنسانية.
فليبيا بلد يبلغ تعداد سكانه ستة ملايين نسمة ويتمتع بموارد ضخمة.
غير أنه يوجد 2,4 مليون شخص في جميع أرجاء البلاد بحاجة لشكل من أشكال المساعدة الإنسانية.
كما أن 40 بالمائة من المرافق الصحية في ليبيا لا تعمل.
ويوجد ما يربو على مليون طفل تحت سن الخامسة معرضين لخطر التأثر بنقص اللقاحات.
كما يعاني حوالي 1,3 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.
ولقد أضحى من الضروري الآن أن تتحمل الأطراف السياسية الليبية مسؤولياتها لما فيه المصلحة العليا للشعب الليبي بغية وقف المعاناة الإنسانية.

السيد الرئيس،

إن الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي تؤيد الاتفاق السياسي الليبي. كما أن الأغلبية الساحقة تدعم تشكيلة حكومة الوفاق الوطني التي تتصدى بشكل فعّال للتهديدات القائمة. إن الأغلبية الساحقة تريد وتستحق السلام – الآن.

غير أن بعض هؤلاء المسؤولين السياسيين في كلا الجانبين لا يزالوا يرفضون الاستماع إلى أصوات الشعب الليبي ويسعون إلى تحقيق مصالحهم السياسية الضيقة.
لقد وعدت في إحاطتي الأخيرة لمجلس الأمن أن أقوم بتوسيع نطاق الدعم للاتفاق السياسي الليبي. ولقد قام زملائي وأنا والمجتمع الدولي بالتواصل بشكل حثيث مع أولئك الذين يعارضون الاتفاق السياسي الليبي.
غير أنه ولغاية الآن لم نتمكن من إقناعهم بشكل كامل بسلوك طريق السلام والوحدة.
وفي 15 كانون الثاني/يناير، قدم المجلس الرئاسي تشكيلة مجلس وزراء للحصول على موافقة مجلس النواب عليها.

وصوت مجلس النواب على إقرار الاتفاق السياسي الليبي من ناحية المبدأ، غير أنه طلب من المجلس الرئاسي ترشيح مجلس وزراء جديد وأصغر.
وبعد أيام من المداولات الحثيثة قام مجلس الرئاسة في 14 شباط/فبراير بإنجاز قائمة جديدة بأسماء المرشحين لمجلس وزراء مصغر.

ومنذ بضعة أيام في 22 شباط/فبراير انعقد مجلس النواب للنظر في مجلس الوزراء الثاني الذي قدمه المجلس الرئاسي. غير أن أقلية من البرلمانيين المعارضين للتصويت قامت بتعطيل هذه الجلسة ولجأت إلى التهديد والتخويف لمنع الأغلبية من ممارسة تصويتها بحرية.

ومع ذلك، قامت هذه الأغلبية بتجميع 100 توقيع لدعم إقرار مجلس الوزراء الجديد وبرنامجه.
أنا مقتنع أنه كان بالإمكان إجراء التصويت الإيجابي في 22 شباط/فبراير لو أن قيادة مجلس النواب أبدت العزيمة والتصميم لتمكين عرض حكومة الوفاق الوطني للتصويت.

وعليه، قمت بالكتابة إلى رئيس مجلس النواب لتسجيل إرادة الأغلبية الديمقراطية وإضفاء الطابع الرسمي على إقرارها لحكومة الوفاق الوطني.
وفي حال عدم وجود اعتراف من هذا النوع وعدم الحصول على إقرار إيجابي من مجلس النواب بحلول أوائل الأسبوع القادم، يجب على الليبيين أن يستمروا. أنا أزمع الدعوة لانعقاد الحوار السياسي بغية استكشاف سبل المضي قدماً تماشياً مع الاتفاق السياسي الليبي.

السيد الرئيس،

ليس بمقدور ليبيا أن تبقى رهينة في أيدي أقلية في مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام. ففي كلا هاتين الهيئتين توجد أغلبيات واضحة تؤيد المضي قدماً وبسرعة نحو تأسيس حكومة وفاق وطني. إن البلاد بحاجة إلى المضي قدماً الآن وإلا فإنها ستواجه خطر الانقسام والانهيار.

وعليه فإني أنوي مواصلة العمل بناء على الأسس الآتية:
أولا: سنواصل، مع الليبيين والمجتمع الدولي، الدعوة إلى تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي. هذه هي الخطة وليس هناك بديل آخر.
يجب السماح لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من المجلس الرئاسي بالقيام بمهامها من طرابلس في أقرب وقت ممكن.
ويجب مساءلة أولئك الذين يهددون المجلس الرئاسي ويمنعونه بالفعل من تولي السلطة في طرابلس بالاستناد إلى قرارات مجلس الأمن.

غير أنه ينبغي تأسيس فروع للحكومة في شرق ليبيا، حيث تتطلب بنغازي اهتماما خاصا، وفي الجنوب.
وأود أن أشكر الرئيس فائز السراج لمثابرته وصموده خلال الأسابيع الأخيرة. كما أشجع جميع أعضاء المجلس الرئاسي على الوقوف معا متحدين.
وأناشد القيادة السياسية في البلاد دعم المسار الذي نص عليه الاتفاق السياسي الليبي والبقاء عليه.
وأرحب بالاجتماعات التحضيرية لمجلس الدولة وأتطلع قدماً إلى عقد أول اجتماع رسمي لمجلس الدولة في طرابلس في أٍسرع وقت ممكن.

ثانيا: بالنظر إلى الوضع الأمني وتمدد داعش، أضحى من الضروري توحيد وإصلاح القوات الأمنية الليبية. أحث المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني على القيام فورا بتأسيس آلية لتحقيق هذا الهدف. والمجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يقفان على أهبة الاستعداد للمساعدة.

ثالثا: ينبغي توسيع نطاق دعم الاتفاق السياسي الليبي. وهذا يتطلب اتباع نهج مواز ومكمل وتصاعدي. وينبغي ترسيخ دعم منظمات المجتمع المدني والمنظمات الشبابية والنسائية. كما أن لأعيان القبائل والبلديات دورا هاما. فأنا أنوي العمل مع السلطات المسؤولة عن المصالحة الوطنية في حكومة الوفاق الوطني الجديدة بغية تنظيم منتديات على صعيد الأقاليم تضم قادة القبائل وعمداء البلديات لمصاحبة عملية بناء الأمة. وقد ينتج عن هذا فيما بعد "مجلس أعلى للشورى" على المستوى الوطني.

رابعا: وفي موازاة ذلك، يجب أن تقدم الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور مسودة الدستور في الوقت المحدد لإجراء الاستفتاء. وفي هذا الصدد أود الإعراب عن امتناني لحكومة عُمان لعرضها استضافة هذا المعتكف. وأحث جميع أعضاء الهيئة، بمن فيهم المقاطعين، على انتهاز هذه الفرصة لتسوية القضايا العالقة.

السيد الرئيس

يوجد في كل من شرق وغرب ليبيا أولئك الذين يصرون على القيام بكل ما في وسعهم لتقويض العملية السياسية وتقويض تشكيل حكومة وفاق وطني وتنصيبها في العاصمة.
يجب التوجه إلى هذه الأطراف والقول لهم بشكل قاطع كفى: حان الوقت ليقفوا مع مصالح الشعب الليبي وليس ضدها.
وفيما يتعلق بمسائل الأمن، ففي الوقت الذي تسير فيه العملية السياسية ببطء شديد، تستغل داعش الفراغ السياسي والأمني لتتمدد باتجاه الغرب والشرق والجنوب. وفي الوقت الذي تتناقص فيه موارد ليبيا المالية، تزدهر الشبكات الاجرامية، بما في ذلك تهريب البشر.

تصاعد القتال في بنغازي خلال الأيام الأخيرة عندما قامت القوات التي تعمل تحت راية "الجيش الوطني الليبي" ببدء عمليات هجومية جديدة ضد مجلس شورى ثوار بنغازي وتنظيم داعش. وتمكنت هذه القوات منذ ذلك الحين من السيطرة على عدة أماكن كانت في السابق تحت سيطرة مجلس الشورى، ونجحت في طرد داعش من عدد من الأحياء الرئيسية التي كانت تحت سيطرته في السابق.

وعاد العديد من النازحين جراء النزاع في بنغازي إلى أحيائهم القديمة لاسترداد منازلهم. إلا أنني قلق للغاية بسبب تقارير غير مؤكدة عن وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في بعض المناطق التي استولى عليها الجيش الوطني الليبي.

السيد الرئيس،

دوعنا لا ننسى أن قسماً كبيراً من بنغازي قد طاله الخراب نتيجة للنزاع العنيف. ويجب أن يكون التوصل إلى وقف إطلاق نار لأسباب إنسانية وإيصال المساعدات الإنسانية وإنشاء صندوق لإعادة إعمار بنغازي من أولويات الحكومة الجديدة.
وفي جنوب ليبيا ما انفك النزاع على المستوى الوطني وغياب الأجهزة الأمنية العاملة يفاقم التوترات بين الجماعات المحلية. فيما تستمر الاشتباكات المتقطعة في سبها والكفرة.

وأدى تشتت الأطراف الأمنية وانشغالها بتعزيز تأثيرها في المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى السماح لداعش بالعمل دون رادع في عدة أماكن. ولقد أعقب الغارة الجوية على داعش في صبراتة في 19 شباط/فبراير تصعيد في الاشتباكات حيث سعت قوات الأمن المحلية والجماعات المسلحة إلى طرد داعش من المدينة.

وقام تنظيم داعش خلال اعتداء تم في الأسبوع الماضي بقتل 17 شخصاً وقطع رؤوس عدد منهم.
كما استمر التنظيم في القيام بعدة عمليات قطع رؤوس وارتكاب العديد من الفظائع في معقله بمدينة سرت.
ويمثل داعش في ليبيا تهديداً ملحاً ومستمراً لليبيا وللمنطقة وما ورائها. ولكن لا يمكن الاستمرار في القتال ضد التطرف العنيف إلا إذا كان بقيادة حكومة وحدة وطنية تضع الأجندة الوطنية وتحدد أولوياتها للتصدي للتحديات العاجلة في البلاد والعمل على تحقيق تطلعات الليبيين وتوقعاتهم

السيد الرئيس،

في 13 كانون الثاني/يناير، أسس المجلس الرئاسي اللجنة الأمنية المؤقتة لتيسير تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي الليبي. وتدعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا جهود اللجنة الرامية إلى وضع خطة أمنية قابلة للتطبيق تمكن حكومة الوفاق الوطني من ترسيخ وضعها في طرابلس.

إلا أن جهودنا في غرب ليبيا أعيقت بشكل كبير بسبب الرفض المستمر لأذون التحليق والهبوط لطائرة الأمم المتحدة من جانب السلطات في طرابلس. ومنذ بداية كانون الأول/ديسمبر 2015، تم رفض جميع طلباتنا فعلياً، باستثناء عدد قليل منها، بالسفر إلى طرابلس والمناطق المحيطة بها.

وفيما يتعلق بحقوق الإنسان، تستمر البعثة في توثيق حالات متعددة تقوم فيها الجماعات المسلحة في أنحاء البلاد باختطاف المدنيين على الهوية أو بسبب الانتماء السياسي أو فقط من أجل الحصول على فدية. وغالباً ما يتعرض المختطفون للتعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة. وأود أن أرحب بقيام النيابة العامة بتشكيل لجنة مؤخراً لمراجعة حالات المحتجزين في قاعدة معيتيقة الجوية في طرابلس.

السيد الرئيس،

لا زلت أدعو بقوة إلى زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية الليبية، خاصة من خلال الدعوة إلى تحقيق نسبة 30 بالمائة من المناصب في حكومة الوفاق الوطني. وللأسف لم تتم الاستجابة لدعواتي هذه.

السيد الرئيس،

يعاني جيران ليبيا من التبعات المباشرة لانعدام الاستقرار في البلاد. وأنا ملتزم بالتواصل معهم بشكل كامل من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة. وأود أن أتقدم بالشكر إلى تونس لاستمرارها في استضافة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بصفة مؤقتة في عاصمتها والبلدان الأخرى في المنطقة على دورها المهم في بناء التوافق.

كما أقدر بالغ التقدير جهود الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. وأتقدم بالتهنئة للرئيس كيكويتى على تعيينه الممثل الأعلى للاتحاد الأفريقي في ليبيا. وقد التقيت به في 26 شباط/فبراير وأتطلع إلى التعاون الوثيق فيما بيننا.

وأود أن أشكر المجلس بشكل خاص على تعاونه الوثيق ودعمه بالإجماع للحل السياسي.
وأخيراً أود أن أشكر العاملين في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على جهودهم الحثيثة وتفانيهم في دعم العملية السياسية الليبية.
فعلى الرغم من تعدد العقبات والصعوبات والإحباطات في العمل اليومي، فإنهم يتمتعون بقدر كبير من المهنية والالتزام وأنا ممتن جداً لهم.

شكراً