رسالة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة، بمناسبة يوم حقوق الإنسان

10 ديسمبر 2019

رسالة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة، بمناسبة يوم حقوق الإنسان

نحتفل في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر وهو اليوم الدولي لحقوق الإنسان، بالذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، وسط انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ليبيا. ويعدّ يوم حقوق الإنسان فرصة للتفكير والعمل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان.

أكثر من ثماني سنوات مرت منذ أن هبّ الليبيون للمطالبة بحريتهم والسعي لحياة أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً لأطفالهم، غير أن وضع حقوق الإنسان آخذ في التدهور على جميع الصُعُد.

فهذا العام وحده، وثقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقوع ما لا يقل عن 647 ضحية في صفوف المدنيين في ليبيا (284 حالة وفاة و 363 جريحاً). ومنذ بدء الهجوم على طرابلس في الرابع من نيسان/ أبريل، ارتُكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني ومرت دون عقاب. وتسبب النزاع المستمر في ليبيا في وقوع خسائر فادحة بين المدنيين، وحيث أنه لا يوجد حل عسكري، تواصل الأمم المتحدة دعوتها لوقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات. وكانت الغارات الجوية السبب الرئيسي للخسائر في صفوف المدنيين والتي بلغت 394 ضحية (182 حالة وفاة و 212 جريحاً)، يليها القتال البري وعمليات الإعدام بإجراءات موجزة والعبوات الناسفة وعمليات الاختطاف والقتل. وخلال الفترة ذاتها، وثقت منظمة الصحة العالمية 61 حالة اعتداء مرتبط بالنزاع[1] على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها، وذلك في زيادة بلغت 69 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام [2]2018. وقد أضرت هذه الاعتداءات بـ 18 مرفقاً صحياً و20 سيارة إسعاف و40 موظفاً من العاملين في المجال الصحي.

ويتفاوت تضرر النساء من الآثار الأوسع نطاقاً للنزاع المسلح في ليبيا، مما يفاقم من جعلهن عرضة للفقر والتمييز والعنف. وقد أصبحت حرية التعبير وبالاً، حيث تنتظر من يسعى للتعبير عن رأيه بحرية عواقب وخيمة. ففي 17 تموز/ يوليو، اختطفت السيدة سهام سرقيوة، وهي عضو منتخب في مجلس النواب، من منزلها بعد ساعات من دعوتها إلى "وضع حد لإراقة الدماء". وكان هذا الاختطاف محاولة واضحة لإسكات صوت واحدة من النساء الليبيات البارزات وترويع الأخريات اللائي يسعين للمشاركة في الحياة السياسية في البلاد. ولا يزال مصيرها ومكان وجودها مجهولين. وقد لعبت المرأة الليبية، وما تزال، دوراً محورياً في بناء ليبيا أفضل. ولن تدخر البعثة أي جهد لضمان حماية المرأة من جميع أنواع العنف والتمييز وسوء المعاملة.

ولا يزال الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام والناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان يتلقون تهديدات بسبب عملهم، وأصبح خطاب الكراهية أداةً تُوظَّف في النزاع الدائر ما يهدّد النّسيج الاجتماعي الليبي، ليبلغ التّحريض على العنف والكراهيّة مستويات لم يسبق لها مثيل. وهنا، أدعو الليبيين إلى رفض هذا الوباء الفتّاك ومكافحته بنشر لغة السلام والتسامح والوحدة.

ولا يزال المهاجرون واللاجئون في ليبيا يتعرضون على نحو متكرِّر للاعتقال التعسفي والتّعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي والاختطاف طلباً للفدية والابتزاز والسخرة وأعمال القتل غير المشروع. أواصل دعوتي إلى الإغلاق التدريجي جميع مراكز احتجاز المهاجرين، وإلى توفير المأوى والحماية وسبل الاستقرار الآمنة والقانونية لهم.

في عام 2019، لا يزال الآلاف من الليبيين قابعين في السجون رهن الحبس الاحتياطي. ويستمر تلقي البعثة لتقارير موثوقة عن الاحتجاز التعسفي أو غير القانوني والتعذيب والاختفاء القسري واكتظاظ الزنازين التي تفتقر إلى المرافق الصحية ومياه الشرب المأمونة والإهمال الطبي ورفض الزيارات الأسرية وزيارات المحامين، إلى جانب ورود تقارير عن العنف الجنسي والتحرش ضد النساء والرجال الأطفال على أيدي مُحتجِزيهم.

ويروقني في هذا اليوم أن أحيي جسارة العديد من الأفراد والمؤسسات التي تناصر حقوق الإنسان والمساءلة في ليبيا بشكل يومي، وستجدون الأمم المتحدة معكم في هذا. فلجميع البشر الحق في المشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم. وعلى قادة كل مجتمع، بما في ذلك في ليبيا، أن يستمعوا إلى شعوبهم - وأن يتصرفوا وفقاً لاحتياجاتهم ومطالبهم.

 

[2]  وثقت منظمة الصحة العالمية وقوع 36 حالة اعتداء مرتبط بالنزاع استهدفت مراكز الرعاية الصحية في عام 2018.