المؤتمر المتوسطي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول الشباب في شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط: مواجهة التحديات الأمنية وتعزيز الفرص

6 أكتوبر 2016

المؤتمر المتوسطي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول الشباب في شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط: مواجهة التحديات الأمنية وتعزيز الفرص

فيينا، 6 تشرين الأول/أكتوبر 2016 - مركز هوفبورغ للمؤتمرات

 "تعبئة الشباب لبناء ليبيا موحدة"

السيدات والسادة،

إنه لأمر رائع أن أكون هنا في هذا الحدث المهم المتعلق بمساهمات الشباب في السلام والأمن. 

لقد كنت في طرابلس أوائل هذا الأسبوع لحضور حدث دعا إليه قادة الشباب الليبيين الذين يعملون على تدريب الشباب على الحوار والمصالحة. إن من شأن ثراء المناقشات ونضج الفكر المطروح والحيوية التي تم طرح الأفكار من خلالها إلهام العديد من نظرائي. 

أود أن أشاطركم قصة واحدة فقط لأحد القادة الذين أطلقوا مجموعة النقاش هذه والتي تدعى نادي الحوار والمناظرة 

سالم القمودي هو مؤسس منظمة غير حكومية محلية تدعى مؤسسة الشيخ طاهر الزاوي. لقد أسس هذه المنظمة غير الحكومية الإنسانية مباشرة بعد الثورة، وكان عمره 24 سنة. وفي خلال أربع سنوات فقط أصبحت إحدى المنظمات المحلية الرائدة على صعيد تقديم المساعدة للأشخاص النازحين داخلياً والمهاجرين في ليبيا. ففي بيئة غير مستقرة ومحفوفة بالمخاطر، يخاطر سالم وزملاؤه يومياً للقيام بأمور لا يستطيع معظمنا سوى الكلام عنها. 

غير أن سالم وزملاؤه ليسوا لوحدهم. فتوجد فعلياً مئات المبادرات المشابهة في ليبيا، حيث يقوم قادة الشباب بأخذ زمام المبادرة للتأثير على المؤسسات الليبية. وهم يشكلون الأغلبية الساحقة من الصحفيين الذين ألتقي بهم، كما أنهم يعدون إلى حد كبير المجموعة الأكثر نشاطاً على وسائل التواصل الاجتماعي. إنهم يأتون بأفكار ويقدمون مساهمات من أجل الدستور الليبي الجديد كما أنهم المجموعة الرئيسية التي تقوم بتعبئة السكان لكي يخرجوا ويدلوا بأصواتهم.

وهنا يتوجب علي القول، يا له من شيء مختلف في عملي اليومي، فالمحاورين الذين ألتقي بهم هم بشكل أساسي من نفس فئتي العمرية – أكبر بكثير من سن الستين.

لقد رأيت روح العمل الجماعي في جو تسود فيه التجزئة.
التواصل مع الفرقاء السياسيين عوضاً عن الأصوات العالية التي تدعوا إلى الإقصاء والاستقطاب.
الحوار في جو منعش وبناء عوضاً عن توجيه أصابع الاتهام.

السيدات والسادة، 

بسبب قصص من هذا النوع دعوت ولا زلت أدعو إلى دور أكبر للشباب في عمليات اتخاذ القرار التي تؤثر على حياتهم وحياة مجتمعاتهم المحلية. إن جيل الشباب اليوم هو الأكبر حجماً في تاريخ العالم. كما أن الشباب يمثلون الأغلبية العظمى من السكان في جميع البلدان المتأثرة بالنزاع المسلح. وليبيا ليست مستثناة من هذا الاتجاه، حيث أن ثلثيْ سكانها تحت سن الـ 35 فيما 50 بالمائة منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة.

لا يمكن لبلد أن تخرج من النزاع دون دعم الشباب. ففي عام 2015 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 2250 يقر فيه بدور الشباب في السلام والأمن. لقد كان هذا مستحقاً منذ وقت طويل! كما عين الأمين العام أحمد هنداوي مبعوثاً للشباب، وهذه مبادرة ميمونة وضرورية للغاية.

كما أنني على وشك تعيين زميلة لنا "سفيرة للشباب" لدى البعثة؛ وهي شابة ستقوم بالتواصل مع مجموعات الشباب في ليبيا والدعوة لدور الشباب والمساعدة في بناء شراكات بين المبادرات الدولية والإقليمية التي تعزز تطوير الشباب الليبي.

فالشباب ليسوا فقط المستقبل. هم حاضر البلاد. ودور الشباب في المساهمة في السلام والأمن هو دور حيوي بالنسبة لأي دولة خارجة من نزاع. ولهذا السبب تحث الأمم المتحدة جميع دولها الأعضاء زيادة مشاركة الشباب في صنع القرار على جميع المستويات. 

وتحقيقاً لهذا الهدف، لدي ثلاث رسائل:

أولاً: سوف أدعو إلى دور أكبر للشباب في عملية صنع القرار في ليبيا. وتعتبر مجموعات الحوار والمصالحة خطوة في الاتجاه الصحيح. وأود أن أرى مزيداً من هذه المبادرات. وعلينا أن ندعمهم سياسياً إذا طلب منا ذلك وأيضاً مالياً.

فتلك المبادرات هي التي تسمح للشباب:

بأن يكون لهم رأي في كيفية جعل الحكومة أكثر فعالية؛
بأن يكون لهم رأي في كيفية مراجعة القوانين؛
بأن يكون لهم رأي في كيفية نجاح المصالحة الوطنية، من القاعدة للقمة.
وأود أن أدعم تعبئة اللجان الشبابية لإنشاء منتديات للنقاش لعقد مناظرات مفتوحة حول القضايا التي ينبغي معالجتها في الانتخابات القادمة.

وعندما يحين وقت هذه الانتخابات، أعتقد أنه ينبغي إتاحة فرصة عادلة للشباب ليتم انتخابهم. دعوا الشباب ينافس الأكبر منهم سناً واتركوا القرار للناخبين.

ثانياً: ينبغي أن يصبح الإعلام في ليبيا أكثر استقلالاً. وأود أن أشجع زيادة الاستثمار في تدريب الصحفيين واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بحيث يتم تجهيز الشباب بالمعرفة حول كيفية الإبلاغ عن المعلومات وإيصالها بشكل موضوعي وفعال.

ثالثاً: وهذا الأمر يخص منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. أود أن أشجع المنظمة على زيادة جهودها لتكوين روابط مع الشباب في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. فليبيا دولة فريدة ونحن ننسى أحياناً أن الأغلبية الساحقة من الليبيين تعيش في منطقة الحزام الساحلي.

وتاريخياً، توجهت ليبيا أيضاً نحو مراكز القوى شمال البحر الأبيض المتوسط – روما وأثينا. ولهذا تعتبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في الوضع الأمثل للتواصل، وربط منظمات الشباب في الدول الأعضاء بمثيلاتها في ليبيا. وقد تتمثل إحدى الإمكانيات في قيام الجمعية البرلمانية للمنظمة بتنظيم ورعاية برلمان لشباب البحر الأبيض المتوسط، بحيث يجمع الشباب من جميع أنحاء المنطقة للعمل على قضايا تؤثر عليهم جميعاً.

السيدات والسادة،

لن يكون هناك سلام وأمن بدون استثمار حقيقي في الجيل القادم من القادة. حيث يجب دعم حماسهم وطاقتهم وإبداعهم للمساعدة في إيجاد واقع يعكس مُثلهم ومبادئهم.

إن التحديات في ليبيا هائلة وسيستغرق بناء الدولة وقتاً. ولكن يجب أن تبدأ هذه العملية اليوم – الآن – ويجب أن ينخرط فيها الشباب بشكل كامل. فشباب ليبيا هم أكبر ثرواتها وعلينا أن نضمن إعطاءهم الفرص التي يحتاجونها للإسهام في مستقبل بلادهم.