كلمة الممثل الخاص للأمين العام، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، السيد عبد اللهِ باتيلي، إلى مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي 18 نيسان/ أبريل 2023

18 أبريل 2023

كلمة الممثل الخاص للأمين العام، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، السيد عبد اللهِ باتيلي، إلى مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي 18 نيسان/ أبريل 2023

السيد الرئيس

أعضاء المجلس الموقرون

السيدات والسادة الكرام

أشكركم على التكريم الذي مُنح لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لاطلاعكم على الجهود المبذولة لإعادة السلام والأمن والاستقرار إلى هذا البلد الشقيق.

منذ أن خاطبت هذا المجلس الموقر آخر مرة ، قدمت إحاطة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 27 شباط / فبراير. وفي تلك المناسبة، أعلنت أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا سوف تتخذ مبادرة للمساعدة في إجراء الانتخابات في ليبيا في عام 2023. ومنذ ذلك الحين، وعبر نهج شامل لا يقتصر على إشراك المؤسسات الوطنية مثل المجلس الرئاسي والحكومة ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات فحسب، بل وأيضاً الأطراف العسكرية والأمنية الفاعلة والأحزاب السياسية والمرشحين المحتملين والمجتمع المدني، بما في ذلك الأعيان وزعماء القبائل والنساء والشباب من جميع مناطق ليبيا. لقد تعهدت ببناء توافق في الآراء بشأن أكثر القضايا مثاراً للخلاف والمتعلقة بالتنظيم السلمي والنجاح في إجراء انتخابات مُرضية وشاملة وحرة وشفافة هذا العام. وفي سبيل القيام بذلك، يتوجب علينا جميعاً ضمان الانخراط الإيجابي للمؤسسات المذكورة وكذلك الجهات الفاعلة السياسية، وإشراك المجموعات العسكرية وشبه العسكرية والتشكيلات المسلحة والمجتمع المدني والقادة التقليديين والمجتمعيين والنساء والشباب. هذه الانتخابات تمثل تحدياً يتوجب تحشيد جميع شرائح المجتمع بطريقة شاملة.

التقيت خلال الأسابيع القليلة الماضية بكل الجهات الفاعلة المؤسسية والسياسية والأمنية والمجتمعية والمواطنين المهتمين بالشأن الانتخابي. وقد عبروا جميعاً عن رغبتهم الواضحة للمشاركة في تحديد معايير العملية الانتخابية.

وعلى المستوى السياسي والمؤسسي، عرضت البعثة دعمها الفني واللوجستي للجنة (6+6) التي شكلها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لاستكمال القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية الضرورية لإجراء الانتخابات. وأثني هنا على التزام مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وأحثهما على الوفاء بوعدهما بتحقيق رغبة الشعب الليبي في اختيار ممثليه الشرعيين هذا العام من خلال الانتهاء من صياغة النصوص القانونية في الوقت المحدد.

كما كثفت البعثة مشاوراتها مع القوى السياسية الممثلة إما في الأحزاب أو ائتلافات الأحزاب. والتقينا أيضاً بمرشحين محتملين. فمن أجل نجاح العملية السياسية والانتخابية، من المهم أن تلتزم جميع الأطراف، من خلال مدونة سلوك، بالامتناع عن أية أعمال من شأنها أن تشكل تحريضاً على الكراهية والعنف واحترام نتائج الانتخابات. وسنواصل العمل بلا كلل لتحقيق هذه الغاية.

السيد الرئيس

الوزراء الكرام 

على الرغم من أن استكمال الإطار القانوني هو شرط ضروري لإجراء الانتخابات، غير إنه لا يكفي في حد ذاته. إذ تمثل اللحظة الانتخابية فرصة نادرة لأية أمة للالتقاء بكل مكوناتها لمناقشة مستقبلها والتوصل إلى حلول وسط جديدة. وفي ليبيا، التي مزقها صراع بين الأشقاء لعقد من الزمان، يعتبر هذا الدافع أكثر أهمية.

وعلى هذا الأساس، شرعت في مناقشات على المستوى الأمني مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وجميع الأطراف المسلحة من أجل بناء توافق في الآراء فيما بينهم على ضرورة التزامهم الوطني بتأمين انتخابات سلمية في جميع أنحاء ليبيا. وهكذا، أكدوا من جديد، في بنغازي وطرابلس وسبها، استعدادهم للمساهمة في إجراء انتخابات سلمية ونبذ العنف المسلح والالتزام بالمصالحة الوطنية. وفي هذا الصدد، أطلق قادة الجيش الوطني الليبي في 8 نيسان/ أبريل سراح ستة محتجزين. بالإضافة إلى ذلك، أعرب رئيسا الأركان عن الالتزام ذاته بالعمل على إعادة توحيد المؤسسة العسكرية وإجراء انتخابات سلمية، وذلك خلال اجتماعهما في بنغازي في 13 نيسان/ أبريل. وأود هنا أن أشيد بالالتزام الوطني للقيادات العسكرية والأمنية وآمل أن يكون ذلك مصدر إلهام لكل الليبيين.

السيد الرئيس

أعضاء المجلس الموقرون

لقد كانت إشراك المواطنين بشكل مباشر جزءاً من مبادرة دعم إجراء الانتخابات التي قدمتها البعثة. تتذكرون جميعاً أنه في عام 2021، تسجل أكثر من 2.8 مليون ليبي للمشاركة في الانتخابات. لذا يتعين علينا أن نصغي لمطالبهم بإعطائهم الفرصة لاختيار قادتهم. ويهدف هذا المحور أيضاً إلى ضمان أن يؤدي الليبيون، من خلال حشدهم بشكل فعال، دورهم بصورة كاملة ومحاسبة قادتهم على نحو أكبر. وبوسع عموم المواطنين في البلاد، بمن فيهم الأعيان والنساء وقادة الشباب، أن يؤدوا دوراً في منع العنف وضمان احترام نتائج الانتخابات. وبوسعهم أيضاً المشاركة في الترويج لمدونة قواعد السلوك التي ذكرتها سابقاً.

السيد الرئيس

أعضاء المجلس الموقرون

تؤكد الأمم المتحدة مجدداً التزامها بالعمل في شراكة مع الاتحاد الأفريقي لدعم المجلس الرئاسي الليبي بشأن المصالحة الوطنية، ونثمن عالياً الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في الدفع بعملية المصالحة الوطنية في ليبيا، استناداً إلى مبادئ العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان مع ضمان ربط المصالحة والعدالة الانتقالية بشكل مناسب بجهودنا السياسية.

في احاطتي الأخيرة إلى مجلسكم، رحبت بالدور الذي اضطلع به نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي في عقد الاجتماع التحضيري للمصالحة الوطنية الذي عقد في طرابلس في الفترة من 8 إلى 12 كانون الثاني/ يناير، وجهود المجلس الرئاسي لتطبيق رؤية استراتيجية للمصالحة الوطنية، وذلك على النحو الوارد في خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. وكجزء من هذه المبادرة، كُلفت لجنة قانونية بصياغة قانون شامل حول المصالحة ينص على إنشاء آليات للعدالة الانتقالية، بما في ذلك الدوائر القضائية الخاصة ولجنة لتقصي الحقائق وصندوق لجبر الضرر ولجنة للتحقق. ويمثل مشروع القانون هذا خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الانتقالية وتعزيز المصالحة في ليبيا. وهنا أدعو الأطراف الليبية المعنية، بما فيها مجلس النواب، إلى اعتماده دون تأخير. وابرزت مشاورات الأمم المتحدة المستمرة مع الضحايا الحاجة الملحة إلى العدالة، والتي يمكن أن يثير إنكارها دوامات متجددة من العنف والانتقام. علاوة على ذلك، فقد دعت الأمم المتحدة باستمرار إلى زيادة تمثيل الضحايا والفئات المهمشة في عملية صياغة وتفعيل العدالة الانتقالية في ليبيا، وبالأخص النساء والأقليات العرقية والشباب والنازحين، ويتعين أن يكون تمثيلهم ذا مغزى.

ويجب أن تسعى المصالحة، بوصفها عملية طويلة الأمد، إلى معالجة الأسباب الجذرية للنزاع من خلال إشراك جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة والتركيز على الضحايا. وينبغي أن تتركز جهودنا أيضاً على ضمانات البحث عن الحقيقة وعدم تكرار النزاع. وفي هذا السياق، آمل أن تسترشد الخطوات المقبلة للعملية السياسية التي ستتخذها السلطات المنتخبة حديثاً بحتمية أن تتجنب الدولة والمجتمع أخطاء الماضي وأن تحول دون وقوعها. ولهذا السبب، نكرر دعوتنا إلى الاتحاد الأفريقي بأن يوفد، على أساس دائم، فريقاً مخصصاً من الخبراء رفيعي المستوى وذوي الخبرة مزودين بمعرفة الدروس المستفادة من عمليات المصالحة الأخرى في أفريقيا، وذلك لمساعدة المجلس الرئاسي والأطراف المعنية الأخرى في المصالحة في إدارة هذه العملية.

ومن خلال ضمان وجود مؤسسات شرعية في ليبيا، ستكون الانتخابات وسيلة فعالة للتعجيل بعملية المصالحة. وفي هذا الصدد، أود أن أشيد بجهود وزير خارجية جمهورية الكونغو، أخي جان كلود جاكوسو، رئيس فريق عمل الاتحاد الأفريقي في ليبيا، بشأن قضية المصالحة الوطنية.

ومن نفس المنطلق، فإن إيجاد مجتمع متصالح وأكثر ديمقراطية يتطلب أيضاً بيئة صحية لمنظمات المجتمع المدني. وبالمثل، أعرب التقرير النهائي للبعثة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا، والذي صدر في 27 آذار/مارس، عن القلق إزاء حالة حقوق الإنسان، وأكد على ضرورة إنصاف ضحايا الانتهاكات بمختلف أنواعها. وأود أن أدعو مجلسكم إلى حث السلطات الليبية على حماية الحيز المدني وتوسيعه وعدم ادخار أي جهد لتوفير سبل انصاف فعالة للضحايا، بمن فيهم المهاجرون.

السيد الرئيس

أعضاء المجلس الموقرون


ينبغي أن يظل التزامنا المشترك بدعم ليبيا ثابتاً. وأرحب هنا بالمشاركة الفعالة للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا وأود أن أشكر مجلس السلم والأمن الإفريقي على بيانه الصادر عن جلسته 1136 المنعقدة في 1 شباط/ فبراير 2023، والتي أكدت من جديد دعم المجلس للتقدم في عملية المصالحة الوطنية. كما أشيد وأرحب بقيادة الرئيس ساسو نغيسو، الذي ترأس اجتماع الفريق رفيع المستوى للاتحاد الأفريقي المعني بليبيا على هامش قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة، لإحياء الدعم الدولي لعملية المصالحة الوطنية الليبية. وكما أشار الأمين العام للأمم المتحدة في كلمته أمام اللجنة، فإن احراز تقدم نحو تحقيق المصالحة الوطنية يمثل أولوية فيما يتعلق بجهود الاتحاد الأفريقي المستمرة لدعم عملية شاملة.


وفي ضوء ذلك، أؤكد مجدداً التزام البعثة بمواصلة العمل مع الاتحاد الأفريقي لدعم المصالحة الوطنية والسلام والاستقرار في ليبيا.

أشكر لكم حسن استماعكم