مذكرة - 15 أيار/مايو 2015: المدنيون يواجهون الاختطاف والتعذيب في ليبيا

15 مايو 2015

مذكرة - 15 أيار/مايو 2015: المدنيون يواجهون الاختطاف والتعذيب في ليبيا

تعتبر المجموعات المسلحة في جميع أنحاء ليبيا مسؤولة عن اختطاف المدنيين بما في ذلك القصر بسبب أصولهم أو آرائهم أو انتماءاتهم العائلية أو السياسية الفعلية أو المتصورة. وتدعو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا جميع أطراف الصراع إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين على أساس الهوية أو الرأي.

وعادة ما يتم القبض على المدنيين من منازلهم وأماكن عملهم أو عند نقاط التفتيش أو الطرق العامة بعد التحقق من هويتهم. ويتعرض هؤلاء المختطفون عادة لخطر التعذيب والمعاملة السيئة وكثيراً ما يحرمون من الاتصال بعائلاتهم. وقد توفي بعضهم أثناء الاحتجاز وربما يتم إعدامهم دون محاكمة أو تعذيبهم حتى الموت.

ويستند تقرير بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى وثائق تتضمن شهادات ووثائق رسمية مثل تقارير الطب الشرعي، ولكن لا يتم الإشارة إلى مصادر محددة خوفاً على سلامة هذه المصادر. وفي بعض الحالات لا يتم الكشف عن التفاصيل المحددة لهوية الضحايا لنفس السبب. والحالات المشار إليها في هذه الوثيقة هي بعض الحالات المعروفة لدى البعثة وهي مبينة هنا لتوضح انتشار وخطورة هذه الانتهاكات المستمرة.

وقد استمر اختطاف المدنيين منذ تصاعد الصراع المسلح في عام 2014، ولكنه اشتعل في غرب ليبيا منذ اشتداد القتال على مشارف العاصمة في آذار/مارس 2015.

ففي غرب ليبيا، قامت المجموعات المسلحة المتحالفة مع فجر ليبيا وكذلك معارضيها الذين يدعمون عملية الكرامة، بعمليات اختطاف انتقامية ضد المدنيين بهدف تأمين عمليات تبادل الأسرى المقاتلين والمدنيين الذين قام الخصوم باحتجازهم.

ومن بين الضحايا الذين تم إبلاغ البعثة عنهم 10 رجال على الأقل وطفل واحد تم اختطافهم من غريان وهم حالياً محتجزون في الزنتان، ويبدو أن احتجازهم تم بدون أي أساس قانوني أو أي دليل على تورطهم في المواجهات المسلحة.
ومن بين الضحايا أحمد عبد السلام الأطرش الذي وردت تقارير عن القبض عليه في وادي الحي يوم 25 آذار/مارس وهو في طريقه إلى غريان مع أحد العمال ومالك المنزل الذي كانوا في طريقهم لإصلاح أضرار به. وتفيد التقارير بأن الثلاثة محتجزين في سجن المنارة في الزنتان بدون تهمة.

كما قامت المجموعات المسلحة في غريان باختطاف مدنيين على أساس أصولهم. فعلى سبيل المثال في 10 نيسان/أبريل تم اختطاف هيثم صهبي، شقيق عضو مجلس النواب الليبي عن الرجبان صلاح صهبي، من قبل مجموعة مسلحة أثناء محاولة شراء وقود في غريان. ويعتقد أنه لا يزال قيد الاحتجاز من قبل مجموعة مسلحة بقيادة الحمروني القنصل. كما يعتقد أن 12 شخصا من الزنتان و الرجبان محتجزون في غريان.

كما يتعرض المدنيون من ورشفانة، الذين نزح الكثير منهم منذ بدء القتال في تموز/يوليو 2014، لعمليات الاختطاف التي تقوم بها المجموعات المسلحة المرتبطة بفجر ليبيا والتابعة بشكل رئيسي لجنزور والزاوية وكذلك المجموعة المسلحة بقيادة صلاح وادي المتحالف مع فجر ليبيا. ومن بين الضحايا المبروك تنتوش المحامي البالغ من العمر 64 عاماً وهو أب لخمسة أبناء. حيث اعتقلته مجموعات مسلحة تابعة لفجر ليبيا يوم 29 نيسان/أبريل في نقطة تفتيش على بعد 27 كيلومتر من طرابلس. ويعتقد أنه محتجز في الزاوية ويزعم أن اعتقاله يهدف إلى تأمين تبادل بعدد من الرجال الذين تعود أصولهم إلى الزاوية معتقلين لدى مجموعات مسلحة تابعة لعملية الكرامة في ورشفانة. ونظراً لسنه وتعافيه مؤخراً من عملية جراحة وإصابته بالسكري، هناك قلق بالغ حول صحته وحصوله على رعاية طبية مناسبة. كما تتهم المجموعات المسلحة في ورشفانة المتحالفة مع عملية الكرامة باختطاف المدنيين بسبب أصولهم، بما في ذلك رجال من الزاوية.

وبالإضافة إلى المبروك تنتوش، قامت مجموعة مسلحة تدعى الصحراء التابعة لفجر ليبيا باعتقال محامي آخر وهو علي فنير من الزنتان ويبلغ من العمر 65 عاماً يوم 13 نيسان/أبريل. وبعد اعتقاله بفترة قصيرة انتشرت صور له وهو مقيد إلى شجرة على صفحات التواصل الاجتماعي. وفي 23 نيسان/أبريل، تم احتجاز علي فنير لدى عائلة من مصراته تفيد التقارير بأن أحد أقاربها – وهو من المقاتلين – محتجز في الزنتان. ولقد تم الافراج عن علي فنير يوم 10 مايو في عملية تبادل الأسرى و المحتجزين بين الزنتان و مصراتة، كما ضمن التبادل قريب الأسرة الانف ذكرها من مصراتة.

وأثناء اعتقال مجموعة الصحراء المسلحة على فنير، ظهرت تقارير عن استعداد المجموعة المسلحة للإفراج عنه مقابل تحرير عضو المؤتمر الوطني العام سليمان الزوبي. وقد كان الأخير محتجزاً لدى مجموعة برق النصر المسلحة المتمركزة في الزنتان منذ اختطافه من طرابلس يوم 20 تموز/يوليو 2014، وسط مخاوف حول صحته ومعاملته في الحجز. حيث لم يتمكن من التواصل مع عائلته منذ اختطافه.

كما واجه أهالي النازحين خلال الصراع عام 2011، وبالتحديد التاورغاء والمشاشية، موجة من حوادث الاختطاف في آذار/مارس ونيسان/أبريل 2015 بسبب أصولهم أو ولاءاتهم المتصورة في الصراع الدائر. وفي شهر نيسان/أبريل، وردت تقارير عن اعتقال مجموعات مسلحة مرتبطة بعملية الكرامة لأربعة رجال على الأقل من المشاشية في منطقة العزيزية جنوب طرابلس واحتجازهم في الزنتان بدون تهمة لأكثر من أسبوع. كما يزعم قيام مجموعة مسلحة من مصراته باعتقال قريبين من تاورغاء من الشارع في طرابلس. ووفقاً للمعلومات التي جمعتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، فقد تم نقل الرجل الأكبر سناً إلى منشأة احتجاز في مصراته بينما تم تعذيب الأصغر سناً وقتله رمياً بالرصاص في الأسر.

كما لقي عبد الرؤوف الزايدي البالغ من العمر 19 عاماً من الزنتان حتفه في الحجز، وهو من النشطاء الذين يتحدثون بصراحة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أشارت التقارير إلى أن مجموعة مسلحة مرتبطة بفجر ليبيا قامت باعتقاله من الشارع في طرابلس يوم 23 نيسان/أبريل. وقد تلقت البعثة معلومات عن احتجازه في منشأة احتجاز أبو سليم الواقعة تحت سيطرة مجموعة مسلحة بقيادة عبد الغني الككلي (غنيوة) حتى يوم 26 نيسان/أبريل على الأقل. وقد تم نقله إلى مستشفى أبو سليم قسم الحوادث بعد 3 أيام. وتسلمت عائلته جثته يوم 3 أيار/مايو. وليست هذه المرة الأولى التي توثق فيها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حالات الوفيات داخل الحجز على يد المجموعة المسلحة في أبو سليم. كما أصدرت البعثة كذلك تقريرا مشتركاً مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان يوم 25 آذار/مارس 2015 يوضح التهديدات التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان وغيرهم من نشطاء المجتمع المدني والتي تتضمن الاغتيال والاختطاف والتعذيب.

وفي شرق ليبيا، تستمر القوات الموالية لعملية الكرامة في اختطاف واحتجاز المدنيين المشتبه في تعاطفهم مع مجلس شورى ثوار بنغازي أو بسبب أصولهم أو تورط أقاربهم في القتال. ويتم احتجازهم في عدد من المراكز منها إدارة البحث الجنائي في بنغازي والمرج ومراكز الاحتجاز في برسس والرجمة وسجن قرنادة (الجناح العسكري) وسط مخاوف متعلقة بالتعذيب وغيرها من ضروب إساءة المعاملة، بما في ذلك الحالات التي ينتج عنها وفاة الضحية.

ومن بين الضحايا التي وردت تقارير عنهم للبعثة، قاصر تم اعتقاله بسبب الاعتقاد في معارضته لعملية الكرامة وأشقاء محتجزين بسبب انخراط قريب لهم في القتال مع مجلس شورى ثوار بنغازي وطالب بالجامعة. وقد طلب المحتجزون السابقون وعائلات الأفراد الذين لا يزالون قيد الاحتجاز حذف أسمائهم والمعلومات التي تدل عليهم خوفاً من الانتقام. وقد أفاد المفرج عنهم بالتعرض للضرب والحبس الانفرادي والتقييد في أوضاع ملتوية إضافة إلى ظروف الاحتجاز في أماكن قذرة وغير صحية بدون مياه صالحة للشرب والوصول المحدود للمرافق الصحية.

وقد أشارت التقارير إلى وفاة بعض المحتجزين بعد التعذيب ومنهم رامي رجب الفيتوري البالغ من العمر 29 عاماً والذي تم اعتقاله من منزله في بنغازي يوم 11 آذار/مارس واحتجازه في إدارة البحث الجنائي في بنغازي. وقد تسلمت أسرته جثته المصابة بالكدمات يوم 22 آذار/مارس.

ومن بين الذين لا يزالون مفقودين وكيل نيابة في محكمة جنوب بنغازي عبد الناصر الجروشي. وقد تلقت البعثة تقارير بأن مجموعة شهداء الزاوية المسلحة قد ألقت القبض عليه من الشارع في وسط بنغازي في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2014. ولا يزال محروماً من حريته حتى تاريخه. وقد أبلغت وزارة العدل البعثة أنه محتجز في المرج في منشأة احتجاز غير رسمية.

ومما يثير القلق بشكل خاص ظهور عدد من المختطفين في "اعترافات" متلفزة بثتها قناة ليبيا أولاً وهم "يعترفون" بالمشاركة في القتال والقتل. وتظهر آثار الكدمات والتورم واضحة على من تم تصويرهم في منشأة احتجاز برسس.

كما تعتبر المجموعات المسلحة المرتبطة بمجلس شورى ثوار بنغازي مسؤولة عن اختطاف المدنيين على أساس انتماءاتهم السياسية أو الدينية الفعلية أو المتصورة وصلاتهم العائلية. إضافة إلى أن مصير ومكان تواجد الذين اعتقلهم مجلس شورى ثوار بنغازي، بما في ذلك السجناء الذين نقلوا من سجن بوهديمة العسكري في تشرين الأول/أكتوبر 2014، غير معروف وسط مخاوف بالغة حول حياتهم وسلامتهم. ومن بين الذين اختطفتهم مجموعات مرتبطة بمجلس شورى ثوار بنغازي، جمال هارون طالب الجامعة البالغ من العمر 23 عاماً والذي تم اعتقاله من مزرعة عائلته مع موظف سوداني الجنسية في تشرين الأول/أكتوبر 2014، ويبدو أن ذلك كان بسبب موقف عائلته من مجلس شورى ثوار بنغازي. وقد تم الإفراج عن الموظف السوداني بعد حوالي أسبوع، ولكن مصير جمال هارون ومكان تواجده لا يزالان مجهولين.

وترتكب جرائم اختطاف المدنيين على خلفية القتال المستمر والأزمة السياسية العميقة والهجمات الإرهابية وانتشار ما يعرف بالدولة الإسلامية وغيرها من المجموعات المتطرفة والفوضى وانهيار نظام العدالة الجنائية مما يترك للضحايا والعائلات سبلاً قليلة لجبر الضرر.

ويعتبر احتجاز رهائن من المدنيين بهدف إجبار طرف ثالث على القيام بأي عمل أو الامتناع عنه كشرط صريح أو ضمني لإطلاق سراح الرهينة من جرائم الحرب التي يحظرها القانون الإنساني الدولي. وكذلك يعتبر التعذيب والقتل من جرائم الحرب. ويتحمل المسؤولون عن ارتكاب هذه الجرائم أو توجيه أوامر بارتكابها أو الإخفاق في منعها عندما يسمح وضعهم بذلك، المسؤولية الجنائية، بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ولا يعفي عدم التزام أحد أطراف الصراع بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الأطراف الأخرى من التزاماتها، ويدعو لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم وغيرها من الجرائم وفقاً للقانون الدولي.

وبملاحظة عدد عمليات تبادل الأسرى التي تمت في الأشهر والأيام الأخيرة، تدعو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كل من لديه سيطرة فاعلة على الأرض للامتناع عن اختطاف المدنيين على أساس الهوية أو الرأي، والإفراج الفوري عن المحتجزين لهذه الأسباب وضمان سلامة كل من حرم من حريته. وتدعو البعثة بشكل خاص وزارة العدل والنيابة العامة لضمان حماية المحتجزين من التعذيب وعدم احتجازهم بدون أساس قانوني ونقلهم إلى مراكز رسمية إذا كانوا يواجهون اتهامات سليمة.

كما تذكر البعثة بالتزامات المشاركين في الحوار السياسي الليبي بدعم تدابير بناء الثقة، بما في ذلك العمل على معالجة أوضاع المحتجزين والمفقودين. وفي هذا السياق ترحب بالتعاون الذي تم من جانب عدة بلديات للتأكد من وضع ومكان تواجد عدد من المدنيين المختطفين، وتحث قادة البلديات على زيادة جهودهم لتأمين احترام حقوق المدنيين بغض النظر عن هويتهم.

وقد دعت البعثة مراراً كافة أطراف الصراع للتوقف عن الاقتتال المسلح والمشاركة في حوار سياسي شامل لبناء دولة تقوم على احترام حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. وتستمر البعثة في إشراك كافة الأطراف لإنهاء القتال وضمان حماية المدنيين.