كلمة الممثل المقيم لمنظمة الصحة العالمية في ليبيا الدكتور جان جبور بمناسبة يوم الصحة العالمي

7 أبريل 2014

كلمة الممثل المقيم لمنظمة الصحة العالمية في ليبيا الدكتور جان جبور بمناسبة يوم الصحة العالمي

(كلمة الممثل المقيم لمنظمة الصحة العالمية في ليبيا الدكتور جان يعقوب جبور يلقيها نيابة عن المدير الإقليمي لشرق المتوسط الدكتور علاء الدين علوان بمناسبة يوم الصحة العالمي ، 7 أبريل 2014 بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض)

أيها الحفل الكربم،

يسرني في هذه المناسبة المهمة أن أتلو عليكم رسالة المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، الدكتور علاء علوان، والذي يهديكم تحياته في هذا الحفل الكريم للإحتفاء باليوم الصحة العالمي للإيدز تحت شعار: "لدغةٌ بسيطةٌ تساوي خطراً كبيراً". وهو يتمنى لكم التوفيق في كل مجالات الوقاية من الأمراض أكانت سارية أو غير سارية.

يحتفلُ العالمُ في هذا اليومِ السابعِ منْ نيسان/أبريل بيومِ الصحةِ العالميّ. وفي هذه المناسبة لا نحتفلُ بذكرى تأسيسِ منظمةِ الصحةِ العالمية فحسب، بل نسترعي اهتمامَ العالمِ إلى موضوعِ على قدرٍ كبيرٍ من الأهميةِ للصحةِ العالميةِ. وسنُلقِي في هذا اليومِ الضوءَ على الأمراضِ التي تنتقلُ بالكائناتِ الناقلةِ للأمراض. وهيَ كائناتٌ صغيرة تنقلُ الأمراضَ وتنشرُها منْ شخصٍ لآخرَ، ومنْ مكانٍ لآخر، وقدْ تهدِّدُ صحتَنا بالأخطارِ، فتُحْدِقُ بنا، سواءً في أوطانِنا، أوْ في أسفارِنا.

والملاريا وحُمَّى الضَّنْك وداءُ الليشمانيا هي بعضُ الأمراضِ التي تنقِلُها الكائناتُ الناقلةُ للأمراض. والملاريا وحمى الضنك تحديداً مرضان فتاكان قد يسببان حالةً خطيرةً قد تؤدي إلى الوفاة، وكلاهما ينقلُه البعوض. وداءُ الليشمانيا تنقِلُه ذبابة الرمل، ويسبب تُشَوِّهَ الجسمِ، ويُلْحِقُ بالمصابِ الوصمةَ الاجتماعية، ويقودُ إلى الإقصاءِ منَ المجتمع.

وشعارُ يومِ الصحةِ العالميِّ لهذا العامِ هوَ: "لدغةٌ بسيطةٌ تساوي خطراً كبيراً"، وهوَ شعارٌ يستهدفُ رفعَ مستوى الوعيِ بالتهديداتِ التي تسبِّبُها الكائناتُ الناقلةُ للأمراض، وبما تنقلُهُ منْ أمراضِ، معَ استنهاضِ الأُسَرِ والمجتمعاتِ لاتخاذِ الإجراءاتِ الكفيلةِ بحمايةِ أفرادِها.

ومع تغيرِ عالمِنا، وسرعةِ التطوراتِ المحيطةِ بنا، وتسارُعِ وتيرةِ السفرِ، وسهولةِ الانتقالِ، تَغَيرَتْ كذلك نوعيةُ الخطرِ الذي تفرضُهُ هذه الأمراض. ومعَ مرورِ السنوات، انتشرَ بعضُ هذهِ الأمراضِ في أماكنَ لمْ تكنْ تنتشرُ فيها منْ قبلُ، كما تَوَسَّعَ نطاقُ سرايتِها، وازدادتْ كثافتُها في المناطقِ التي كانتْ تنتشرُ فيها منْ قبلُ. وهناك عوامل أسهمت في ذلكَ، مثل تغيُّر المناخ، والحراك السكاني، والتوسُّع العشوائي في العُمران، وسوءَ أوضاعِ المساكنِ، وشحَّ المياهِ المأمونة، وتدنِّي حالةِ الإصحاح.

وحتى يومنا هذا، لا توجد لقاحات مضادة للأمراضَ التي تنقلُها الكائناتُ الناقلةُ للأمراضِ، باستثناءِ الحُمَّى الصفراء. إلا أنَّه ثمَّةَ تدابيرٌ وقائيةٌ يمكن للناس اتباعها لحماية أنفسهم. ومن ذلك وجوبِ المحافظةِ على نظافةِ البيئة، واستخدام أدوات الوقاية الشخصية، مثل استخدامِ المواد الطاردةِ للحشراتِ. وهناكَ تدابير يمكنُها بالفعل أنْ تُنقِذَ الأرواحَ، مثل توفيرِ واستخدامِ الناموسيات، وتغطيةِ حاوياتِ المياه، والتخلُّصِ منَ المياهِ الراكدةِ في الأماكنِ التي يتكاثرُ فيها البعوض، مثلِ الحاوياتِ غيرِ المستخدمة، وأحواضِ الزهورِ والإطاراتِ القديمة.

وللمجتمعِات المحلية دورٌ كبيرٌ عليها القيامُ به؛ فبإمكانها نشر الوعي، وتنظيم تدخلات الخبراء لرش المنازل في المناطق التي تتكاثر فيها الكائناتُ التي تنقِلُ الأمراضَ. كما أن بإمكانِ المنظماتِ غيرِ الحكومية، ووسائلِ الإعلام، والشخصياتِ المُؤَثِّرَةِ في المجتمعِ أنْ تلعبَ دوراً محورياً في تعزيزِ الوعيِ وتغييرِ السلوكِ لدى المجتمع.

علاوةٌ على ذلك، يجبُ على الحكوماتِ أن تقومَ بدورِها في ضمانِ الصحةِ العموميةِ، وتطبيقِ التدابير اللازمةِ للوقايةِ من هذه الأمراض، ومكافحتِها والقضاءِ عليها. ويُعدُ التأهُّبُ الجيدُ للأوبئةِ والتصدي لها أمرين أساسيين. لذلك فإنني أحثُّ الحكوماتِ على تقويةِ نُظُمِ الترصد لديها، وضمان توافر خدمات التشخيص والمعالجة السريعة والفعالة لإنقاذ الأرواح. ومنظمة الصحة العالمية على أتم استعداد لدعم هذه الجهود.

بيْدَ أنْ هذا أمرٌ لا يستطيعه القطاع الصحي منفرداً، ويُعْتَبَرُ التعاونُ بينَ القطاعاتِ المختلفةِ أمراً أساسياً لمكافحة الكائنات الناقلة للأمراض، وحماية الأفراد من الأمراض التي تسببها هذه الكائنات. فوزارات الصحة، والزراعة، والرَّيّ، والبَلَديَّات، وكذلك المجتمعات المحلية، في حاجة إلى أنْ تعملَ معاً لتنفيذِ منهج متكاملٍ للتدبيرِ العلاجي للكائناتِ الناقلةِ للأمراض. فقدْ أصبحَ منَ الثابتِ أنَّ المنهج المشترك أكثرُ فعاليةً، وأكثرُ مردوداً، وأكثرُ ملاءمةً لسلامةِ البيئةِ وأكثرُ استدامةً من عمل كل قطاع بشكلٍ منفرد.

علينا أنْ لا نستهينَ بالكائناتِ الناقلةِ للأمراض، وأنْ نبنيَ على ما اكتسبْناه منْ خبراتٍ في الماضي، وأنْ نستمرَّ في التزامِنا، وأنْ نُسَرِّعَ منْ وَتيرةِ ما نقومُ بهِ منْ جهودٍ لمكافحةِ هذهِ الأمراضِ والقضاء عليها في إقليمِنا.

فلنجعلْ يومَ الصحةِ العالميَّ هذا العام يوماً نعزِّزُ فيهِ الجهودَ المبذولة لمكافحةِ هذا التهديد الكبير الذي تسبِّبُهُ لدغةٌ بسيطةٌ.

عاشت ليبيا سليمة حرة قوية معافية خالية من أي مرض