كلمة مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة مارثا بوبي في اجتماع مجلس الأمن بشأن ليبيا في 23 تموز/يوليو 2022

مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للأمم لشؤون إفريقيا، مارثا بوبي، خلال إحاطتها لمجلس الأمن حول ليبيا / © الأمم المتحدة

26 يوليو 2022

كلمة مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة مارثا بوبي في اجتماع مجلس الأمن بشأن ليبيا في 23 تموز/يوليو 2022

*ترجـمـة غير رسمية*

السيد الرئيس،

أشكركم على إتاحة الفرصة لي لإحاطة مجلس الأمن بشأن التطورات الأخيرة في ليبيا.

لا يزال الوضع العام في ليبيا متقلباً للغاية. وعلى الرغم من التقدم المحرز، لا يزال الانسداد على الصعيد الدستوري والسياسي قائماً. الأمر الذي يطيل من أمد الوضع الأمني الذي شابه الاحتقان مع ارتفاع في عدد الاشتباكات في طرابلس والمناطق المحيطة بها. بينما لا يزال الوضع الاقتصادي صعباً والذي تفاقم نتيجة لتسييس المؤسسة الوطنية للنفط. وشهدنا تظاهرات لليبيين نفد صبرهم من التلكؤ في الانتخابات وتردي الخدمات التي تقدمها الدولة. علاوة على وضع حقوق الإنسان في البلاد الذي لا يزال يسبب قلقاً بالغاً.

السيد الرئيس،

تم تحقيق تقدم في المسار الدستوري منذ آخر إحاطة لمجلس الأمن في 27 حزيران/يونيو، حيث عقدت المستشارة الخاصة وليامز اجتماعاً رفيع المستوى بين رئاستي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. وقد عُقد هذا الاجتماع في مقر الأمم المتحدة في جنيف في 28-29 حزيران/يونيو.

كما وقد تخطت رئاستا المجلسين نقاط خلافية مهمة وأحكام عالقة في مقترح الدستور 2017 واتفقا حول بعض التدابير الانتقالية التي يمكن لها أن تفضي إلى تنفيذ انتخابات وطنية. هذا واتفقت الرئاستان على سلطة تشريعية من مجلسين بالإضافة إلى تحديد مهام الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء والحكومة المحلية. وكان هناك أيضاً توافق حول إقامة محافظات وفقاً للدوائر الانتخابية القائمة في ليبيا وكذلك آلية توزيع العائدات. إضافة إلى أن رئاستي المجلسين أعدت خارطة طريق تحدد فيها الآجال الزمنية وجملة من الخطوات المؤدية لتنفيذ انتخابات وطنية.

وعلى الرغم من التقدم الواعد، إلا أن إحدى الإشكاليات العالقة حالت دون وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق في جنيف. إذ لم يتفق الطرفان حول مسألة شروط الترشح بالنسبة للمترشحين للرئاسة.

وظلت المستشارة الخاصة وليامز على تواصل مع الطرفين حاثة إياهما على جسر هذه الهوة.

وفي 21 تموز/يوليو، حضرت لقاءً جمع الشركاء الدوليين في إسطنبول حيث أكدت على أن الحل الوحيد الدائم الذي يمكنه أن يضع ليبيا بثبات على الجادة المؤدية إلى السلام والاستقرار، بما في ذلك حل الأزمة السياسية الحالية وإعادة الشرعية للمؤسسات الليبية يكمن عبر تنفيذ انتخابات وطنية في أقرب فرصة ممكنة.

ونناشد مرة أخرى أعضاء هذا المجلس وجميع شركاء ليبيا الدوليين للتأثير على الرئاستين بغية التوصل لتوافق نهائي يكفل تنفيذ الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة.

السيد الرئيس،

في 1 تموز/يوليو، عمّت التظاهرات ليبيا بأسرها بما فيها طرابلس وبنغازي والبيضاء وطبرق حيث اقتُحم مبنى البرلمان في طبرق وتعرض لأضرار.

وأعرب المحتجون عن نفاد صبرهم جراء استمرار الانقسامات السياسية وتردي ظروف المعيشة مطالبين بالإسراع بتنظيم الانتخابات وحل أزمة الكهرباء وشحة الوقود في البلاد.

ونحث الأطراف الليبية الفاعلة على أن يستجيبوا لنداء الشعب وأن يتحلوا بروح القيادة المسؤولة من خلال الاستجابة لمطالبه.

 السيد الرئيس،

تطيل الانقسامات السياسية المستمرة، بما فيها أزمة المؤسسات التنفيذية والسيادية، من أمد احتقان المشهد الأمني في طرابلس والمناطق المحيطة بها.

وتتزايد مخاطر التصعيد في الوقت الذي تستمر فيه المجموعات المسلحة في التحشيد إما تأييداً للسيد الدبيبة أو السيد باشاغا. وتصاعدت الأعمال العسكرية أيضاً في المنطقة الغربية وخصوصاً في الأطراف الشرقية من طرابلس ومصراتة وفي ضواحي سرت.

ويساورنا قلق بالغ إزاء الاشتباكات المسلحة في طرابلس التي اندلعت ليلة 21 تموز/يوليو وكذلك المناوشات التي اندلعت في مصراتة في 23 تموز/يوليو بين المجموعات المسلحة الأمر الذي تسبب في عدد غير مؤكد من الإصابات.

ونؤكد مجدداً على أهمية الحفاظ على وقف إطلاق النار في ليبيا ونحث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وحل الخلافات عبر الحوار السلمي. وأيضاً نذكر جميع الأطراف بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية.

السيد الرئيس،

أرحب ببدء اللجنة الأمنية المشتركة (5+5) بعملها وتنظيم اجتماعات في كل من القاهرة وطرابلس بين القيادتين العسكريتين للجيش الليبي. وأحيي دعوتهما للحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد وعلى جهودهما تجاه توحيد المؤسستين العسكريتين.

ويسرني أيضاً أن أبلغكم بأن المراقبين الليبيين إلى جانب المراقبين الدوليين التابعين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا نظموا ورشتين مشتركتين في تونس في شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو لتفعيل آلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة وملكية ليبية.

وتعتزم وحدة مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للبعثة واللجنة العسكرية المشتركة (5+5) والمراقبون الليبيون عقد اجتماع في مدينة سرت في مطلع آب/أغسطس لوضع اللمسات الأخيرة على الخطة المقترحة لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة. وفي هذه المناسبة، يعتزمون أيضاً تفعيل غرفة العمليات المشتركة.

السيد الرئيس،

نحن قلقون إزاء الخلافات المستمرة بشأن إدارة المؤسسة الوطنية للنفط.

في 12 تموز/يوليو، عيّن السيد الدبيبة السيد بن قدارة، الذي كان يشغل منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي في السابق، رئيساً جديداً للمؤسسة الوطنية للنفط. مستبدلاً بذلك السيد صنع الله الذي ترأس المؤسسة الوطنية للنفط منذ 2015. ورفض السيد صنع الله قرار استبداله وهو يعتزم إحالة الأمر إلى القضاء الليبي.

وفي غضون ذلك، باشرت ليبيا بتصدير النفط في 19 تموز/يوليو. ومنذ 16 نيسان/أبريل، تسبب التوقف في خفض الصادرات الليبية من النفط بنسبة الثلثين، الأمر الذي كلف ليبيا خسارة 4 مليار دولار أمريكي من الإيرادات. ومن المبكر لنا أن نتثبت إذا ما كان انتاج النفط سوف يستأنف بكامل طاقته أو أن التغييرات التي أصابت المؤسسة الوطنية للنفط قد تزيد من حدة التأثير على إنتاج النفط وتصديره.

ونؤكد على ضرورة بقاء المؤسسة الوطنية للنفط على حيادها وعدم خضوعها لأي ضغوط تعزى لمصالح سياسية.

ونطالب جميع الأطراف الفاعلة المعنية لتجاوز خلافاتها لضمان الاستفادة من حقول النفط في البلاد على أكمل وجه. ونجدد تأكيدنا على أن الموارد الطبيعية لليبيا ملك لجميع الليبيين والإيرادات من صادرات النفط يجب أن توزع بعدالة وأن تستخدم بإنصاف للارتقاء بمستوى الخدمات.

وتكرر الأمم المتحدة مناشدتها لجميع الأطراف الفاعلة بالنأي عن أي أفعال قد تؤدي إلى انحدار في مستويات انتاج النفط وتصديره في هذه المرحلة الحرجة.

السيد الرئيس،

وضع حقوق الإنسان في ليبيا لا يزال يسبب قلقاً بالغاً.

وأثر تردي الوضع الاقتصادي سلباً على الحقوق الأساسية للشعب في أبسط الخدمات والحصول على الغذاء والماء والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم.

بالإضافة إلى أن البعثة تلقت تقارير تفيد بأن المرافق الطبية التي تشكو من نقص في إمدادات الأوكسجين لاستخدامات العمليات الجراحية والعناية المركزة والمصحات في جميع أنحاء البلاد تواجه تحديات جسيمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي وشح الوقود اللازم لمولدات الطاقة الكهربائية.

وتلقت البعثة أيضاً تقارير تفيد بأن عشرات المحتجين الذين شاركوا في التظاهرات التي انطلقت في 1 تموز/يوليو تعرضوا لاحتجازات تعسفية من قبل المجموعات المسلحة.

وتؤكد الأمم المتحدة على الحق الأساسي في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية التعبير وتطالب بإطلاق سراح كل من تعرض لاحتجاز تعسفي.

ولا بد من إدانة الارتفاع في حوادث العنف ضد النساء أثناء العيد، بما في ذلك مقتل ما لا يقل عن ست نساء من بينهن فتاة واحدة في بنغازي في الشرق وعين زارة ومدينة غريان في غرب ليبيا.

وفي غضون ذلك، لا يزال حيز عمل المجتمع المدني مستمراً في الاضمحلال. ولا تزال القيود التعسفية تفرض على منظمات المجتمع المدني. ويتعرض الناشطون سياسياً نساءً ورجالاً من المدافعين عن حقوق الإنسان للاستهداف بخطاب الكراهية والتحريض على العنف وتعريض أمنهم وسلامتهم للخطر.

ما زلنا نشعر بالقلق إزاء استمرار احتجاز تسعة من النشطاء في المجتمع المدني والعاملين في الحقل الإنساني والذين اعتقلوا بين تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وشباط/فبراير 2022 بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير. وفي 6 تموز/يوليو، لم يسمح مرة أخرى لأربعة من هؤلاء الأشخاص المحتجزين تعسفياً بحضور جلستهم الثانية المقررة في المحكمة.

وواصلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تلقي تقارير بشأن مزاعم خطيرة بالتعذيب ضد ليبيين ومهاجرين وطالبي اللجوء في مرافق الاحتجاز والسجون. ولاحظت البعثة موجة من التمييز والطرد والاعتقالات التعسفية ضد المهاجرين أثناء احتفالهم بالعيد في مدن زوارة والزاوية وطرابلس ومصراتة وصبراتة في غرب ليبيا. ومما يثير بالغ القلق، أن محطة إذاعية في الزاوية بثت خطاب الكراهية ضد المهاجرين، مؤكدة أنهم مسؤولون عن نشر الأمراض.

يجب على السلطات الليبية التحقيق في جميع مزاعم التعذيب وغيره من ضروب انتهاكات حقوق الإنسان.    كما يجب مساءلة المسؤولين محلياً أو من قبل آليات العدالة الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية إن اقتضى الأمر.

وإزاء هذا السياق، أرحب بالتمديد الأخير لمدة تسعة أشهر للبعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا وبنتائج تقريرها الأخير الذي يتضمن توصيات بشأن حالة حقوق الإنسان في البلد.

السيد الرئيس، 

 وفي حين أن أولوية الأمم المتحدة في ليبيا لا تزال تتمثل في تسهيل العودة إلى المسار الانتخابي، ينبغي لنا أن نواصل دعم الليبيين وتشجيعهم على التركيز على التصدي بفعالية للدوافع الرئيسية للجمود السياسي والاقتصادي، بما في ذلك تلك التي أدت إلى مظاهرات 1 تموز/يوليو.

لقد وجه الشباب الليبيون إلى قيادتهم رسالة مفادها أنهم بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتحسين ظروفهم المعيشية وأنهم يريدون إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن من أجل اختيار ممثلهم الشرعي.

ونجدد أيضاً التأكيد على استعداد الأمم المتحدة لدعم جهود الاتحاد الأفريقي تجاه تنظيم مؤتمر للمصالحة الوطنية. وفي هذا الصدد، نرحب بالاجتماع الذي عقد مؤخراً على المستوى الفني في برازافيل، بمبادرة من الرئيس دنيس ساسو نغيسو، والذي ضم الاتحاد الأفريقي وشركاء آخرين دعماً لهذه المبادرة.

ونعول على أعضاء هذا المجلس والمجتمع الدولي قاطبةً لمواصلة دعم الأمم المتحدة في جهودها الرامية إلى تيسير التوصل إلى حل مقبول من الطرفين يضع حداً للأزمة المستمرة.

أشكركم على كرم الإصغاء.