إحاطة الممثل الخاص للأمين العام، غسان سلامة، أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الوضع في ليبيا
السيد الرئيس،
أعضاء المجلس الموقرون،
اسمحوا لي أن أهنئ جمهورية الصين الشعبية على رئاستها لمجلس الأمن هذا الشهر. وأنا ممتن لمنحي هذه الفرصة لأطلعكم على عملنا في ليبيا.
السيد الرئيس،
منذ احاطتي الأخيرة لكم في مطلع أيلول/ سبتمبر، توقفت أخيراً اعمال العنف. ففي خلال شهر واحد من الاقتتال، لقي ما يزيد على 120 شخصاً حتفهم، بينهم 34 من النساء والأطفال.
ونتيجة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اتفقت الأطراف على انهاء مظاهر العنف. وفي 25 أيلول/ سبتمبر، انسحب معظم المعتدين القادمين من خارج المدينة.
وقد سعينا منذ ذلك الحين الى تحويل التحدي إلى فرصة. فقد كرسنا أنفسنا لتثبيت وقف إطلاق النار - على أرض الواقع وعلى المستوى السياسي - وذلك في سبيل تقليل احتمال حدوث أزمة مماثلة. وصاغت لجنة الترتيبات الأمنية الجديدة لطرابلس الكبرى خطة أمنية شاملة للعاصمة تم اعتمادها من قبل المجلس الرئاسي. حيث ستنسحب عناصر المجموعات المسلحة من المنشآت الرئيسية والمباني الرسمية، في حين سيتم نشر قوات الاحتياط في محيط المدينة. وقد عمل مركز العمليات المشتركة لطرابلس الكبرى، وما يزال، بشكل حثيث لتنسيق هذه العملية والمضي بها قدماً.
وقد بدأ التنفيذ بالفعل. إذ انسحبت عدد من المجموعات المسلحة من مواقع الوزارات وأبدت استعدادها لتسليم الميناء والمحطة المدنية في مطار
معيتيقة ليكونا تحت سلطة الدولة. ثمة نوع من الشعور الهش ولكنه ملموس بتحسن الوضع في جميع انحاء العاصمة.
والمفهوم الذي طالما اتبعناه في عملنا واضح ومتوازن. فبينما يتعين على المجموعات المسلحة من خارج المدينة الكف عن محاولة دخولها مجدداً، فإنه يجب على المجموعات المسلحة المتواجدة داخل المدينة التوقف عن استخدام وضعها لاختراق المؤسسات السيادية الموجودة في العاصمة أو ترويعها أو السيطرة عليها. لذا يتعين في المستقبل أن تتم حماية المدينة من قبل قوات شرطة منضبطة ونظامية.
النجاح في العاصمة أمر غاية في الأهمية، لا لأنها تضم معظم المؤسسات الحكومية ويقطنها 30 في المائة من السكان فحسب، بل أيضاً لأن النجاح في العاصمة يمكن أن يكون نموذجاً يتعين الاقتداء به في مدن أخرى في كافة ارجاء البلاد.
ومن بين العوامل المحركة للنزاع الظروف المزرية في السجون. إذ يقبع في الاحتجاز مئات الليبيين والأجانب بصورة غير قانونية وغير إنسانية ويتم استغلالهم لانتزاع الفدية. وقد تحولت بعض السجون إلى حاضنات للفكر المتطرف والجماعات الإرهابية. ففي حين أن هذه الأزمة قد دفعت إلى إصدار قرار يأمر السلطة القضائية بمراجعة ملفات آلاف السجناء القابعين في السجون، لم يتم الافراج سوى عن 255 شخصاً. لذا من الضروري الإسراع بهذه العملية فيما يتوجب على المجموعات المسلحة إعادة السيطرة على مراكز الاحتجاز إلى السلطات المختصة. ويتعين أيضاً وعلى الفور إغلاق السجون التي أضحت مؤسسات خاصة ربحية تديرها مجموعات مسلحة تحت غطاء الدولة. وقد أنشأت البعثة فريقاً خاصاً يُعنى بإصلاح السجون.
السيد الرئيس،
كانت وحدة هذا المجلس في دعمه لجهودنا في التوسط للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أمراً لا يقدر بثمن. ويبدو أن التلويح بفرض العقوبات وتطبيقها على المتورطين في أعمال العنف أو الجرائم كان له أثر ملموس في تغيير سلوك العديد من الأطراف المسلحة الفاعلة.
غير أنه يجب وضع حد لحالة الإفلات من العقاب. حيث أن ظاهرة اعتداء المسلحين على المرافق الطبية وكوادرها وابتزاز الأموال من المؤسسات المالية ومن النساء اللواتي ينتظرن دورهن في الحصول على الخدمات المصرفية هي ظاهرة غير أخلاقية وغير قانونية وإجرامية، ويجب أن تتوقف على الفور. وكانت هذه رسالتي يوم الثلاثاء، عندما زرت مستشفى الجلاء للنساء والولادة للتعبير عن تضامن الأمم المتحدة مع العاملين في المستشفى بعد تعرض هؤلاء العاملين في المجال الصحي للإعتداء على يد أفراد تابعين لإحدى العصابات المسلحة.
ويشير تعيين وزير داخلية جديد في 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى العزم على العمل بشكل جدي لترسيخ الأمن بطريقة قوية وأكثر حزماً. ويسرني أن ابلغكم بان القرار الأول الذي أصدره الوزير هو إنشاء وحدة لحقوق الإنسان ضمن هيكل الوزارة.
أمامنا الآن فرصة للتصدي للتحديات الجسيمة التي تواجهها المؤسسات الأمنية في ليبيا منذ عام 2011. وقد اغتنمت البعثة هذه الفرصة.
ويشكل المؤتمر الذي سيعقد قريباً حول ليبيا بضيافة الحكومة الإيطالية في مدينة باليرمو فرصة للدول الأعضاء لتقديم الدعم الملموس المتجسد في تدريب القوات الأمنية تدريباً مهنياً. وأود هنا أن أشكر الدول الأعضاء التي عرضت المساعدة بالفعل. إذ يتعين علينا مساعدة الليبيين لطي صفحة الاعتماد على المجموعات المسلحة لتوفير الحماية لهم.
وعلى المدى المتوسط، علينا أن نسهم في توحيد الجيش وإعادة هيكلته ليكون جيشاً مهنياً وطنياً وعلينا أيضاً المساهمة في المبادرة المصرية.
السيد الرئيس،
ما أعمال العنف التي اندلعت في شهر أيلول/سبتمبر إلا انعكاس لهشاشة الوضع في البلاد. فالنزاع في ليبيا في معظمه نزاع على الموارد، وحتى يتم حل هذه المسألة، يبقى استقرار البلاد أمراً صعب المنال.
فليبيا دولة غنية، إذ يصل انتاجها النفطي إلى 1.3 مليون برميل في اليوم الواحد وبلغت عوائد هذا البلد الذي يضم 6.5 مليون نسمة أكثر من ثلاثة عشر مليار دولار أمريكي فقط في النصف الأول من العام الحالي. غير أن هذه الأرقام تعتم على الحقيقة؛ إذ تتزايد معاناة الليبيين من الفقر في الوقت الذي يلجأ فيه المجرمون إلى العنف وتقوم شبكات رعاية المصالح بسرقة المليارات من الخزينة الوطنية.
ومن المفارقات، أن أعمال العنف التي عصفت بطرابلس أتاحت فرصة فريدة لطرح إصلاحات اقتصادية طال انتظارها وتشتد الحاجة إليها. ففي 12 أيلول/سبتمبر، تم إطلاق مجموعة من التدابير الاقتصادية التي يُبتغى منها تحسين الظروف المعيشية للشعب الليبي والحد من فرص انتفاع المليشيات من اقتصاد الظل.
وأدى فرض رسوم على التعاملات المالية بالعملة الأجنبية انخفاضاً يقارب خمسة وعشرين بالمائة في سعر الصرف في السوق السوداء. ويسهم جسر الهوّة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء في الحد هامش الاستغلال. حيث انخفضت أسعار السلع الأساسية كالسكر والخبز والمواد المدرسية السيارات المستعملة.
كما انحسرت العديد من الهموم التي عانى منها الليبيون منذ عهد طويل مع انحسار أزمة السيولة وتقلص الطوابير خارج أبواب المصارف. فبينما كان هنالك عجز، يوجد الآن فائض في الخزينة العامة.
ولم يكن ذلك سوى الخطوة الأولى.
إذ يجب القيام بالمزيد لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي وتجنب وقوع أي انتكاس في المكاسب التي جنيناها. فالإلغاء التدريجي لدعم المحروقات باتجاه التحويل النقدي المباشر من شأنه أن يزيد الدخل الفعلي للأسر الفقيرة في الوقت الذي يحول دون وقوع مليارات الدنانير في أيدي المهربين.
ومن بين مواطن الخلل التي تعاني منها البلاد هو انقسام أهم المؤسسات المالية فيها.
وفي سبيل تعزيز إعادة توحيد المؤسسات وترسيخ المسؤولية المالية، تواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عملها بشأن الرسالة التي وجهها المجلس الرئاسي إلى هذا المجلس في 10 تموز/ يوليو لإجراء مراجعة مالية للمصرف المركزي وفرعه الموازي في الشرق. وبالأمس، استضفت اجتماعاً ثانياً ضم المحافظ السيد الصديق الكبير ونائب المحافظ السيد علي الحبري، تم فيه التوصل إلى اتفاق حول نطاق هذه الإجراءات والمراحل المقبلة.
وهنا أيضاً يمكن أن يوفر مؤتمر باليرمو المقبل فرصة لاكتساب المزيد من الدعم العملي لوضع نظام يهدف إلى إعادة توزيع ثروات البلاد لا لمصلحة أولئك الذين أصبحوا أصحاب الملايين بين ليلة وضحاها وإنما للشعب بأكمله.
السيد الرئيس،
إن الأمن والاقتصاد ركيزتان من ثلاثة ركائز يقوم عليها الاستقرار. أما الثالثة فهي العنصر السياسي.
فقد أتى التعديل الوزاري الذي قام به المجلس الرئاسي في 7 تشرين الأول/أكتوبر بأربعة وزراء جدد. وستدعم الأمم المتحدة أية تعيينات أخرى تصب في مصلحة الشعب الليبي سواء على مستوى تقديم الخدمات أو الأمن. ويبقى محور تركيز البعثة منصباً على السياسات لا على الساسة وتحسين أداء المؤسسات لا الترويج لأشخاص.
وتتواصل الجهود الرامية إلى تعديل هيكلية المجلس الرئاسي. وتقدر البعثة التواصل المستمر بين أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والذي بدأ مع الاجتماعات التي نظمتها البعثة بين المجلسين في خريف عام 2017. وسنرى ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق حقيقي.
السيد الرئيس،
لقد منح الشعب الليبي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي كافة الفرص لمجلس النواب علّه يضع نصب عينيه مصلحة البلاد إلا أنه أخفق في الإضطلاع بمسؤولياته. فبعد شهور من التعهد الملزم بالخروج بالتشريعات اللازمة لإجراء الاستفتاء على مقترح الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لم نرَ أي شيء على الإطلاق.
وبات جلياً الآن بأن تأجيل الجلسات والتصريحات المتناقضة لم تكن سوى مجرد وسيلة يُقصد منها تضييع الوقت. فالجسم الذي يسمّي نفسه الهيئة التشريعية الوحيدة في ليبيا عقيم إلى حد كبير.
وبالنسبة لكلَي المجلسين، تشكل الانتخابات تهديداً يتوجب عليهما مقاومته مهما كلف الأمر، أما بالنسبة للمواطنين، فالانتخابات وسيلة لتحريره من السلطات المشلولة التي تفقد شرعيتها أكثر فأكثر. فوفقاً لآخر استطلاع أجريناه، والذي تلقيته هذا الصباح، 80 بالمائة من الليبيين يصرون على إجراء الانتخابات.
عدد لا يحصى من الليبيين ضاقوا ذرعاً بالمغامرات العسكرية والمناورات السياسية التافهة. لقد حان الوقت لإتاحة الفرصة أمام مجموعة أوسع وأكثر تمثيلاً من الليبيين للقاء على الأرض الليبية دون أي تدخل خارجي، من أجل رسم مسارٍ سليم للخروج من المأزق الحالي، معزَّز بجدول زمني واضح.
فهم يرغبون في المضي قدماً بالمؤتمر الوطني وأوافقهم بأن هذا هو السبيل لإحراز التقدم.
لقد أَجبرَنا صيفٌ طبعته أحداث مأساوية مع الاعتداءات الإرهابية وأزمة الهلال النفطي ومعارك درنة ومؤخراً الاشتباكات في طرابلس على تأجيل هذا الحدث الهام بل والتاريخي، الذي من الواضح يتعذر تنظيمه في وقت يستحكم فيه الاستقطاب الحاد أو الاشتباكات المسلحة. الآن، أضحت الظروف أكثر مواتاةً.
حيث من المعتزم أن يلتئم المؤتمر الوطني في الأسابيع الأولى من عام 2019، ومن المفترض أن تعقبه العملية الانتخابية لتبدأ في ربيع العام ذاته.
وسيكون مؤتمراً يقوده الليبيون ويتولَّون زمامه.
وسيعمل هذا المؤتمر على الاستفادة من وتطوير مساهمات الآلاف من الليبيين الذين شاركوا في اللقاءات التحضيرية السبعة والسبعين التي عُقدت في جميع أنحاء البلاد وخارجها خلال ربيع هذا العام.
وسيوفر المؤتمر منبراً للشعب الليبي للتعبير عن رأيه وإسماع صوته. فمن خلاله، يمكن الدفع بالمؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي الليبي وهي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوفاق الوطني نحو اتخاذ الخطوات الضرورية التي طال أمد انتظارها من أجل المضي قدماً في العملية السياسية.
وليس القصد من هذا المؤتمر أن يكون مؤسسة جديدة ولا هو محاولة لان يحل محل الهيئات التشريعية القائمة. بل على العكس من ذلك، سيعمل المؤتمر، بناءً على نص الاتفاق السياسي الليبي ذاته، على إيجاد مجال لليبيين لبلورة رؤيتهم للمرحلة الانتقالية ولن يكون بوسع سياسييهم تجاهلهم بعد الآن. لذا فإن الدعم الدولي لتوصيات المؤتمر الوطني أمر حاسم لنجاحه.
السيد الرئيس،
لا بد لي من أن أتطرق إلى الوضع في جنوب البلاد، والذي أصبح أكثر خطورة من أي وقت مضى. انهيار تام للخدمات المقدمة للسكان، وارتفاع في مستويات الإرهاب والجريمة، واستشراء للفوضى. وتهديد لحقول النفط ومرافق المياه الأساسية التي تعتمد عليها البلاد، ضف إلى ذلك الجماعات المسلحة الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية. هناك نقص في كل شيء، من الوقود إلى النقد، ومن الأدوية إلى الغذاء. المشاكل لا حصر لها ولا توجد مؤسسات حكومية للتصدي لها.
إن الاستياء يزداد عمقا في الجنوب الذي طالما تم تجاهله وتهميشه، ويستخدم الآن كمسرح للغرباء.
إننا نحث الدول الأعضاء على دعم السلطات الليبية للتصدي للتواجد الأجنبي. فقد مكَّن التهديد الذي تشكله الحدود المفتوحة من فرض تواجد تنظيم داعش والقاعدة وغيرهما من الجماعات الإرهابية في شتى أرجاء الجنوب الليبي. هذا التهديد الذي طفا إلى السطح مجدداً من خلال الهجوم الذي شنّه تنظيم داعش في 29 تشرين الأول/أكتوبر على بلدة الفقهاء.
سنواصل العمل مع السلطات المحلية لتقديم المساعدة الإنسانية حيثما دعت الحاجة إليها، ونحث حكومة الوفاق الوطني على الإسراع بتقديم الخدمات إلى هذه المنطقة. ونرحب بالطبع بجهودكم في هذا المجال. ولهذا الغرض، سوف ننظم هذا الشهر إحاطة محددة إلى المجتمع الدولي لاستعراض الوضع في الجنوب بكل تعقيداته.
وفي حين يبقى الشرق أكثر استقراراً، لا تزال هنالك تحديات من حيث الجانب السياسي والإنساني والأمني؛ بما في ذلك الطريقة التي تتم بها معاملة الأشخاص القادمين من مدينة درنة. وبحلول موعد إحاطتي القادمة، سنكون قد فتحنا مكتباً للأمم المتحدة في بنغازي، مما سيمكننا من خدمة الأهالي في شرق البلاد على نحو أفضل.
كما أرحب بقرار المجلس الرئاسي في 24 تشرين الأول/ أكتوبر بإنشاء وحدة تمكين ودعم المرأة؛ وذلك تمشياً مع الإتفاق السياسي الليبي. ويعدّ ذلك تطور هام لجميع النساء الليبيات، وتبقى البعثة ملتزمة ومستعدة لتقديم الدعم لهذه الوحدة وتحث المجتمع الدولي على فعل الشيء ذاته.
السيد الرئيس،
أعضاء المجلس الموقرون،
إن ليبيا عالقة في دوامة عقيمة ومدمرة، تذكيها المطامح الشخصية والثروة المسروقة في البلاد. ففي الوقت الذي حُبِيَت فيه البلاد بثروة هائلة من الناحية البشرية والمادية، إلا أنه سرعان ما أصبح مثالاً لمأساة الفرص الضائعة. إن المخاطر لأكبر من أن نسمح لهذا الوضع بالاستمرار. فالمدنيون يُقتلون في قتال عشوائي، والإرهابيون يرون في البلد ملاذاً يلتجؤون إليه بعد الهزائم التي لحقت بهم في أماكن أخرى، وحقوق الإنسان تُنتهك بشكل يومي، والأجيال القادمة من الليبيين تُمنع من تحقيق قدراتها.
وعلى الرغم من الطابع المعقد للأزمة، فإن الحل واضح. إن السبيل إلى الاستقرار يقتضي أن تكون مطالب واحتياجات المواطنين الليبيين هي ما يحدد وجهة الطريق الذي ينبغي السير فيه، وعلى السياسيين أن يتبعوه.
معاً، علينا أن ندعم المواطنين للتحدث إلى مؤسساتهم، وأن نضغط على المؤسسات لتصغي، وأن نلزمها بتحقيق ما هو مطلوب منها.
لقد قضيت فترة لا بأس بها من عمري أدرّس العلاقات الدولية، وأقرّ بأن التنافس والتسابق بين القوى أمر طبيعي ومشروع إلى حد ما. إلاَّ أنّ انعكاسه على ليبيا قد أضرّ بها بحق. فالكثير يتذرع به للإبقاء على الوضع الراهن المجحف والمتقلب الذي يستنزف الليبيين ويؤدي بهم إلى الفقر ويحول البلاد إلى مصدر قلق لبيئتها الإقليمية.
لذا فإن وحدة المجتمع الدولي حاسمة إذا أردنا إحراز تقدم في تحقيق الاستقرار في ليبيا، فالتحدي الحقيقي هو في إعادة بناء دولة موحدة وشرعية قابلة للإستدامة. لا أقل من ذلك.
شكراً لكم.