غسان سلامة في مؤتمر صحفي بتونس: البعثة تسعى للتوصل إلى وقف العمليات العسكرية بالكامل، والمجتمع الدولي بات يدرك الوضع ميدانياً

14 يونيو 2019

غسان سلامة في مؤتمر صحفي بتونس: البعثة تسعى للتوصل إلى وقف العمليات العسكرية بالكامل، والمجتمع الدولي بات يدرك الوضع ميدانياً

تونس، 14 يونيو 2019 - أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا الدكتور غسان سلامة إلى أن البعثة تكثف من مساعيها على المستويين الداخلي والخارجي أملاً في التوصل إلى وقف كامل للعمليات العسكرية في محيط طرابلس. "ما نسعى إليه، داخلياً وخارجياً، هو وقف العمليات العسكرية بالكامل، مما يعني ليس فقط وقف النار، وانما أيضاً وقف ما هو ممنوع وفق قرارات مجلس الأمن، أي المجيء بمعدات جديدة إلى الميدان من الخارج وأيضاً عدم دفع شباب جدد إلى ساحة المعركة،" حسب قوله.

وقال سلامة، في مؤتمر صحفي عقده اليوم الجمعة بمعية وزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجيهناوي بعد لقاء بينهما في مقر وزارة الخارجية بتونس، حول أخر المستجدات في طرابلس "أن هناك ]في الداخل الليبي[ من يقول أنه لا يريد أن يتوقف قبل أن ينتصر انتصاراً كاملاً. ونحن قلنا وأكرر اليوم، أن فكرة الانتصار الكامل في بلد مثل ليبيا وهم. هناك حاجة لحل سياسي، أكان باكراً أم متأخراً."

انقسام المجتمع الدولي

وأشار سلامة، في معرض حديثه عن المساعي المبذولة على المستوى الخارجي في سبيل إنهاء حالة الصراع في ليبيا، إلى "إن هناك انقساماً في مجلس الأمن واحياناً كلاماً مزدوجاً من بعض الدول، يثير شبهات على حقيقة موقفها." مؤكداً أن الجولة الأخيرة التي قام بها والتقى خلالها بوزير الخارجية الأميركي ووزير خارجية روسيا والمسؤولين الفرنسيين وأمين عام الأمم المتحدة وكافة أعضاء مجلس الأمن الحاليين، كانت مثمرة واتت ضمن مساعيه المكثفة بهدف التوصل إلى مخرج من حالة العقم التي اصابت مجلس الأمن منذ بدء الأحداث مطلع أبريل المنصرم. وقال سلامة "اجتمع مجلس الأمن خمس مرات، وقدم الأمين العام إحاطة له في التاسع من شهر أبريل الماضي، وقدمت أيضاً أنا أربع إحاطات لهذه الجلسات، ولم يصدر حتى قرار، ولا حتى بيان رئاسي، ولا حتى تقرير صحفي عن هذه الاجتماعات. هذا العقم يجب أن يتوقف."

بصيص أمل

وأضاف سلامة أن هناك أمل في الأفق خاصة وأن مسؤولية مجلس الأمن الدولي تتمثل بالدفاع عن الأمن والاستقرار لدى الدول الأعضاء، قائلاً "آمل، وأقول آمل لأن لدي ما يدعوني للأمل، لم يكن لدي هذا الأمر ولكن الآن لدي ما يدعوني للأمل، بأن حالة العقم هذه ستتوقف." وفي رده على سؤال لأحد الصحفيين حول أسباب الأمل، أشار سلامة إلى أن الأمل القائم هو نتاج لقاءته التي تمت مؤخراً مع الدول الفاعلة في مجلس الأمن، والتي بات لديها "قدراً أكبر من الواقعية مما كنت أسمع منها في مطلع الاشتباكات،" حسب قوله. وأوضح سلامة أن بعض الدول كانت لديها تقييمات للأوضاع العسكرية على نحو مبالغ به. "اليوم، أستطيع أن أقول أن كل الدول الكبرى، كل الدول دائمة العضوية، وطبعاً عدد من الدول غير الدائمة العضوية، لديها صورة أكثر واقعية لحال الميدان، وللمأزق العسكري الذي دخلت فيه العملية العسكرية في تخوم طرابلس والتي تستدعي العودة بسرعة لإيجاد أو التوصل إلى حل سياسي يسمح بإعادة الحياة إلى العملية السياسية،" حد وصفه.

الداخل الليبي

وفيما يخص ردود أفعال الأوساط الليبية مواقفهم، أوضح الممثل الخاص أن "هناك بعض الاخوة الليبيين يعتقدون أن البعثة طرف سياسي عليها أن تأخذ موقف بالكامل مع هذا الطرف أو ذاك. هذا لم نقم به ولن نقوم به. وبالتالي نحن نحافظ على حياديتنا ونحافظ على تواصلنا مع كل الأطراف دون أي استثناء." موضحاً أنه تحدث مطولاً بالذات "مع السيد حفتر بعد أن قيل أنه يأخذ على البعثة الانحياز كما تحدثت مع السيد السراج مطولاً خلال الاسبوع الماضي."

وأكد سلامة أنه خلال كل لقاءته مع الأطراف الليبية يؤكد لهم أن قد آن الأوان لكي يقوم الطرفان المتخاصمان ليس فقط بإطلاق الرصاص، ولكن بإطلاق المبادرات، وأن يقترحوا شروطهم للتوصل إلى وقف العملية العسكرية. وأضح أنه يخاطب الجميع بنفس المستوى بأن عليهم أن يتفاوضوا، وأن يضعوا حدودهم التفاوضية الدنيا والقصوى. "أستطيع أن أقول لكم ]مخاطباً الإعلاميين في المؤتمر الصحفي[ انكم قد تسمعون من الطرفين خلال الأيام المقبلة تحديداً لما طلبت منهم. لأنني سمعت منهم أنهم بدأوا يفكرون بتحديد مصاغ لهذا الأمر،" موضحاً أن "لا يمكن الاكتفاء بالقول انني غير راض. غير راض عن ماذا؟ وما هي شروطك لكي نخرج من هذا المأزق الذي ادخلت فيه ليبيا؟"

التدخلات الخارجية في ليبيا

وفي معرض رد الممثل الخاص عن التدخلات الخارجية في ليبيا قال" نحن عموم العرب، عيننا دائماً على التدخل الخارجي. لكن هناك عدة مستويات من التدخل الخارجي." وفصل المستويات المختلفة للتدخلات في الشأن الليبي بأن "عندما تأخذ موقفاً حاسماً من صراع داخلي، إلى جانب هذا الطرف أو لا، أنت تتدخل. تتدخل دبلوماسياً، تتدخل سياسياً، تتدخل معنوياً. هذا تدخل. وعندما تذهب أبعد وتقدم أموال أو سلاح إلخ إلى هذا الطرف أو ذاك، فهذا مستوى أعلى من التدخل. هل هذا حاصل؟ نعم. هناك ست إلى عشر دول حالياً تبيع أو تعطي أسلحة للأطراف المتنازعة في ليبيا، رغم قرار واضح من مجلس الأمن بان هذا يجب ألا يحصل. ثم لديك مستوى أكبر وهو إعطاء مشورات عسكرية من خلال خبراء توفدهم إلى هذه الدولة. هذا مستوى أعلى من التدخل. أنت موجود في الساحة ولو كخبير. 

ثم طبعاً هناك المستوى الأقصى، وهو أن تتدخل بقوات إلى جانب هذا الفريق." وأكد سلامة أنه " لحسن الحظ، لم نصل بعد إلى المستوى الأخطر. ولكن إذا وصلنا إليه، فهذا أمر خطير جداً على ليبيا، لأن ليبيا ستتحول إلى مجرد ساحة لحرب الآخرين وهذا أمر لا اتمناه ولا تتمناه أنت لأخوتنا في ليبيا."

دول الجوار

وبخصوص الجهود الإقليمية، أشاد الممثل الخاص باستضافة تونس يوم الاربعاء 12 يونيو 2019 الاجتماع الوزاري السابع للمبادرة الثلاثية (تونس والجزائر ومصر) حول دعم التسوية السياسية في ليبيا والذي حضره وزير الشؤون الخارجية للجمهورية التونسية، ووزير الشؤون الخارجية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ووزير خارجية جمهورية مصر العربية لبحث مستجدّات الاوضاع في ليبيا وسبل وقف الاقتتال واستئناف العملية السياسية بين مختلف الاطراف الليبية برعاية الامم المتحدة. وقال سلامة "اشكر الإخوة في تونس على دعوتهم لاجتماع دول الجوار قبل يومين، لأني أعتقد جازماً أن كل من تونس ومصر والجزائر لديها مصالح حقيقية بل حيوية لا سيما في استقرار ليبيا - ولا يساورني شك بأن دولة كتونس ودول الجوار بأن لهم مصلحة حيوية بأن نتوصل إلى استقرار الوضع في ليبيا." وأشاد بالبيان الصادر عن اللقاء ورفض دول الجوار لأي تدخل خارجي "وانا طبعاً من رأيهم."

انتخاب تونس عضواً في مجلس الأمن

وعلى صعيد أخر هنأ الممثل الخاص للأمين العام الحكومة التونسية على انتخابها عضواً دائماً لمجلس الأمن للعامين القادمين خلفاً لدولة الكويت. وقال في إيجاز صحفي عقده اليوم في مقر الخارجية التونسية عقب لقائه مع وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي، "أهني الإخوة في تونس على انتخاب تونس كعضو دائم في مجلس الأمن." وأضاف سلامة "أن ما عُرف عن تونس من رصانة وحكمة ووسطية في دبلوماسيتها ستكون خير معين لها للقيام بدور تمثيل المجموعة العربية بمجلس الأمن لعامي 2020 -2021 وستكمل ما تقوم به الشقيقة الكويت من عمل داخل المجلس." مؤكداً ثقته بتمثيل تونس للمجموعة العربية وأنه على يقين من ذلك بعد تبوء تونس لهذا المنصب.