إحاطة الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا, مارتن كوبلر إلى مجلس الأمن

7 يونيو 2017

إحاطة الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا, مارتن كوبلر إلى مجلس الأمن

"التمهيد للسلام"

7 حزيران/يونيو 2017، تونس

 

السيد الرئيس، شكراً،

أولاً، أود أن أتمنى لجميع الذين يحتفلون بشهر رمضان المبارك السلام والوئام والسكينة. 

 

السيد الرئيس،

عندما جئت إلى ليبيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، واصلت العمل الذي قام به سلفي، برناردينو ليون، الذي توصل بصبر إلى اتفاق سياسي بعد عام من الدبلوماسية.

وكما هو معروف جيداً بالنسبة للوسطاء، فإن إبرام أي اتفاق شيء بينما تنفيذ الاتفاق يعد شيئاً آخر.

لم يتم تنفيذ عملية الانتقال في ليبيا تنفيذاً كاملاً. فلا تزال المؤسسات الموازية موجودة. ولم يعترف مجلس النواب بحكومة الوفاق الوطني كما أنه لم يعتمد التعديل الدستوري.

ومع هذا، فإن الاتفاق السياسي الليبي غيّر الوقائع على الأرض.

فلا يزال المجلس الرئاسي يعمل في طرابلس منذ عام 2016. وتجاوز إنتاج النفط 000 800 برميل في اليوم بعدما كان 200,000 برميل منذ عدة أشهر. وبينما لا يزال تنظيم داعش يشكل تهديداً، فإنه أصبح هزيلاً مقارنة بما كان عليه منذ عام.   

والأهم من هذا كله، فسواء كنت ليبياً من بنغازي أو طرابلس أو سبها، لا يزال الاتفاق يوفر أكبر قدر من الأمل للتوصل إلى حل للأزمة في ليبيا.

فشعب ليبيا يرغب في السلام؛

ويرغب في الأمن؛

ويرغب في بلد يوفر لأطفاله مستقبلاً أكثر إشراقاً.

 

السيد الرئيس،

لقد حددت في بياني الأخير عدة أوليات يجب التصدي لها.  أين نقف الآن بالنسبة للقضايا الأكثر أهمية اليوم.

أولاً: يوجد توافق بأن الاتفاق السياسي الليبي لا يزال إطار العملية السياسية.

فبالرغم من الانتقادات، يوجد تأييد وطني ودولي ساحق للاتفاق السياسي الليبي.  

غير أن هذا الاتفاق ليس منقوشا في حجر.

فبعد أشهر من المشاورات مع الأطراف المعنية الليبية والإقليمية والدولية، نقوم حاليا بوضع خارطة طريق لتمكين إجراء تعديلات محدودة في الاتفاق السياسي الليبي من خلال عملية تشمل الجميع بقيادة ليبية وملكية ليبية.

إنني أرى اتفاقاً واسع النطاق على الجوانب التي قد تحتاج إلى تعديل. ولا تزال توجد أفكار مختلفة بشأن شكل المحادثات.

وهناك أيضاً توافق على المبادئ التي سوف توجه المحادثات المستقبلية.

نصيحتي للمجتمع الدولي هي تقديم التطمينات والضمانات الضرورية لتنفيذ ما سيتفق عليه الليبيون. إذ لا يمكنهم القيام بذلك وحدهم من دون مساعدة المجتمع الدولي. إنهم بحاجة لدعمكم القوي والموحد.

ثانياً: الوضع العسكري

يسعى معارضو الحل السياسي إلى استخدام العنف لتقويض جهود التوصل إلى تسوية.

ويعد الهجوم على قاعدة براك الشاطئ الجوية يوم 18 أيار/مايو مثالاً على ذلك. حيث قامت عناصر متطرفة، بما فيها عناصر تابعة للقاعدة، بذبح عشرات الأشخاص.

ولم يثبت هذا العمل اللاإنساني التجاهل التام للأرواح البشرية فحسب، بل كان محاولة متعمدة لتقويض العملية السياسية.

وللأسف، كلما اقتربت التسوية ازداد خطر هذا العنف. 

وقد رأينا المزيد من ذلك عندما قامت قوات تابعة لما يسمى حكومة الإنقاذ بهجمات في طرابلس في نهاية شهر أيار/مايو.

ولحسن الحظ، نجحت القوات الداعمة للمجلس الرئاسي في الدفاع عن المدينة وهي الآن تسيطر على العاصمة.

ثالثاً: الحاجة الماسة لتوحيد أجهزة الأمن الليبية

بالأمس، في 6 حزيران/يونيو، التقيت مرة أخرى بالمشير حفتر في بنغازي. وقد طمأنني بأنه يريد المضي على أساس الاتفاق السياسي الليبي، داعماً لعملية سياسية لتعديل الاتفاق.

وقد شجعته على أن يجعل الغلبة للسياسة وألا يسعى للمواجهة العسكرية.

واتفقنا على أن جهاز أمن ليبي موحد هو أمر ضروري للسلام والازدهار. واقترحت على المشير حفتر ضرورة قيام ضباط من جميع أنحاء البلاد باللقاء لمناقشة المسائل العسكرية. ونحن على استعداد لتيسير هذا الاجتماع كما فعلنا من قبل.

وفي طرابلس، يجب أن تمتد الخطة الأمنية لتشمل المدينة بأكملها. ولا بد من توسيع سلطة الدولة وتعزيز سلطة المجلس الرئاسي على الجماعات المسلحة. ويجب دمج هذه القوات ضمن الوزارات ذات الصلة. ويجب توحيد القيادة والسيطرة.

كما يجب أن يحدث توحيد للجهاز الأمني على المستوى الوطني. 

ووفقاً لتوجيهات الأمين العام غوتيريش حول منع الصراعات، فنحن نبذل قصارى جهدنا لضمان انتصار الحوار على المواجهات.  وانتصار الوحدة على الانقسام والأمن على الفوضى

إن الاستخدام المستمر للجانب العسكري لتحقيق أهداف سياسية سيؤدي إلى تشدد المواقف.

وبدلاً من ذلك، هناك حاجة لحل سياسي، بما في ذلك الاتفاق على سلطة مدنية لقيادة الجهاز الأمني.

رابعاً: الحاجة إلى معالجة ضعف الاقتصاد والوضع المالي

على الرغم من زيادة عائدات النفط وقدرة المجلس الرئاسي على الاتفاق على ميزانية جديدة لعام 2017، لا تزال أسس الاقتصاد الليبي تعاني من قصور.

ويستمر الانقسام في المؤسسات المالية وانعدام الاستقرار وانخفاض الثقة في القطاع المصرفي في تغذية التضخم ونقص السيولة. يجب على المصرف المركزي العمل بشكل حاسم لمعالجة المشاكل المالية والنقدية في ليبيا.

ولا تزال ليبيا تنفق بما يتجاوز مواردها فيما تتقلص احتياطيات النقد الأجنبي لديها باستمرار.

إن الوضع الاقتصادي المزري وانفجار السوق السوداء يغذيان الإجرام والعنف. ويجب معالجة ذلك إذا أرادت ليبيا انتشال نفسها من التدهور السريع.

خامساً: المصالحة الوطنية ضرورية لبناء سلام دائم في ليبيا

أرحب في هذا الصدد بالخطوات التي قام بها المجلس الرئاسي لإنشاء هيئة للمصالحة الوطنية والبدء في مشاورات رسمية.

وسيكون دور الشباب والنساء في أي جهود للمصالحة دوراً حيوياً. لقد انبهرت من الطاقة والتفاؤل لدى الشباب الليبي. فأثناء مؤتمر الشباب الذي عقدته البعثة في شهر أيار/مايو، تم اقتراح العديد من المبادرات وتكوين الروابط. ويجب أن يتم دعم هذه الجهود وسيتم دعمها.

سادسا: العديد من الليبيين يطالبون بانخراط أقوى للمجتمع الدولي

أود أن أقر بمساهمات دول الجوار. كما في أي مكان آخر، الجيران هم أول من يشعر بالعواقب وهم أيضا جزء من الحل. 

في 8 أيار/مايو، حضرت اجتماع دول الجوار الحادي عشر الذي انعقد في الجزائر وقد تشجعت بجهود هذا المنبر التي ترمي إلى إيجاد موقف وحل مشتركين.

ويوم أمس، اختتم اجتماع في الجزائر بين الدول الثلاث، مصر والجزائر وتونس، وأعرب أيضا عن دعمه لجهود الأمم المتحدة وتماسك المجتمع الدولي.

وفيما يتعلق بالسياسة، يجب أن يجتمع المجتمعين الإقليمي والدولي معا لدعم عملية السلام الليبية. ليس بالتدخل، بل بروح الشراكة التي تحترم سيادة ليبيا والقانون الدولي.

ويمثل الاجتماع الثاني للجنة الرباعية الذي انعقد في بروكسل في 23 أيار/مايو محفلاً ذو أهمية متزايدة لتحقيق المواءمة بين مواقف المنظمات الإقليمية والدولية، الإتحاد الأفريقي والإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة.

وأرسل الاتحاد الأفريقي وفدين إلى ليبيا، بما في ذلك ممثلها الأعلى ووفد وزاري من اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا.

توجد حاجة ماسة إلى هذا النهج التعاوني حيث تعمل جميع المبادرات بطريقة متكاملة للمضي قدما في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة.

إن الجهود غير المنسقة أو الموازية تخاطر بتقويض التقدم وتعقد الوضع المعقد أصلاً.

 

السيد الرئيس،

علينا أن نمضي قدما في دعم الجهود التي يقودها الليبيون لإيجاد حل دائم. وبدون إحراز تقدم في السياسة، ستزداد أعراض الصراع سوءا.

ولا يزال المهاجرون يموتون في سعيهم إلى حياة أفضل. إن النساء والرجال الموجودين في مرافق الاحتجاز والسجون يعيشون كابوسا.

وتتعرض المبادئ الإنسانية الأساسية والمجال الإنساني للخطر. فقد تم قصف خمس مستشفيات هذا العام، ولا يمكن للإمدادات الإنسانية الوصول إلى العديد من المناطق في ليبيا بسبب انعدام الأمن.

ولا يزال وضع حقوق الإنسان يثير القلق البالغ. فمنذ آذار/مارس، لقي 65 مدنيا حتفهم أثناء النزاع المسلح، بعضهم بسبب القصف العشوائي.

ولا يمكن أن نكون فاقدي الحس بالمعاناة التي يسببها هذا الصراع؛ 

ولا يمكننا أن نخل بالمبادئ الأساسية التي توحدنا، والتي تجعلنا بشرا؛ 

ولا يمكننا أن نتخلى عن آمالنا ورغبتنا في إقامة ليبيا أفضل وأكثر اتحادا.

 

السيد الرئيس،
 أعضاء المجلس الموقرين،

أخيراً، أود أن أتقدم بالشكر إلى جميع رجال ونساء بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وأسرة الأمم المتحدة.  إنني أحترم تفانيكم الذي أراه فيكم جميعاً، مهندسين ومحللين وإداريين على حد سواء. أعلم بأن عملكم عادة ما يكون غير معترف به. ولذلك، أريد أن أغتنم هذه الفرصة للاعتراف بجهودكم وتحيتها.

ورسالتي الأخيرة اليوم موجهة إلى شعب ليبيا. وهنا أفكر بكلمات الكاتب الليبي هاشم مطر:

"الأحلام لها تبعاتها. لا مجال للعودة إلى الوراء. فالثورة ليست مسيرة بلا آلام إلى أبواب الحرية والعدالة. إنها صراع بين الغضب والأمل، بين الميل إلى إلحاق الدمار والرغبة في البناء" 

نساء ورجال ليبيا، إنني على ثقة من شيء واحد. أنكم ستنجحون في بناء دولة تكون مصدر فخر لكم ولأبنائكم.

لقد قدمتم تضحيات جسيمة للغاية ولا تستحقون أقل من ذلك.

إن مجتمعاتكم قوية للغاية ولا يمكن أن تنهار.

إن قلوبكم مليئة بالشجاعة ولا يمكن أن تفشل.

شكراً