كلمة نائب الممثل الخاص للأمين العام اسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال أول مؤتمر عام لحزب العدالة والبناء

27 أبريل 2014

كلمة نائب الممثل الخاص للأمين العام اسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال أول مؤتمر عام لحزب العدالة والبناء

طرابلس 26 نيسان/أبريل 2014

يشرفنا أن تتم دعوتنا لهذا التجمع اليوم وأود أن أغتنم هذه الفرصة لتهنئة حزب العدالة والبناء بمناسبة عقد مؤتمره العام الأول.
في الوقت الذي تواجه فيه ليبيا أوقاتاً عصيبة في تحولها الديمقراطي، يشجعني موضوع تجمع اليوم: "معاً نرسخ الديمقراطية والتوافق".

قدم الشعب الليبي تضحيات هائلة أثناء سعيه لبناء دولة ديمقراطية حرة تحافظ على حرية الشعب والكرامة الإنسانية والحقوق السياسية. ومنذ 3 سنوات شاهد العالم بانبهار الشعب الليبي وهو يكسر قيود الديكتاتورية التي عانى منها لعقود. وقد كان إحساسهم بالفخر والإنجاز والأمل في المستقبل والدولة الديمقراطية التي أرادوا بنائها لأنفسهم ولأبنائهم وللأجيال القادمة مصدر إلهام للكثير ممن هم خارج دائرة الأحداث مثلنا.

كانت الأحزاب السياسية لعقود غير مستحبة بل محظورة في ليبيا. وكان الارتباط بحزب سياسي فعلاً يرقى للخيانة. وقد تم تدمير كل مظاهر الحياة السياسية بصورة ممنهجة إضافة إلى كل مفاهيم المسؤولية المدنية والحقوق الأساسية المتعلقة بحرية التعبير والحق في الحماية المتكافئة في ظل القانون وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية. وفي النهاية تم حرمان الشعب الليبي من الحق في تنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في مجتمعهم وبلادهم والمشاركة والإسهام فيها.

لدى الشعب الليبي اليوم فرصة فريدة لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي يطمحون إليها. وتعتبر المشاركة النشطة للأحزاب السياسية الفاعلة عاملاً هاماً في هذا التحول الديمقراطي. وبينما يمكن للأحزاب السياسية أن تتواجد بدون ديمقراطية، لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بلا أحزاب سياسية.

تقوم الأحزاب السياسية بأعمال جوهرية في العملية الديمقراطية. إذ تمثل الرابط العضوي بين السياسة والمجتمع، وبذلك تتمتع بموقع فريد يمكنها من وضع سياسات وبرامج تعكس الاحتياجات الشعبية والتطلعات الوطنية.

كما تعتبر الأحزاب السياسية وسيطاً أساسياً بين مؤسسات الدولة والمكونات المجتمعية، سواء عرقية أم ثقافية أم دينية أم إقليمية أم اقتصادية. وتلعب الأحزاب السياسية في الديمقراطيات الحديثة دوراً محورياً في استقطاب الدعم للتشريعات والدعوة لصالح المنفعة العامة وتقديم مصلحة المواطنين إضافة إلى الرقابة السياسية على الحكومات.

-1-

بالإضافة إلى مبدأ حكم الأغلبية الذي يعتبر أساساً لأي ديمقراطية، توجد كذلك مبادئ الحقوق الفردية والالتزام بقيم الاحتواء والتسامح والتسوية والتعاون. وبذلك تعتبر ثقافة التوافق وبناء التوافق أمراً جوهرياً في المجتمعات الديمقراطية.

يعيدني ذلك إلى اللحظة الصعبة التي يعيشها الشعب الليبي اليوم في التحول الديمقراطي لبلادهم. فبدون هذا التوافق واستعداد جميع الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة معاً بصورة بناءة ومجدية، سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق لحل الاستقطاب السياسي الحالي، ناهيك عن دفع برنامج التحول الديمقراطي وبناء الدولة.

ونحن في الأمم المتحدة إلى جانب شركائنا الدوليين، نستمر في التأكيد على أهمية الحوار السياسي في عملية بناء التوافق حول المضي قدماً، والأهم من ذلك، حول تمكين القوى السياسية والمجتمع المدني وغيره من القوى من بناء علاقة ثقة متبادلة وتعاون. ويمكن من خلال الحوار السياسي فقط وضع أسس للبدء في حوار وطني يشكل أساساً لاتفاق سياسي شامل ومصالحة مستدامة وحل سلمي للعديد من التحديات والمشكلات التي توارثها الشعب الليبي من عقود من الحكم الاستبدادي.

أتقدم بالتحية لتجمع اليوم وأغتنم هذه الفرصة لأذكر بتواضع، القادة السياسيين المجتمعين هنا بالمسؤولية الضخمة الملقاة على عاتقهم والتي ائتمنهم الشعب الليبي عليها. شكراً لكم.