كلمة الأمين العام للأمم المتحدة في الاجتماع رفيع المستوى المنعقد حول ليبيا 5 تشرين الأول/ أكتوبر، نيويورك

5 أكتوبر 2020

كلمة الأمين العام للأمم المتحدة في الاجتماع رفيع المستوى المنعقد حول ليبيا 5 تشرين الأول/ أكتوبر، نيويورك

[نص الكلمة كما أدلى بها]

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

شكراً لمشاركتكم في هذا الاجتماع.

وأود أن أشكر ألمانيا على مشاركة الأمم المتحدة في رئاسة هذا الاجتماع وعلى روح القيادة التي تحلت بها  خلال مسار برلين.

يشكل ايجاد حل للأزمة في ليبيا أولوية قصوى للأمم المتحدة.

فقد طال أمد النزاع  والفرصة سانحة أمامنا الآن لكي نجدد التزامنا بوضع حد له.

 لقد كانت تهدئة القتال في الأسابيع والأشهر الأخيرة أمراً يبعث على الإرتياح.  غير أن ثمة تعثر بشأن سرت، فيما هناك مواجهات مباشرة محدودة بين الطرفين.

وفي آب/ أغسطس، أصدر رئيس الوزراء، السيد فائز السراج، ورئيس مجلس النواب، السيد عقيلة صالح، بيانين منفصلين يطالبان فيهما بوقف إطلاق النار وإنهاء الإغلاق النفطي والعودة إلى العملية السياسية. وأعربت عن ترحيبي بهذين البيانين ودعوت جميع الأطراف إلى الانخراط بشكل بنّاء في عملية سياسية شاملة.

وعلى نحو منفصل، اجتمع ممثلو الأطراف السياسية الفاعلة الليبية في مونترو وخرجوا بتوصيات بشأن القضايا الحاسمة المطلوبة للتوصل إلى بيان سياسي بشأن الأزمة الليبية. بالإضافة إلى ذلك اجتمع وفدا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب في بوزنيقة في المغرب لمناقشة معايير اختيار شاغلي المناصب السيادية.

 وتمثل استقالة الحكومة "المؤقتة الموازية" في الشرق في 13 أيلول/ سبتمبر وإعلان رئيس الوزراء، فائز السراج، في 16 أيلول/ سبتمبر عن تسليمه السلطة بحلول نهاية تشرين الأول/ أكتوبر حافزاً جديداً للأطراف الليبية الفاعلة على استئناف الحوار السياسي وترسم طريقاً لعملية من شأنها أن تعيد البلاد إلى السلام المستدام والاستقرار والتنمية.

 وتعكف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على التحضير لسلسلة من الاجتماعات والمشاورات التي من شأنها أن تسهل استئناف المحادثات السياسية الليبية الشاملة – محادثات يضطلع بها الليبيون أنفسهم ويتولون زمامها.

 فقد التقى في الغردقة بمصر الأسبوع الماضي ممثلون عن الشرطة والجيش من حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لرفع توصياتهم إلى اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5)  والتي من المتوقع أن تستأنف اجتماعاتها في جنيف في الأسابيع المقبلة.

 وخلال الجولة الأخيرة من المناقشات التي جرت في آب/ أغسطس، تناول الطرفان القضايا الأمنية والعسكرية الملحة، بما في ذلك تدابير بناء الثقة  والترتيبات الأمنية إاقامة منطقة منزوعة السلاح مستقبلاً، بالإضافة إلى مهام ومسؤوليات حرس المنشآت النفطية.

 وفي هذا السياق، رسائلي اليوم بسيطة المحتوى.

أولها إن مستقبل ليبيا على المحك وإنني أدعو جميع الليبيين إلى مواصلة العمل من أجل  التوصل الى وقف دائم لإطلاق النار والمساهمة بشكل بنّاء في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي تيسره الأمم المتحدة، ووضع مصالح شعب الليبي في المقام الأول دائماً.

كما أناشدكم جميعاً أن تشجعوا وتدعموا جهود السلام الليبية التي تيسرها الأمم المتحدة - ليس فقط بالأقوال بل بالأفعال.

وثاني رسائلي اليوم هي إنه يتعين الايفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها في مؤتمر برلين بشأن ليبيا من قبل هذه المجموعة تحديداً في كانون الثاني/ يناير من هذا العام والعمل على تنفيذها.

ويشمل ذلك التنفيذ الكامل وغير المشروط لحظر توريد الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن. حيث تشكل انتهاكات هذا الحظر فضيحة وتثير تساؤلات حول الالتزام الأساسي بالسلام من جانب جميع المعنيين.

يجب أن تتوقف شحنات التسليح من الجهات الخارجية وغيرها من أشكال الدعم العسكري على الفور.

لقد تضمنت التزامات برلين أيضاً إعادة الإجراءات القانونية الواجبة ومنع الاحتجاز التعسفي من خلال إنشاء نظام للمراجعة القضائية، وهذا أيضاً أمر أساسي.

ورسالتي الثالثة هي أنه يجب أن نعمل سوياً لاستعادة قدرة ليبيا على توفير الخدمات الأساسية والأمن لأهلها الذين يرزحون تحت ظروف معيشية مستمرة في التدهور لا بسبب النزاع فحسب، بل وأيضاً جراء سوء الإدارة واستشراء الفساد.

ولا يزال الشعب الليبي يتحمل وطأة النزاع ويواجه الآن التأثير المدمر المحتمل لجائحة كورونا (كوفيد-19).

ولا بد لنا أن نرى أيضاً الإنهاء الفوري والدائم وغير المشروط للإغلاق المفروض على إنتاج وتصدير النفط في البلاد والذي كان له آثار أرهقت الاقتصاد.

 كما يحتاج مليون ليبي إلى مساعدات إنسانية فيما نزح أكثر من 425 ألفاً من ديارهم بسبب النزاع.

ويجب على الفور تفكيك الشبكات الإجرامية التي تمتهن الاتجار بالبشر في جميع أنحاء البلاد، كما يتعين إطلاق سراح اللاجئين والمهاجرين المحتجزين في ظروف غير إنسانية وتوفير مأوى آمن لهم.

وفي هذا الصدد، أحث الدول الأعضاء على توفير المزيد من أماكن إعادة التوطين والإجلاء للاجئين وطالبي اللجوء الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا.

وهذا أمر من شأنه أن يساعد على منع تحركات اللاجئين والمهاجرين عبر وسط البحر الأبيض المتوسط ​​ المحفوفة بالمخاطر ووضع حد لعمليات الإعادة غير الآمنة إلى ليبيا والتي نعلم جميعاً أنها ليست مكاناً آمناً لإنزالهم.

عندما يتجذر الإفلات من العقاب والظلم وانعدام المساءلة، تستمر انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك عمليات الإعدام دون إجراءات قانونية والتعذيب المستشري والاختفاء القسري والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي فضلاً عن الحرمان التعسفي من الحرية. لقد صُدمت بشدة عندما علمت بأمر المقابر الجماعية التي اكتشفت في ترهونة في حزيران/يونيو.

إن المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني هي الطريقة الوحيدة لضمان العدالة. وأرحب هنا ببعثة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في حزيران/ يونيو كخطوة بالغة الأهمية في هذا الصدد.

 السيدات والسادة،

سيكون للمراجعة المالية الدولية التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في آب/ أغسطس بدعم من مجموعة العمل الاقتصادية دور مهم في إيجاد الثقة اللازمة لإجراء نقاش مفتوح حول التخصيص الشفاف للموارد خلال الحوار الاقتصادي بين الليبيين.

وسوف تواصل الأمم المتحدة قيادة وتسهيل حوار مفتوح يرمي إلى بناء الاستقرار والأمن والوحدة الوطنية بين الأطراف الليبية بدعم من المجتمع الدولي.

لقد واصلنا بذل الجهود بشراكة وثيقة معكم جميعاً. وهنا أود أن أحيي بشكل خاص جهود الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

السيدات والسادة،

ننتظر من الأطراف الليبية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة.

وينبغي على جميع الأطراف الخارجية أن تضع نصب أعينها السلام أولاً.

وهذه التطورات الأخيرة ما هي إلا فرصة نادرة لإحراز تقدم حقيقي في سعينا لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.

وهي فرصة يجب علينا التشبث بها.

شكراً لكم.