إحاطة مجلس الأمن 17 يوليو 2014

19 يوليو 2014

إحاطة مجلس الأمن 17 يوليو 2014

الممثل الخاص للأمين للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا
طارق متري

السيد الرئيس، أعضاء مجلس الأمن الموقرون،

1. عندما قدمت إحاطتي للمجلس منذ 6 أسابيع، أشرت إلى الخوف المتنامي لدى الليبيين حول احتمال امتداد العنف. وتعتبر الوتيرة السريعة التي تطورت فيها الأحداث في طرابلس خلال الأسابيع القليلة الأخيرة انعكاسا للمشهد السياسي الجاثم فوق البلاد والذي يقوض العملية السياسية الوليدة فيها.

2. في الحقيقة، نحن الآن في خضم مواجهة كبيرة بين مجموعتين كبيرتين في العاصمة الليبية. وتظهر هذه المواجهة حدة الاستقطاب السياسي. وبدأت المواجهة بعد صغير في 5 يوليو بين عناصر من كتائب مختلفة عند نقطة تفتيش بمنطقة جنزور في طرابلس حيث يقع مجمع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليب. وتطورت إلى سلسلة من الاشتباكات الكبرى في عدة مناطق بالعاصمة. وقد ركز معظم القتال خلال الأسبوع الماضي على محاولات الجماعات المسلحة المختلفة تعزيز سيطرتها على مطار طرابلس الدولي. وقد تسببت المعارك في تعطيل الملاحة الجوية وتم تعليق الرحلات الجوية من المطار. وذهبت دعوة الحكومة المؤقتة للوقف الفوري غير المشروط لإطلاق النار أدراج الرياح. كما دعت الحكومة أيضاً إلى موقف قوي من المجتمع الدولي.

3. مع استمرار أعداد الأطراف العسكرية التي تحشد وتعزز وجودها في العاصمة، يتنامى إحساس باحتمال التصاعد الوشيك للصراع والمؤثر في نظر الأطراف كافة.

4. وفي الشرق كان هناك تصاعد واضح للمواجهات في الأيام الأخيرة. فقد تكرر قصف مطار بنغازي الدولي وهو حالياً لا يعمل. وعلى خلفية العمليات العسكرية المستمرة بين القوات التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر وتلك المجموعات التي يسميها إرهابية، تتمادى حملة الاغتيالات والخطف التي تستهدف النشطاء المدنيين والسياسيين والشخصيات الأمنية والقضائية. ففي يوم الانتخابات تم طعن الناشطة البارزة في الحياة العامة وفي مجال حقوق الإنسان سلوى بوقعقيص وإطلاق الرصاص عليها في منزلها ببنغازي. وقد اختفى زوجها الذي كان مرافقاً لها وتم قتل حارسهم. وكان هذا الاغتيال صادماً حتى في ظل العنف اليومي الذي تشهده البلاد.

السيد الرئيس،

5. لقد أدى القتال الأخير في طرابلس وحول المطار الدولي إلى تقريب الحرب من المجمع الذي تقع فيه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والذي تلقى ضربات مباشرة من أسلحة آلية متوسطة وثقيلة. وقد كنا مهددين بأن نحاصر في مواجهة عسكرية وسط مؤشرات وتحذيرات بأن القتال حول المجمع قد يشتد.

6. في ظل الوضع المتدهور في العاصمة وإغلاق مطار طرابلس الدولي والمخاطر الأمنية المتزايدة التي تواجهها البعثة وتأثيرها على قدرة موظفيها على القيام بعملهم، تم اتخاذ قرار أولاً بتخفيض، ثم بعد ذلك بسحب، الموظفين الدوليين من البلاد. ولم يكن هذا قراراً سهلاً. وقد أوضحنا أنه لن يكون من الممكن أن تقوم البعثة بعملها وفي نفس الوقت أن نضمن سلامة وأمن 160 موظفاً دولياً في طرابلس.

7. وقد كانت المخاطر كبيرة لدرجة أنه تم توجيه أوامر للموظفين بالتحرك بين المساكن والمكاتب مرتدين الدروع الواقية والخوذات وهو إجراء غير مسبوق لنا في طرابلس. وقد تم تحديد حركة الموظفين داخل المجمع لأيام نتيجة لذلك.

8. وفي 13 و14 يوليو تم إجلاء مجموعتين كبيرتين من الموظفين الدوليين براً إلى تونس في قوافل من السيارات المصفحة تاركين مجموعة صغيرة في طرابلس. وهذا التحرك مؤقت وستتم مراجعته بمجرد تحسن الوضع الأمني. وقد تم إبلاغ السلطات الليبية التي عبرت عن تفهمها الكامل لذلك.
السيد الرئيس،

9. لقد ألقت التطورات العسكرية في طرابلس خلال الأسابيع الأخيرة بظلالها على انتخابات في 25 يونيو لاختيار 200 عضواً بمجلس النواب ليحل محل المؤتمر الوطني العام. وعلى العكس من الانتخابات التشريعية السابقة في عام 2012، لم يكن هناك أي نص في قانون الانتخابات للتمثيل النسبي للأحزاب السياسية. وكان على أغلب المرشحين التنافس على أسس فردية. وقد تم تخصيص 32 مقعداً في المجلس للنساء.

10. أدلى ما يزيد قليلاً عن 40% من إجمالي 1.5 مليون ليبي مسجل بأصواتهم يوم الانتخابات للاختيار من بين 1714 مرشحاً. وقد فتحت 97% من مراكز الاقتراع أبوابها للناخبين، إلا أنه لم يكن هناك اقتراع في مدينة درنة في الشرق، وقد قاطعت بعض "المكونات"" في دوائر بمناطق غرب طرابلس إضافة إلى الكفرة الانتخابات. وقد تأثر الاقتراع في 24 مركزاً في أنحاء البلاد بأعمال عنف، لا سيما بنغازي وسبها والزاوية وسرت وأوباري. كما تم قتل أحد المرشحين. ونتيجة لتعطل الاقتراع، سيظل إجمالي 12 مقعداً تمثل 6 دوائر فرعية شاغرة حتى يجري الاقتراع في مناطق أخرى.

11. بعد الإعلان عن النتائج الأولية في 6 يوليو، تم استبعاد 41 مرشحاً وفقاً لقانون العزل السياسي والإداري. ومن المتوقع صدور النتائج النهائية في 20 يوليو.
السيد الرئيس،

12. تحدثت في إحاطتي للمجلس الشهر الماضي عن نيتي عقد اجتماع لممثلي الأطراف الليبية الرئيسية بهدف صياغة اتفاق على عدد من القضايا المحورية بالنسبة للعملية الانتقالية. وكانت هذه القضايا تتضمن مبادئ العمل السياسي والأولويات الوطنية لما تبقى من الفترة الانتقالية وطرق معالجة القضايا الأمنية العاجلة وغيرها من القضايا الخلافية.

13. تحضيراً لهذا الاجتماع الذي كنا نأمل أن يكون في صورة حوار سياسي قبل الانتخابات التشريعية بأسبوع، شاورت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأحزاب والقوى الليبية الكبرى كافة، إضافة إلى الحكومة والمبعوثين الدوليين الخاصين.

14. تم تسريب مسودات أولى للأوراق التحضيرية وتشويهها وإساءة تفسيرها من قبل بعض وسائل الإعلام. والأهم من ذلك، فقد عبر بعض المشاركين الرئيسيين الذين سبق أن وافقوا على انعقاد الحوار عن تحفظهم حياله ورأوا انه يأتي في وقت غير مناسب ويفيد خصومهم السياسيين. وقد أدى الجدل الإعلامي، الذي تحول بعضه إلى حملة تشهير ضدي شخصياَ، إلى تبديد فرصة عقد الحوار قبل الانتخابات البرلمانية. وبعد المشاورات التي شملت المبعوثين الخاصين قررت تأجيل عقد اجتماع الحوار السياسي. وللأسف ضاعت هذه الفرصة. واليوم وبظل المواجهات المسلحة الحالية قد يكون من الصعب جمع القوات المتصارعة على مائدة الحوار. وقد دعت الأمم المتحدة وغيرها من الأطراف الدولية أو الإقليمية إلى وقف العنف. وتستمر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في الاتصال بالأطراف والجماعات المختلفة في محاولة لوقف التصعيد.

السيد الرئيس،

15. منذ إحاطتي الأخيرة، استأنفت البعثة حضور جلسات محاكمة سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي و35 من شخصيات النظام السابق في طرابلس. وقد تعاملت المحاكمة حتى الآن مع قضايا إجرائية تتعلق بمحامي الدفاع. وأنتهز هذه الفرصة للتأكيد على الحاجة إلى التمثيل القانوني المناسب وحق محامي الدفاع بلقاء موكليهم والحصول على ملفاتهم.

16. وفي هذا الصدد، أود أن أوضح أن كلاً من سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي لم يتمكنا من لقاء المستشار القانوني الذي يمثلهما أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويعتبر ذلك أمراً ذا أهمية خاصة مع الأخذ في الاعتبار قرار 31 مايو لغرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بقضية سيف الإسلام القذافي. وقد أكدت المحكمة أن ليبيا ينبغي عليها تسليم سيف الإسلام القذافي مع ملاحظة أنها تدرس قضية السيد السنوسي. ولا تزال ليبيا مطالبة بالتزام التعاوني مع المحكمة.

السيد الرئيس،

17. أود أن أنتهز الفرصة اليوم لإلقاء الضوء على المشكلة المتفاقمة نتيجة تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء واللاجئين الذين يستمرون في القيام بالرحلة البحرية المحفوفة بالمخاطر سعياً منهم للوصول إلى أوروبا من ليبيا.

18. إضافة إلى ذلك، لا يزال آلاف المهاجرين في ليبيا يواجهون الاحتجاز واسع النطاق لفترات طويلة، غالباً بلا وسيلة دفاع قانوني. ويتم احتجازهم في ظروف بالغة الصعوبة تتسم بالازدحام الشديد والافتقار إلى الظروف الصحية الأساسية. كما يعانون من سوء المعاملة والاستغلال في العمل.

19. في غياب الإطار المناسب للحماية في ليبيا تؤدي ممارسة الاحتجاز هذه إلى تغذية الاتجار بالبشر الراغبين بالسفر الى اوروبا. وقد أصبح واضحاً أن تدابير السيطرة على الحدود غير كافية لمعالجة هذه القضية وأن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من الاحتجاز وتحسين ظروف مراكز الاحتجاز. إضافة إلى ذلك، هناك حاجة لإضفاء صفة رسمية على دور مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والبدء في عملية تسجيل وتحديد أوضاع اللاجئين بدون تأخير.

شكراً لكم.