كلمة السيد يان كوبيش، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية - القاهرة، 9 أيلول/ سبتمبر

© UNSMIL/M. ALASAADI

9 سبتمبر 2021

كلمة السيد يان كوبيش، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية - القاهرة، 9 أيلول/ سبتمبر

أصحاب المعالي،

الأمين العام المحترم،

بادئ ذي بدء، أود أن أشكر جامعة الدول العربية على دعوتي للتحدث في هذا اللقاء المهم وإطلاعكم على بعض المستجدات حول ليبيا، لاستكمال ما قد تود وزيرة الخارجية، السيدة المنقوش، قوله حول التطورات في البلاد.

في الأيام الماضية، أجريت مشاورات في ليبيا مع مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة والقادة والمسؤولين، من بينهم معالي وزيرة الخارجية المنقوش وبعض ممثلي فئات المجتمع المدني، لمناقشة كيفية حماية وتعزيز السير نحو انتخابات برلمانية ورئاسية وطنية نزيهة وشاملة في كانون الأول/ ديسمبر من هذا العام، وإحراز تقدم في الملفات الأخرى - الأمنية والاقتصادية وحقوق الإنسان وفي المجال الإنساني- والتي أنشأتها عملية برلين وتتابع العمل فيها. وجدد جميع من تحاورت معهم تأكيد التزامهم بإجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، وقد قدمت الحكومة التمويل اللازم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات وهي تعمل على وضع التدابير الأمنية اللازمة لضمان إجراء الانتخابات بأمان.

في غضون ذلك، فإن مجلس النواب بصدد الانتهاء من القوانين الانتخابية لكل من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وقد أعلمني رئيس مجلس النواب، السيد عقيلة صالح، أن قانون الانتخابات الرئاسية قد تم اعتماده بالفعل باعتباره القانون رقم 1 لسنة 2021، بينما يمكن تنظيم الانتخابات النيابية بناء على القانون الحالي مع احتمال إدخال تعديلات يمكن الموافقة عليها خلال الأسبوعين المقبلين.

وعلى هذا الأساس، تواصل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات استعداداتها للانتخابات التي يمكن إجراؤها في غياب الإطار التشريعي، بما في ذلك قيامها بتسجيل الناخبين حيث بلغ إجمالي عدد المسجلين 2.86 مليون (43 بالمائة منهم من النساء)، فيما يجري العمل على التسجيل لعملية التصويت خارج البلاد بالتشاور مع وزارة الخارجية الليبية وسوف يستلزم ذلك تعاوناً ودعماً من الدول التي تستضيف مواطنين ليبيين. وكما أكدت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، فقد خصصت حكومة الوحدة الوطنية تمويلاً كافياً للمفوضية لتمكينها من التحضير للانتخابات وتنظيمها في 24 كانون الأول/ ديسمبر. وتواصل الأمم المتحدة تقديم الدعم الفني للمفوضية.

وبغية المساعدة في ضمان نزاهة العملية الانتخابية، فإن المراقبة الدولية والمحلية للعملية برمتها أمر بالغ الأهمية. وهنا أحث جميع الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية بما فيها جامعة الدول العربية وأعضاؤها على إرسال فرق مراقبة، بالتنسيق مع السلطات والمؤسسات الليبية، ولا سيما المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ووزارة الخارجية عندما يحين الوقت.

 

أصحاب المعالي،

في 8 تموز/ يوليو، قمت بتسليم تقرير المراجعة المالية الدولية إلى المجلس الرئاسي بحضور رئيس الوزراء ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه. وكانت النتيجة الرئيسية التي خلصت إليها هذه المراجعة هي أن توحيد مصرف ليبيا المركزي لم يعد ببساطة أمراً محبذاً بل بات مطلوباً.

ويعتزم محافظ البنك المركزي ونائبه تقديم إحاطة اليوم إلى مجموعة العمل الاقتصادية التابعة للجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا المنبثقة عن مؤتمر برلين والتي تشارك مصر في رئاستها لإطلاعهم على آخر المستجدات بشأن الخطة والخطوات الأولية اللازم اتخاذها لتنفيذ التوصيات والمضي قدماً في عملية توحيد البنك. وقد أكدت حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي استعدادهما لدعم هذه العملية.

 

أصحاب المعالي،

على الصعيد الأمني، أسفرت الجهود الدؤوبة التي تبذلها اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) عن إعادة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت مؤخراً، وذلك بدعم من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ودائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام. ولقي هذا الحدث ترحيباً حاراً من شعب ليبيا لما له من مكاسب جلية لجميع الليبيين.

ومع ذلك، فإن استمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية ما يزال مصدر قلق لليبيا والمجتمع الدولي، بما في ذلك دول الجوار. وفي عدد من قراراته لا سيما القرار رقم 2570 والبيان الأخير الصادر في 15 تموز/ يوليو، حث مجلس الأمن بقوة جميع الدول الأعضاء وجميع الأطراف الليبية وجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة على احترام التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 23 تشرين الأول/ أكتوبر2020 ودعمه، بما في ذلك من خلال سحب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا دون تأخير.

وتجري الآن الاستعدادات لإرسال مجموعة أولى من مراقبي وقف إطلاق النار التابعين للأمم المتحدة، حيث سيتم إرسال المجموعة الأولى في الأسابيع المقبلة لدعم آلية مراقبة وقف إطلاق النار التي تقودها ليبيا وتمسك بزمامها.

وبغية ضمان إحراز تقدم تدريجي نحو التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، تعتزم اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وضع خطة عمل لانسحاب متسلسل ومرحلي يمكن التحقق منه، يبدأ بانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب. وننوي التشاور مع الشركاء الدوليين المعنيين بشأن هذه الخطة والسعي للحصول على دعمهم وتعاونهم. كما ندعم أيضاً الجهود التي تقودها وزيرة الخارجية، المنقوش، بشأن مبادرة الاستقرار التي لها أهداف مماثلة، حيث تهدف هذه المبادرة التي تقودها ليبيا وتمسك بزمامها إلى المساعدة في تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار وخلاصات مؤتمري برلين. ونحن مستعدون أيضاً لدعم العملية التي تقودها ليبيا لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد والمنطقة على نطاق أوسع، ومستعدون أيضاً للعمل على هذا الأمر مع ليبيا والشركاء الدوليين، بما في ذلك دول المنطقة، ولا سيما جيران ليبيا.

 

أصحاب المعالي،

بمبادرة من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، تم عقد اجتماع وزاري هام وفي الوقت المناسب لدول الجوار مع ليبيا وذلك في الجزائر العاصمة في الفترة من 30 إلى 31 آب/ أغسطس 2021.

وتباحث الوزراء في السبل والوسائل الكفيلة بتمكين دول الجوار من تقديم دعم فعال للجهود الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف تقديم الدعم للمسار السياسي الذي ينهي الخلافات ويحفظ أمن واستقرار جميع دول الجوار وطالبوا بإشراكهم في جميع اللقاءات الإقليمية والدولية المتعلقة بالأزمة.

وجدد الوزراء تأكيد الدور المحوري لآلية دول الجوار في دعم العملية التي تيسرها الأمم المتحدة في ليبيا والأهمية القصوى للتشاور والعمل على التنسيق بين اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وجيران ليبيا بشأن قضية سحب المرتزقة والقوات الأجنبية بهدف وضع آلية وعملية فعالة بين الليبيين ودول الجوار.

كما شدد الوزراء على أهمية ضمان تعزيز التنسيق والتآزر والتكامل بين جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي الذين يعملون بشكل وثيق مع البلدان المجاورة بهدف تجنب تعدد الجهود والمسارات المتنافسة دعماً للمرحلة التمهيدية لحل شامل في ليبيا.

ورحب الوزراء بمقترح جمهورية مصر العربية استضافة الاجتماع القادم لوزراء خارجية دول الجوار الليبي في موعد يتم الاتفاق عليه لاحقاً.

 

أصحاب المعالي،

لا بد أن يقترن سحب المقاتلين الأجانب والمجموعات المسلحة بجهود مكثفة في جميع أنحاء ليبيا والمنطقة الأوسع لمعالجة الأسباب الجذرية لغياب الاستقرار، لا سيما من خلال المصالحة الشاملة وبناء السلام وبرامج التنمية مع التركيز على الشباب وتمكين المرأة. إن التدابير والبرامج المنسقة والمتكاملة التي يدعمها ويشترك في تمويلها المجتمع الدولي مقرونة بإجراءات دولية حازمة ضد المجرمين من المتّجرين بالبشر والأسلحة والمخدرات والتدابير التعاونية لتعزيز السيطرة في المناطق الحدودية، بما في ذلك المراقبة المتكاملة للحدود وإدارتها، يجب أن تكون جزءاً من الحل إذا ما أريد له أن يكون دائماً ومستداماً. وهنا، فإن الشراكة بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي أمر بالغ الأهمية، وكذا، ومن منظور أوسع، الدور التنسيقي للجنة الرباعية لهذه المنظمات وذلك على النحو الذي أكده اجتماعها الأخير الذي استضافته جامعة الدول العربية.

 

أصحاب المعالي،

أود أن أؤكد مجدداً موقف الأمم المتحدة الثابت بأن ليبيا لا تعتبر ميناءً آمناً لإنزال المهاجرين واللاجئين.

من الضروري أن يعزز المجتمع الدولي عمله على المستوى الجماعي والثنائي لمعالجة الأسباب التي تغذي تحركات الأشخاص بشكل غير نظامي وتوفير سبل قانونية لتجنب استمرار الخسائر في الأرواح على طريق وسط البحر الأبيض المتوسط.

وينبغي أن تعكس مثل هذه الترتيبات أو الاتفاقات مسؤولية ليبيا ودول الجوار في دعم المبدأ الدولي لعدم الإعادة القسرية الذي يشمل وقف جميع عمليات الطرد الجماعي للمهاجرين وطالبي اللجوء، مع تيسير عمليات الإجلاء الإنساني والعودة الطوعية ورحلات إعادة التوطين. ونأمل أن نرى استئنافاً قريباً لهذه الرحلات التي تم للأسف إيقافها مرة أخرى مؤخراً، ونحث السلطات الليبية المعنية على تسهيل ذلك دون مزيد من التأخير، وذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

أصحاب المعالي،

من الأهمية بمكان أن تتولى ليبيا والدول المجاورة إدارة حدودها وأن تبسط سيطرتها عليها. ومن التطورات الإيجابية في هذا الصدد الاتفاقات الثنائية التي يجري التفاوض عليها حالياً بين مصر والنيجر مع ليبيا لإدارة تدفقات الهجرة. وفي ذات الوقت، فإن الجهود المبذولة لتوقيع الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف وتفعيلها لتعزيز الأمن والتعاون عبر الحدود بين البلدان ذات الحدود المشتركة مع ليبيا أساسية في الحفاظ على الأمن الإقليمي وتعزيز التنمية الاقتصادية وبناء الثقة لتحقيق مزيد من التعاون الوثيق فيما بينها ومع ليبيا. وتعدّ الاتفاقية الرباعية لإدارة الحدود بين ليبيا والسودان وتشاد والنيجر مثالاً إيجابياً على التعاون متعدد الأطراف في تأمين الحدود المشتركة والتصدي للجريمة العابرة للحدود والتطرف المتسم بالعنف وأنشطة المجموعات المسلحة.

ومع استمرار تطور التعاون، فإن إمكانية عقد مثل هذه الاتفاقات، بما في ذلك الاتفاقات الثنائية مع ليبيا، من شأنها أن تواصل بناء السلام والاستقرار في المنطقة.

أصحاب المعالي،

تمر ليبيا بمرحلة حرجة تستوجب تعزيز الإنجازات الكبيرة والتقدم المحرز في الفترة الماضية لمواصلة الانتقال السياسي نحو بلد موحد كامل السيادة ينعم بالسلام والاستقرار. وكما ذكر مؤخراً في الجزائر السيد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، يجب الحفاظ على زخم هذه التطورات كي يتسنى تحقيق النتائج المرجوة. وذلك مهم ليس للشعب الليبي فحسب، بل للمنطقة ككل. وتعد الجهود المستمرة والمتضافرة والمتسقة من دول الجوار والدول الإقليمية ومنظماتها فضلاً عن المجتمع الدولي على نطاق أوسع أمر أساسي لدعم وتشجيع مختلف الأطراف في ليبيا على العمل معاً من أجل توحيد مؤسسات الدولة والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وتقديم الخدمات اللازمة وحماية وتعزيز حقوق الإنسان والعدالة والمساءلة لليبيين والمهاجرين وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر.

شكراً لإصغائكم.