بيان الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تماشياً مع قرار مجلس الأمن 31/27

27 Sep 2016

بيان الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تماشياً مع قرار مجلس الأمن 31/27

بيان الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تماشياً مع قرار مجلس الأمن 31/27

الدورة الثالثة والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان، البند العاشر
27-28 أيلول/سبتمبر 2016

السيد الرئيس،
أعضاء المجلس الموقرين،
أصحاب المعالي،
السيدات والسادة،

يشرفني أن تسنح لي فرصة مخاطبة مجلس حقوق الإنسان لتقديم معلومات إضافية حول التطورات في ليبيا وآثارها على أوضاع حقوق الإنسان.

الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية

إن توقيع الاتفاق السياسي الليبي في كانون الأول/ديسمبر 2015 ودخول المجلس الرئاسي إلى طرابلس في شهر آذار/مارس الماضي أوجدا لحظة أمل في إرساء سيادة القانون في البلاد.
وللأسف، نواجه الآن مأزقاً سياسياً حيث لم يعتمد مجلس النواب الاتفاق السياسي الليبي كاملاً بعد وصوّت الشهر الماضي ضد اعتماد حكومة الوفاق الوطني التي عينها المجلس الرئاسي.
علاوة على ذلك، لم يعين المجلس الرئاسي لغاية الآن منسقاً لقضايا العدالة في غياب قائم بأعمال وزير العدل.

وفي نفس الوقت، تشهد ليبيا ظهور تطورات أمنية خطيرة.
لقد قام الجيش الوطني الليبي التابع للفريق خليفة حفتر، الذي لا يعترف بالمجلس الرئاسي، بالسيطرة مؤخراً على مرافق نفطية رئيسية في حين استمر في قتال مجلس شورى ثوار بنغازي في بنغازي.

وتواجه جماعات مسلحة من مصراته بشكل أساسي وموالية للمجلس الرئاسي ما تبقى من مقاتلي ما يدعى بالدولة الإسلامية في سرت، ويدعمها في ذلك ضربات جوية تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية.
ولقد دفعوا ثمناً باهظاً في هذه المعركة الهامة بمقتل حوالي 600 وإصابة الآلاف. لقد كنت في مصراته الأسبوع الماضي والتقيت بالعديد من الأشخاص في السوق: جميعهم قالوا لي أنهم فقدوا ما لا يقل عن فرد من أفراد عائلتهم في القتال.

كما تشهد طرابلس وأجزاء أخرى من البلاد اندلاع أعمال عنف متفرقة. ولا ينبغي التقليل من شأن خطر ازدياد التوترات القائمة في العاصمة.
إن انعدام الاستقرار السياسي والعسكري يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد.
فيما تنفق الحكومة 93 بالمائة من مجمل ميزانيتها على الدعم والرواتب، بما في ذلك رواتب أعضاء الجماعات المسلحة التي لا تخضع لسيطرة الحكومة.
ويواجه الناس مشقات يومية حيث يتحملون انقطاعات طويلة في إمدادات الكهرباء ونقص السيولة.
ويقف الناس في طوابير لساعات، كل يوم، لسحب مبلغ محدد من المال.

والنظام الطبي معطل فيما تعد العديد من المدارس غير صالحة للاستخدام.
فالبلد الذي من المفروض أن يكون بلداً غنياً ومتقدماً أصبح يواجه صعوبة متزايدة في تقديم الخدمات الأساسية لشعبه.

السيد الرئيس،
هناك ثلاث رسائل هامة أود أن اشاطرها معكم:
- أولا، عندما يتعلق الأمر بحماية المدنيين لا يوجد شرق أو غرب أو جنوب. فالوفيات والمعاناة موجودة في جميع أنحاء البلاد.
- ثانيا، وضع المهاجرين الموجودين في ليبيا والذين هم في طريقهم إلى أوروبا غير مقبول.
- ثالثا، لن يكون السلام مستداما ما لم يحققه الليبيون، ينبغي أن تبدأ المصالحة الوطنية الآن.

وسأختتم بإعطاء تفصيل لبعض الخطوات التالية لتحسين وتعزيز حقوق الإنسان في ليبيا.

النقطة الأولى تتركز حول تأثير الحرب على المدنيين

إن تعدد الصراعات المسلحة الدائرة في ليبيا تؤثر مباشرة على حياة الليبيين. لقد وثقت البعثة خلال الفترة 1 آذار/مارس إلى 31 آب/أغسطس وقوع 287 إصابة في صفوف المدنيين، بما في ذلك 141 حالة وفاة و146 حالة إصابة بجروح.
ومن ضمن الضحايا 30 طفلا لقوا حتفهم و28 آخرين أصيبوا بجروح.
وتقتصر هذه الأعداد على الحالات التي تمكنت البعثة من توثيقها والخاصة بالمدنيين الذين لقوا حتفهم أو جرحوا بسبب القتال.
إن العدد الحقيقي للضحايا في صفوف المدنيين هو أعلى من ذلك.

وفي بنغازي، توجد أكثر من 100 اسرة عالقة في مناطق القتال حيث تواجه القصف المستمر والنقص في الغذاء والرعاية الطبية والكهرباء.
وقد سعت البعثة لترتيب وقف لإطلاق النار وهي تدعم جهود الوساطة المحلية التي من شأنها السماح للمدنيين الذين يرغبون في الخروج القيام بذلك.
غير أن الأطراف المتصارعة لم تتفق على طرق لضمان الإجلاء الآمن.
كما يعاني المدنيون في درنة من نقص في السلع الأساسية.
وفي سرت، تثير التقارير الواردة عن عمليات القتل بدون محاكمة لأسرى الدولة الإسلامية قلقاً بالغاً.

وأرحب بالتطمينات بأن هذه ليست سياسة متبعة، وأذكر جميع المعنيين بأن مكافحة الإرهاب يجب أن تتم بما يتماشى تماما مع القانون الإنساني الدولي.
تستمر المجموعات المسلحة في أنحاء البلاد بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مع الإفلات التام من العقاب.
وتتلقى البعثة تقارير يومية عن عمليات اختطف واعتقال تعسفي وقتل بدون محاكمة وتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
ينبغي مناقشة مسألة إفلات المجموعات المسلحة من العقاب بصورة عاجلة.

وفي هذا السياق، قمت بزيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في أيار/مايو لأعرض دعم البعثة، ولأواصل تكرار مطالبتي بتوفير مزيد من الموارد للسماح للمحكمة بالتحقيق تحقيقاً كاملاً في الجرائم الدولية المرتكبة في ليبيا، بما في ذلك تلك التي تم ارتكابها منذ عام 2011.
كما أود أن أذكر أيضا بالتزام ليبيا بتسليم سيف الإسلام القذافي للمحكمة.

آتي الآن إلى النقطة الثانية: الهجرة

السيد الرئيس،
لا يمكنني التأكيد بما فيه الكفاية على المعاناة المروعة للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، خاصة أولئك القادمين من بلدان إفريقيا جنوبي الصحراء، أثناء سفرهم عبر ليبيا.
وكما أشارت نائب المفوض السامي، فإن الانتهاكات الممنهجة التي يعانون منها غير مقبولة على الإطلاق، وكذلك الإفلات من العقاب الذي يتمتع به الجناة، بما في ذلك أعضاء الجماعات المسلحة والمؤسسات الرسمية والمتجرون والمهربون.
وتسعى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى إنهاء الاحتجاز التعسفي للمهاجرين وإغلاق عدد من مراكز الاحتجاز وزيادة الحماية للمحتجزين إلى جانب زيادة موارد العودة الطوعية.

وتتعرض النساء بصفة خاصة إلى انتهاكات في مراكز الاحتجاز تلك، ويشمل ذلك العنف الجنسي، وهن بحاجة إلى دعم مخصص.
كما ينبغي أن تقوم ليبيا بإلغاء تجريم الهجرة غير النظامية وإنشاء نظام للجوء في أسرع وقت ممكن.

والرسالة الثالثة لي اليوم هي المصالحة الوطنية

السيد الرئيس،
في بادرة أكثر إيجابية، توجد أمثلة ناجحة لمبادرات المصالحة المحلية التي تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار وعودة النازحين.
ومن الأمثلة المهمة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 31 آب/أغسطس بين ممثلي مدينتي مصراته وتاورغاء – وهما طرفا القتال في إحدى أكثر الصراعات مرارة أثناء نزاع عام 2011.
ويحدد الاتفاق برنامجاً لتعويض ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وعودة حوالي 000 40 نازح من التاورغاء.
وقد كان هذا الاتفاق نتاجاً للجهود الشجاعة والحثيثة للمشاركين الليبيين استمرت حوالي 18 شهراً بدعم وثيق من الوساطة التي قدمتها شعبة حقوق الإنسان في البعثة.
وتلتزم البعثة الآن بدعم الطرفين لتنفيذ الاتفاق بما يتماشى بصورة كاملة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة لضمان أن يكون الحق في العودة والتعويض متوازيان وألا يكون أحدهما شرطاً للآخر.

المؤسسات الليبية ودعم الأمم المتحدة

السيد الرئيس،
أود الآن أن أوضح بشكل مختصر بعض التطورات الرئيسية المتعلقة بالمؤسسات الليبية والتي تعد ذات الصلة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان والدعم الذي تقدمه البعثة.

أولاً، الدستور.
بدعم من البعثة ومن حكومة سلطنة عمان، انتهت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور المنتخبة من وضع مسودة في شهر آذار/مارس.
وتتضمن المسودة تحسينات على النسخ السابقة على الرغم من أنها لا تتوافق بشكل كامل مع معايير حقوق الإنسان.
ويوجد حالياً خلاف حول ما إذا كانت المسودة قد تم اعتمادها بالعدد الكافي من الأصوات.
وينبغي الموافقة على المسودة في استفتاء وطني.
وسأحاول التواصل مع مقاطعي الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور خلال الأيام المقبلة للحصول على موافقة الجميع على مشروع للدستور.

ثانياً، قطاع الأمن
قام مجلس الرئاسة مؤخراً بتعيين قادة الحرس الرئاسي، وهي قوة أمنية جديدة تتضمن ولايتها تأمين المجلس الرئاسي والمرافق العامة.
وهذه خطوة محمودة نحو تأسيس قوات أمن نظامية خاضعة لسيطرة الحكومة.
وقد قدمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المشورة بشأن عملية فحص جميع أفراد الحرس للتأكد من عدم ارتكابهم لأية انتهاكات لحقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل ضمان أن يساعد عملنا مع قوات الأمن على التقليل من انتهاكات حقوق الإنسان بدلاً من تأجيجها، تعمل البعثة وفريق الأمم المتحدة القطري على تنفيذ سياسة العناية الواجبة المتبعة لدى الأمم المتحدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأقترح إنشاء وحدة توصيف ضمن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بناء على تجربتي في بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ومثل هذه الوحدة يتحتم تمويلها من قبل الدول الأعضاء وسأقدم قريباً اقتراحاً بهذا الشأن.

ثالثاً، السلطة القضائية وخدمات السجون
على الرغم من الانشقاقات السياسية في البلاد والتهديدات الأمنية، فإن ما يبعث على الأمل هو أن هاتين المؤسستين حافظتا إلى حد كبير على وحدتهما.
إذ لا تزال هناك محكمة دستورية واحدة ومجلس أعلى واحد للقضاء وشرطة قضائية واحدة (مصلحة السجون الليبية).
وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على اتصال منتظم مع المدعين العامين الأساسيين والقضاة ومديري السجون، ساعية إلى تقديم أي دعم ممكن في ظل الظروف الحالية.

رابعاً، مشاركة المرأة والشباب في الحياة العامة
من دواعي سروري أن أعلن أن المجلس الرئاسي أنشأ في الثامن من أيلول/ سبتمبر وحدة تمكين ودعم المرأة على النحو المتوخى في الاتفاق السياسي الليبي.
وتواصل البعثة تشجيع مشاركة المرأة في جميع الأنشطة التي تضطلع بها البعثة.
وسوف أواصل الدعوة دون هوادة إلى زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية في ليبيا.
أما إشراك الشباب فيشكل مصدر قلق خاص. إذ أن 50 بالمائة من سكان ليبيا تتراوح أعمارهم ما بين 15 و35 سنة.
ويشكل الشباب والنساء معاً أغلبية الثلثين في ليبيا، إلا أن أصواتهم ما زالت غير مسموعة.

وأخيراً السيد الرئيس،
أود أن أختتم بالثناء على مجلس حقوق الإنسان لاهتمامه بليبيا، كما أود أن أعرب عن تأييدي لاقتراح المفوض السامي المقدم إلى المجلس بشأن تعيين خبير مستقل، وفقاً لإجراءات خاصة، ليقدم تقارير عن حقوق الإنسان والمساءلة في ليبيا.
وتقف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على أهبة الاستعداد للتعاون بشكل كامل مع أية آلية جديدة من شأنها أن تعزز حماية حقوق الإنسان والنهوض بها في ليبيا.

شكراً لكم.