كلمة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا برناردينو ليون خلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع في ليبيا

6 نوفمبر 2015

كلمة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا برناردينو ليون خلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع في ليبيا

05 نوفمبر / تشرين الثاني 2015

كلمة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا برناردينو ليون خلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع في ليبيا

05 نوفمبر / تشرين الثاني 2015

منذ الاجتماع الرفيع المستوى بشأن ليبيا المعقود على هامش أعمال الجمعية العامة في 2 تشرين الأول/أكتوبر، عقدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ما كان ينبغي أن تكون جولة أخيرة من المحادثات في الصخيرات، المغرب، لتيسير المداولات الليبية المتعلقة بتشكيل مجلس رئاسة لقيادة حكومة الوفاق الوطني المنتظر تشكيلها في البلد مستقبلا.

وبعد أربعة أيام من المشاورات المكثفة، التي اختتمت في 8 تشرين الأول/أكتوبر، نجح المشاركون في العملية السياسية الليبية في تحقيق توافق في الآراء بشأن قائمة تضم ستة مرشحين، من بينهم رئيس وزراء مكلف وثلاثة نواب لرئيس الوزراء واثنان من كبار الوزراء. واعتُبر التشكيل المقترح لمجلس الرئاسة وسيلة لتأمين توافق الآراء والشمول اللازمين، وهو ما من شأنه أن يسمح لحكومة الوفاق الوطني بتولي السلطة في ظل الدعم والمساندة الضروريين من قبل جميع الأطراف صاحبة المصلحة في المجالين السياسي والأمني، فضلا عن الشعب الليبي بوجه عام. وبينما قوبل الاقتراح بالثناء بوصفه إنجازا كبيرا في عملية الحوار، جرى الإعراب عن اعتراضات قوية في بعض الأوساط، ولا سيما داخل مجلس النواب، احتجاجا على ما اعتُبر تمثيل غير كاف للمنطقة الشرقية، ولا سيما بنغازي.

وخلال فترة الأسابيع الثلاثة التي أعقبت إعلان التشكيل المقترح لمجلس الرئاسة، أجرت الأمم المتحدة مشاورات وثيقة مع الأطراف من مختلف الانتماءات السياسية في محاولة لحل الشواغل المتبقية في ما يتعلق بالتمثيل. وفي هذا الصدد، يبدو أن هناك تأييدا متزايدا لفكرة توسيع نطاق مجلس الرئاسة كوسيلة لتعزيز وحماية التقاليد التاريخية الليبية المتمثلة في كفالة التوازن والتمثيل من المنظورين الجغرافي والإقليمي.

وبالرغم من إقرار الجدول الزمني الدستوري والذي كنا نأمل في موافقة الأطراف السياسية الرئيسية صاحبة المصلحة بموجبه على تسوية سياسية نهائية وإقرارها بحلول 21 تشرين الأول/أكتوبر، لم يصدر حتى الآن إعلان رسمي ونهائي عن أي من الأطراف السياسية الرئيسية بشأن الاتفاق السياسي الليبي ومجلس الرئاسة المقترح. وبالتعاون الوثيق مع ممثلي المجتمع الدولي، واصلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إقناع كل من مجلس النواب الليبي والمؤتمر الوطني العام ومقره طرابلس بالحاجة الملحة إلى عقد دورات برلمانية من شأنها أن تسمح بإجراء تصويت ديمقراطي على الاتفاق السياسي والمقترحات المتعلقة بمجلس الرئاسة.

ومنذ لحظة انطلاقها، كانت عميلة الحوار السياسي الليبي التي تيسرها الأمم المتحدة قائمة على فرضية أنها ستكون شاملة لجميع الأطراف وأن أي حل يجري اقتراحه يتعين أن يكون شاملا وعمليا بحيث يضع حدا للانقسام المؤسسي السياسي المرير الذي يشكل جوهر الصراع الذي جلب على ليبيا وشعبها الكثير من الدمار والمعاناة. وبينما ظللت دائما متفائلا في ما يتعلق بفرص توصل قادة ليبيا إلى اتفاق سلمي، فإنه لم تساورني أي أوهام بشأن الصعوبات والتحديات التي من المحتمل أن تواجه عملية الحوار السياسي.

وكما أشرت في مناسبات عدة أمام المجلس، فإنه لا يمكن أن يكون هناك سلام قابل للاستمرار في ليبيا من دون تأييد جميع الأطراف ومشاركتها البناءة. ومن المحتمل أن يكون التوصل إلى توافق آراء ذي مغزى وإلى اتفاق سياسي متوازن عملية صعبة وطويلة الأمد. وسيتوقف النجاح دائما على التأييد الجماعي من قبل الأطراف لأي اتفاق. وبالمثل، فإن إمساك الليبيين بزمام عملية الحوار وملكيتهم لنتائجها يظلان في صميم جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة. وهذا ببساطة مبدأ غير قابل للتفاوض.

ولكن ينبغي أيضا عدم الاستخفاف بحجم المخاطر التي تواجه ليبيا. وأنا أواصل تكرار هذه الرسالة لجميع الأطراف في ليبيا، بما في ذلك قيادتي كل من مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام. كما بدأت علامات الإجهاد والتراجع السريع تظهر على الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلد. ويتجلى غياب السلطة الفعلية في تزايد انعدام الأمن والإجرام في كثير من أنحاء البلد. ويشكل النفوذ المتزايد للإرهابيين والجماعات المتطرفة الأخرى تهديدا مباشرا لسلطة الدولة الليبية ذاتها. وتنذر مظاهر القسوة والوحشية التي تشهدها المناطق الخاضعة لسيطرتهم بما قد يحدث لاحقا ما لم يتم اتخاذ إجراءات موحدة لاحتواء هذا التهديد المتزايد والقضاء عليه.

ولا يقل أهمية عن ذلك حجم المعاناة الإنسانية. إن الشعب الليبي يدفع ثمنا باهظا للنزاع السياسي والعسكري. فقد أصبح الموت والتشريد مظاهر شائعة جدا، ولا سيما في بنغازي، والتي تحملت وطأة الصراع في ليبيا لأطول مدة. وقد لحق تشويه بالغ بالمدينة لدرجة أفقدتها ملامحها المتعارف عليها، وذلك بفعل التشريد الجماعي للسكان وتدمير أحياء سكنية بـأكملها وهياكل أساسية حيوية والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان المستمرة دون انقطاع. وكان الاستهداف الجبان من قبل إرهابيين لمتظاهرين سلميين في المدينة يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر بمثابة تذكرة عاجلة بضرورة تسريع الجهود الرامية إلى إحلال السلام وبأن استعادة السلام والاستقرار في بنغازي ستكون الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا. كما أضافت الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتعطل الخدمات الأساسية ونقص الأغذية والأدوية بعدا مهما آخر إلى المعاناة الإنسانية التي تتكشف في ليبيا.

وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأذكر زعماء ليبيا، ولا سيما قيادتي كل من مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام، بأنهم يتحملون مسؤولية سياسية وأخلاقية عن الوصول بعملية الحوار الليبي إلى خاتمة ناجحة. ولا يمكن أن يكون هناك أي مبرر آخر للاستمرار في تأخير إجراء تصويت لأعضاء كل منهما على نتائج عملية الحوار. وفي هذا الصدد، فإن غالبية الأعضاء في كل من مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام قد وقعوا على رسائل يؤكدون فيها بوضوح عزمهم على إقرار نتائج عملية الحوار السياسي. وعلى قيادتي المجلسين التزام بالإحاطة علما بذلك والتمسك بالمبادئ الديمقراطية، التي عُهد بها إليهم، وبتيسير عقد مناقشة حول المسألة والتصويت عليها وفقا للنظام الداخلي القائم ودون تهديد أو تخويف.

وفي سبيل دعم العملية الديمقراطية وكفالة وحدة المؤسسات، أحث قيادة كل من مجلس النواب و المؤتمر الوطني العام على الاستماع إلى النداءات في هيئتيهما وفي منازل الشعب الليبي، والكف عن أي محاولات ومناورات أخرى لعرقلة العملية الديمقراطية وتقويض الإنجازات التي حققتها عملية الحوار.

وقد تكررت نفس الرسالة أيضا في جميع أطياف المجتمع السياسي والمدني الليبي، بمن في ذلك من جانب المشاركين من مختلف مسارات عملية الحوار السياسي، فضلا عن العديد من الجماعات المسلحة التي كانت طرفا في النزاع المسلح خلال العام الماضي. وولديهم جميعا شعور متزايد بالإلحاح وإصرار على أن البلد ينبغي ألا يظل بعد الآن رهينة للمصالح الضيقة لفئة قليلة من جانبي الصراع السياسي.

وأمام قادة ليبيا فرصة فريدة للتوصل إلى تسوية سياسية تجنب بلدهم وشعبهم مزيدا من إراقة الدماء والدمار. والاتفاق السياسي الذي تم التفاوض عليه في إطار عملية الحوار نتيجة لعملية معقدة استغرقت سنة من المفاوضات والحلول التوفيقية التي تسعى إلى التوصل إلى حل وسط يمكن لجميع الليبيين قبوله. ولم نكن نتوخى أبدا أن بشكل الاتفاق المقترح حلا شافيا لكل مشاكل ليبيا، بل أن يضع مجموعة من الهياكل والمبادئ التي سيسترشد بها في المرحلة القادمة من الانتقال السياسي في ليبيا حتى يحين وقت الانتهاء من عملية وضع الدستور. ولذلك أناشد قادة ليبيا التمسك بالمصالح الوطنية العليا لليبيا والحفاظ على الوحدة الوطنية لبلدهم واستقلاله وسلامته الإقليمية فهم مدينون بذلك لبلدهم وللشعب الليبي.

والأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة فيما يتعلق بمستقبل ليبيا. وبينما ستستمر الأمم المتحدة في تشجيع الطرفين الرئيسيين من أصحاب المصلحة السياسية على الموافقة رسميا على الاتفاق السياسي والتشكيلة المقترحة لمجلس الرئاسة، فإنها ستواصل العمل أيضا مع الأصوات المعتدلة من مختلف مسارات الحوار ومن جميع أطياف المجتمع السياسي والمدني الليبي، فضلا عن الأطراف الفاعلة الأمنية، من أجل التوصل إلى سبيل مجد للمضي قدما.

ويجب أن تكون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على استعداد للتحرك بسرعة لتعبئة الدعم لحكومة الوفاق الوطني الليبية القادمة. والمهمة التي تواجه أي حكومة من هذا القبيل ستكون جسيمة، والموارد التقنية والبشرية والمادية اللازمة لمعالجة التحديات القائمة ستتجاوز قدرات مؤسسات الدولة فالشديدة الضعف في ليبيا. وإذ نؤكد لقادة ليبيا التزام المجتمع الدولي وعزمه على بذل كل جهد ممكن لتقديم الدعم والمساعدة المطلوبين لحكومة الوفاق الوطني الليبية المقبلة، لا بد من تذكيرهم بأن المسؤولية تقع الآن عليهم لإنشاء واقع سياسي جديد وتحقيق نهاية حاسمة و دائمة للاضطراب السياسي والنزاع المسلح في بلدهم.