من أجل بيئة أكثر أماناً لليبيين :الأمم المتحدة والشركاء الليبيون والدوليون يدمرون 50 طناً من الذخائر

previous next
16 ديسمبر 2013

من أجل بيئة أكثر أماناً لليبيين :الأمم المتحدة والشركاء الليبيون والدوليون يدمرون 50 طناً من الذخائر

مصراته - استغرقت التحضيرات لعملية التفجير شهوراً، فيما استغرقت المرحلة الأخيرة بضع ساعات، وفي غضون دقائق معدودة تحول 50 طناً من الذخيرة إلى دخان بعد أن تم تدميرها بواسطة تفجيريْن تم الإعداد لهما والتحكم فيهما ومراقبتهما من قبل خبراء. وبهذا تكون ليبيا قد تخلصت من جزء من مخلفات الحرب الخطيرة غير المستقرة، والتي تشكل تهديداً كبيراً على السلامة العامة.

ولا تمثل هذه العملية التي شملت ذخائر ومواد غير منفجرة وغيرها من مخلفات الحرب التي أصبحت قديمة أو تالفة بسبب العوامل الجوية، سوى جزء بسيط من الكمية التي تحتاج إلى إزالة وتدمير في منطقة مصراته التي كانت ساحة قتال رئيسية خلال ثورة 2011.

وتأتي هذه العمليات التي تمت في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2013 ضمن عمل فرق مخصصة لتطهير بعض مناطق البلاد من مخاطر الذخيرة وذلك لضمان السلامة العامة. وتشمل هذه الفرق المركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام، والمنظمة الدولية للمعوقين، والفريق الاستشاري المعني بالألغام، ومؤسسة المساعدات الكنسية الدنماركية. وقامت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتنسيق كل هذه الجهود والأعمال من خلال قسمها الاستشاري المعني بالأسلحة والذخائر.

وقال غرايم أبيرنثي، رئيس العمليات في القسم الاستشاري المعني بالأسلحة والذخائر بالبعثة، والذي كان في موقع عملية التفجير: "نحن ندعم تنسيق العمليات ونعمل على ضمان أن تتم عمليات التدمير المتحكم فيها بنجاح وبأمان وفقاً لرغبات الليبيين"، وأضاف أن عمليات الإزالة مستمرة منذ عدة أشهر في هذه المنطقة حيث جاءت عملية التفجير في 12 كانون الأول/ديسمبر عقب نجاح عملية أخرى في شهر تشرين الثاني/نوفمبر.

وجرى التشديد مرة أخرى على أهمية إدارة الذخيرة في قرار مجلس الأمن 2095 (آذار/مارس 2013) الذي مدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. حيث شملت ولاية البعثة مهام دعم الجهود الليبية لمكافحة الانتشار غير المشروع لجميع الأسلحة والمعدات ذات الصلة بكافة أنواعها، ولا سيما الأسلحة الثقيلة والخفيفة، والأسلحة الصغيرة وصواريخ أرض - جو المحمولة على الكتف، بما في ذلك من خلال وضع استراتيجية منسقة في هذا الصدد لإزالة مخلفات الحرب من المتفجرات، وتنفيذ برامج إزالة الألغام والتخلص من الذخائر التقليدية، وتأمين وإدارة الحدود الليبية، وتنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسلحة والمواد الكيميائية والبيولوجية والنووية، وذلك بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة المعنية، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والشركاء الدوليين والإقليميين.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي-مون، في تقريره عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المقدم إلى مجلس الأمن في أيلول/سبتمبر 2013 أن الذخائر ومواد الأسلحة الكيميائية والأسلحة التي يسهُل الحصول عليها والمتفجرات من مخلفات الحرب غير المؤمنة والفاسدة لا تزال تشكل ﺗﻬديداً كبيراً للأمن الوطني والإقليمي. وأضاف التقرير أنه باتباع استجابة متسقة في إطار ”وحدة العمل في الأمم المتحدة“، قدمت البعثة وفريق الأمم المتحدة في ليبيا المشورة إلى الشركاء الليبيين بشأن الخطط الاستراتيجية للتصدي لمشكلة الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب في البلد .

وقال العقيد محمد ترجمان، من المركز الليبي للأعمال المتعلقة بالألغام/سلاح الهندسة بالجيش الليبي، إن عملية جمع المتفجرات بهدف القيام بعمليات التفجير في 12 كانون الأول/ ديسمبر بدأت بشكل فعلي في شهر كانون الثاني/يناير. وقد تمت إزالة أطنان عديدة من القذائف وقذائف الهاون والصواريخ والذخائر الصغيرة من مخازن النظام السابق التي دمرها حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشكل جزئي أو كلي أثناء الصراع، وتم نقل هذه المواد إلى موقع بالقرب من الساحل على بعد 35 كيلومتر من مصراته من أجل تدميرها.

وبحسب العقيد ترجمان ، وهو الضابط المسؤول عن عمليات إزالة الألغام للمنطقة الوسطى التي تضم مصراته والخاضعة لقيادة رئاسة الأركان العامة، فإن هذه الذخائر لم يدمرها قصف الناتو، وبالتالي أصبحت غير مستقرة والكثير منها منتشر كثير منها على الأراضي الزراعية بالقرب من أكاديمية القوات الجوية.

وقال أيضاً إنه قد تم جمع أكثر من ألف طن من هذه الذخائر ومخلفات الحرب غير المنفجرة في منطقة مصراته. وقد تم بالفعل تدمير ما مجموعه 500 طن وهناك 500 طن إضافية جاهزة للتدمير.

ويتوقع الخبراء أن يتم تدمير هذه الكميات على فترات، 50 طن كل شهر على دفعتين، بمعدل 25 طناً للدفعة الواحدة كحد أقصى، وهو ما يعني أن اكتمال هذه العملية سيستغرق عدة أشهر، حيث تحتاج هذه العملية المعقدة إلى الكثير من التخطيط والدقة والجهد.

وقد قام زهاء 40 شخصاً من فرق عديدة تشارك في التخلص من الذخائر المتفجرة بالمساعدة في تقديم العمالة والمعدات اللازمة في عملية نقل وتفريغ الذخائر على نحو آمن. وقد استغرق الإعداد لعملية التدمير التي تم تنفيذها بتاريخ 12 كانون الأول/ ديسمبر ثلاثة إلى أربعة أيام استخدمت فيها الجرافات لحفر حفرتين مربعتين يبلغ طول كل واحدة منها 10 أمتار وعرضها 10 أمتار، وعمقها ثلاثة أمتار. وفي غضون ساعات في يوم التفجير، تم نقل المخلفات المراد تفجيرها في شاحنات من منطقة التخزين إلى الموقع تحت الحراسة، وتم وضعها في الحفرتين في صفوف- الذخائر ذات العيار الأكبر في الصفوف الخارجية والذخائر ذات العيار الأصغر في الصفوف الداخلية- ضمن عدة طبقات فوق بعضها البعض، مغطاة بأكياس رمل بحيث تساعد في تفجير الذخائر على نحو كامل وتمنع تطاير المواد المتفجرة. وقد وُضعت الألغام الأرضية بحيث تنفجر في وقت واحد باستخدام أجهزة تحكم سلكية ضمن مسافة آمنة تبعد كيلومترين تقريباً. وينبغي ألا تتجاوز كمية المتفجرات في كل حفرة 25 طناً، وهو الحد الأقصى المسموح به لأسباب تتعلق بالسلامة.

وبحلول منتصف اليوم، وبعد إجراء الاتصالات اللاسلكية بين الفرق العديدة التي أبدت جاهزيتها، أعطى العقيد ترجمان الإذن ببدء عملية التدمير. وفي غضون ثوان دوى انفجار ضخم انبعث على أثره دخان أسود تصاعد عالياً في السماء، وتبعه بعد ثلاثين دقيقة انفجار آخر دمر الخمس والعشرين طناً الأخرى في حفرة قريبة.

وقامت الفرق بعد ذلك بوقت وجيز بإجراء معاينة بصرية لموقعي التفجيرين اللذان أحدثا حفرة بعمق 10 أمتار وبعرض 40 متراً في الأرض وذلك للتأكد من عدم وجود أي مخلفات غير منفجرة، قبل أن تأتي جرافة لتقوم بتسوية الأرض.

وتعتبر عمليات التفجير هذه جزءاً فقط مما تقوم به الأمم المتحدة فيما يخص السيطرة على الأسلحة والذخائر.

وفي أعقاب انفجار مخزن الذخيرة الواقع في منطقة براك الشاطئ في الجنوب الليبي بتاريخ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، والذي خلف ما يزيد عن 40 قتيلاً، أرسلت الأمم المتحدة فريقاً من الخبراء للمنطقة لتقديم المشورة بشأن التعامل مع هذه الكارثة الناتجة عن شرارة تفجير تسبب فيها لصوص بالخطأ.

وأنشأت الأمم المتحدة في تموز/ يوليو 2013 أول منطقة تخزين ذخيرة من نوعها في مدينة مصراته، بإمكانها استيعاب 400 طن من الذخائر. وقامت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في شهر أيلول/ سبتمبر، من خلال دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، بتجهيز وتدريب وحدة دفاع جوي ليبية على كيفية التعامل مع حالات الطوارئ الناجمة عن تسرب الوقود السائل للصواريخ، وكيفية إبطال مفعول و تحييد حاويات وقود الصواريخ المتآكلة أو المدمرة جزئياً.

ومنذ شباط/ فبراير 2013 قامت البعثة، عن طريق دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، بإزالة 561818 من مخلفات الحرب من المتفجرات وذخائر الأسلحة الصغيرة يبلغ مجموع وزنها 132 طناً مترياً، وتغطي 1,55 كيلومتراً مربعاً من الأراضي ذات الجدوى الاقتصادية والمناطق العسكرية. ويسرت مشاريع تجري تحت قيادة ليبية للتخزين الآمن للأسلحة والذخائر والرقابة عليها. ورغم هذه الإنجازات، بدون توافر دعم مالي إضافي، سيظل وجود الذخائر غير المنفجرة والذخائر غير المؤمنة ومنظومات الأسلحة غير الخاضعة للمراقبة يشكل خطراً كبيراً على السكان المدنيين.