الأسلحة والذخائر الضالة: تهديد لليبيا وغيرها

previous next
16 ديسمبر 2013

الأسلحة والذخائر الضالة: تهديد لليبيا وغيرها

إن تحديات إزالة أطنان من الذخائر المخلفة في إحدى منشآت النظام السابق في وسط ليبيا تعد مثالا على مخاطر الانتشار في ليبيا ما بعد الثورة.

الجفرة – مشهد مقفر بني اللون مائل للاحمرار تتناثر فيه آلاف القنابل وقذائف الهاون والقنابل اليدوية والصواريخ والملايين من طلقات الذخيرة الثقيلة وغيرها من المقذوفات. وتقع هذه المساحة الشاسعة من الرمال والصخور في وسط الصحراء الليبية حيث لا حياة فيها إلا لفرق صغيرة من السكان المحليين الذين يعملون بانتظام في إزالة الأسلحة من الأراضي.

إن سوكنة موقع نائي في الصحراء في وسط ليبيا قرب بلدة هون، وتقع على بعد 4 ساعات بالسيارة من مصراته. ومناخها الجاف جعلها مثالية لتخزين الذخائر من قبل النظام السابق. وأثناء ثورة 2011، قامت طائرات حلف شمال الأطلسي بمهاجمة الموقع وتدمير معظم المخابئ والمعسكرات البالغ عددها 60 والتي كانت تستخدم لتخزين الذخائر والدبابات والصواريخ. والآن في خضم كفاح الدولة لبسط سلطتها، لا يزال الانتشار الواسع للأسلحة والاستمرار في تخزينها بصورة خطرة في مناطق يسهل الوصول إليها يمثل تحدياً هائلاً للحكومة الليبية والمجتمع الدولي الذي يساعد في عمليات الإزالة.

وقد صرح السيد ماكس دايك، الرئيس المنتهية ولايته لدائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، قائلاً: "إن ما ينبغي القيام به مع هذه الأسلحة وغيرها من المخزونات هو جزء من القضايا الشاملة التي تتضمن كافة الأولويات، بما في ذلك إعادة هيكلة الشرطة والجيش".

ومن المعروف أنه قد تم تدمير 440 مخبئاً للجيش الليبي أثناء الصراع عام 2011، حيث قام حلف شمال الأطلسي بتدمير معظمها بينما قامت قوات القذافي بتدمير المزيد أثناء انسحابها. وقد أدى تدمير هذه المخابئ التي يكلف بناء الواحد منها ما بين مليون إلى 1.5 مليون دولار أمريكي، إلى إحداث فجوة مكلفة في قدرة الجيش الليبي على تأمين وتخزين الاحتياطيات الهائلة من الذخائر والصواريخ بصورة آمنة.

وقال السيد مايكل سميث، مدير شعبة الخدمات الاستشارية والتنسيقية المعنية بقطاع الأمن في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: "ما رأيناه في هون هو جزء بسيط من مشكلة ضخمة منتشرة في أرجاء ليبيا، حيث توجد كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر من كافة الأنواع تهدد الأمن العام وقد تقع في الأيدي الخطأ".

وتعمل الأمم المتحدة مع القوات المسلحة الليبية والمجالس العسكرية وبعض الكتائب الثورية المحلية للمراقبة وتقديم المشورة لحصر الأسلحة والذخائر وتخزينها بصورة آمنة والتحكم فيها وتسجيل الأسلحة وإزالة مخلفات الحرب من المتفجرات. ولكن بعد أكثر من عامين من الثورة أدى التأخير بما في ذلك الوقت الذي تستغرقه عملية بناء الثقة مع السكان المحليين وكذلك النقص في التمويل، إلى وجود قدر كبير من الأسلحة غير المحمية مما يشكل تهديداً بانتشارها.

وقد قال السيد سميث أثناء زيارة ميدانية إلى موقع الذخائر الذي يقع على بعد 20 دقيقة بالسيارة من بلدة هون: "لقد تسربت الأسلحة بالفعل إلى مناطق صراع أخرى". وأضاف: "إن تواجد الأسلحة داخل المنازل قضية كبيرة، ولكن تخيل حجم المشكلة عندما تأخذ مثالا الوضع هنا وتستنسخه في أنحاء البلاد".

وفي أثناء حديثه، كان المكلفون بالمهمة منهمكون في عملهم في تقسيم الموقع إلى مربعات قبل البدء في عملية الإزالة واحدة تلو الأخرى. وكانت كميات كبيرة من الذخائر متناثرة على الأرض. وبينما كان أحد العمال يجرف التربة، كان الآخرون ينصبون أوتادا ويحددون المناطق الخطرة بإشارات حمراء فيما كان غيرهم يجمع القذائف على الأرض وفي الشاحنات المنتظرة.

وأحد وسائل التعامل مع الأسلحة النشطة هي تخزينها في بيئات آمنة وخاضعة للضبط. ففي مصراته التي كانت مسرحاً لأشرس المعارك، قدمت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام مشورة تقضي ببناء منشأتين لتخزين الأسلحة والذخائر – إحداهما ممولة مباشرة من مكتب رئيس أركان الجيش الليبي اللواء يوسف المنقوش، والأخرى ممولة من سويسرا. كما عرضت المنظمات غير الحكومية ذات الصلة تقديم تدريب أساسي على إدارة الذخائر والحصر والإطفاء.

وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، في تقريره المقدم لمجلس الأمن عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في فبراير/شباط 2013، أن الذخائر غير المؤمنة ومخلفات الحرب من المتفجرات والأسلحة المخزنة، بما فيها الأسلحة الصغيرة والخفيفة والأسلحة والمواد الكيماوية، لا تزال تشكل خطراً داهماً على الشعب الليبي والأمن الإقليمي. وأضاف أن الأمم المتحدة تستمر في نشاطها في التدريب وإدارة الذخائر والتوعية في مجال البحث وإبطال الذخائر المتفجرة مع وزارتي الدفاع والداخلية.

وقد قال السيد دايك: "إن الكثير من العمل الذي نقوم به هو مشروعات صغيرة تقوم على أساس تدعم الجهود المحلية لتعطي قيمة أكبر للموارد المحدودة". وأضاف: "حيث سمح لهم مشروع تخزين تكلفته 50000 دولار في مدينة ترهونة باسترداد وتخزين ما قيمته 500 مليون دولار من ذخائر البحرية".

وقد تمت إزالة أكثر من 200000 من مخلفات الحرب من المتفجرات من المرافق السكنية والعسكرية في عام 2012. ولا يزال الكثير منها في مستودعات خلفها النظام السابق ولا تخضع لحراسة مشددة أو في منازل خاصة.

وقال السيد سميث: "هذا ما قد يجعل من ليبيا أكبر مشروع نزع سلاح في العالم". وأضاف: "إنها تمثل تهديداً، في حالة عدم إزالتها وتخزينها، كما تمثل فرصة".

ويرتبط التقدم البطيء على الأرض بالمخاوف المتعلقة بأمن حدود ليبيا. ومع استمرار الصراع في مالي، لا يزال السؤال هو إذا ما كان إيقاف تدفق الأسلحة ممكناً قبل ظهور أسلحة ليبيا الشاردة بأعداد أكبر في أماكن الصراع القريبة.