المضايقات الإلكترونية تُرغم الصحافيين الليبيين على الرقابة الذاتية

3 يونيو 2025

المضايقات الإلكترونية تُرغم الصحافيين الليبيين على الرقابة الذاتية

واجه الصحافيون في ليبيا مضايقات إلكترونية متكررة، ما يعيق قدرتهم على أداء دورهم في رصد الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من القضايا، وفقًا لما ذكره صحافيون ليبيون الأسبوع الماضي خلال حلقة نقاشية مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. 

انضم واحد وثلاثون صحافيًا من مختلف مناطق ليبيا إلى الحلقة النقاشية يوم الخميس، في إطار برنامج «بصيرة» للتطوير المهني، ونظمت الجلسة بالتنسيق مع قسم حقوق الإنسان بالبعثة. وستُثري هذه الحلقة ورشة عمل قادمة في 19 يونيو حول سبل حماية الصحافيين من المضايقات الإلكترونية، بقيادة إحدى خبراء السلامة الرقمية من لجنة حماية الصحافيين، وهي منظمة دولية غير حكومية. 

خلال اللقاء، شارك الصحافيون تجاربهم الشخصية مع المضايقات، مُسلّطين الضوء على أشكال وتواتر حدوثها وأسبابها. وأفاد 92% من المشاركين أنهم تعرضوا شخصيًا للمضايقات عبر الإنترنت، في استطلاع رأي أُجري بعد جلسة النقاش. 

عبرت الصحافية إيمان بن عامر التي حضرت الحلقة النقاشية عن ضرورة مناقشة المضايقات الإلكترونية للصحافيين، لأنها تُهدد الحق في التعبير وتدفع البعض إلى التحفظ أو ممارسة الرقابة الذاتية، قائلةً: «تجاهل المسألة يعني إسكات الأصوات الحرة». 

وكان أكثر أشكال المضايقات شيوعًا هو التعليقات أو الرسائل المُسيئة على منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك فيسبوك وإنستغرام وواتساب. كما استطرق الصحافيون لكيفية تلاعب البعض بالصور والفيديوهات باستخدام التحرير المُضلّل أو الذكاء الاصطناعي، ثم نشرها على نطاق واسع لمضايقة الصحافيين وعملهم. 

وقالوا إن المضايقات غالبًا ما تتصاعد إلى تهديدات بالقتل، وأحيانًا إلى اعتداءات جسدية فعلية. وفي بعض الحالات، بدا أن التعبئة مُنسّقة، حيث أشار بعض الصحافيين إلى أنهم «تصدروا الترند» على منصات التواصل الاجتماعي بسبب المضايقات. 

وقال صحافي فُصل من عمله بعد تعرضه لمثل هذا الهجوم الإلكتروني: «لقد شوّهوا سمعتي لدرجة أنني وجدت نفسي قيد التحقيق من قِبل مخابرات الدولة». وأضاف: «لا يزال التسجيل موجودًا على يوتيوب، وحتى بعد سنوات، لا يزال يتم تداوله في التعليقات كلما قمت بنشر أي شيء». 

وفقًا للمُشاركين تتعدد أسباب المضايقات، بدءًا من موضوع الخبر، وصولًا إلى جنس المراسل وعمره وخلفيته الثقافية، حيث في العديد من الأحيان، يؤجج موضوع القصة المضايقات اتجاه الصحافي خاصة إن كان يعالج زاويةً سياسية أو حقوقية حساسة. حيث روى أحد الصحافيين كيف تعرض للهجوم بسبب الترويج «لأجندات أجنبية» عند تغطيته لخبر عن العنف ضد المرأة. 

لكن في أحيان أخرى، تعرض الصحافيون لمضايقات حتى عند نشرهم للقصص الغير الجدلية. على سبيل المثال، روى أحد الصحافيون تعرضه للهجوم بسبب بثه مباراة رياضية بتهمة «دعم الفريق المنافس». فيما تعرض آخر للمضايقات بسبب تغطيته لضحايا الفيضانات في درنة. 

وأشرن بعض الصحافيات إلى تعرضهن لمُضايقات خاصة، حيث قلن إنهن تعرضن للمضايقة بسبب كل ما نشرنه تقريبًا – بغض النظر عن الموضوع. وقالت إحدى الصحافيات: «أن تكوني صحافية في المجتمع الليبي أمر صعب للغاية. لأنهم يستهدفون سمعة المرأة وشرفها - ويجعلون الأمور شخصية». 

أكدت 86% من الصحافيات، في استطلاع أجرته البعثة بعد الجلسة، أن المضايقات أثرت على عملهن بشكل أو بآخر. فيما أفاد 30% من المشاركين بتقليص حضورهم على مواقع التواصل الاجتماعي لتجنب ردود الفعل السلبية، وهو ما يُمثل عائقًا كبيرًا في قطاع الإعلام. وقال 30% أنهم «فرضوا رقابة أو خففوا» من خطابهم لتجنب المضايقات من بعض الأطراف. وقال آخرون إنهم تجنبوا تمامًا الكتابة عن كتابة أي مواضيع قد تُعد جدلية. 

وقال الصحافي محمد فوزي: «يحتاج الصحافيون إلى مساحة آمنة للعمل بحرية ونزاهة. فبدون ذلك، لا وجود لإعلام حُر». 

الصحافيون وغيرهم من الإعلاميين مدعوون للتسجيل في برنامج «بصيرة»، بما في ذلك ورشة العمل القادمة حول كيفية حماية الصحافيين لأنفسهم من المضايقات الإلكترونية، من خلال هذا الرابط