كلمة القائمة بأعمال رئيس البعثة ستيفاني خوري حول عملية سياسية ليبية برعاية الأمم المتحدة
السلام عليكم
ثمانية أشهر مرت منذ التحاقي ببعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
أود أن أتحدث إليكم بشكل مباشر أولاً، وسوف أعلن في وقت لاحق عن تفاصيل العملية السياسية التي ستيسرها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خلال إحاطتي لمجلس الأمن.
تتمثل الأهداف الرئيسية لهذه العملية في الحفاظ على الاستقرار، ومنع النزاع، ودعم توحيد مؤسسات الدولة، والدفع بالانتقال نحو إجراء الانتخابات، ومعالجة القضايا الأساسية العالقة منذ وقت طويل. وسوف تحرص هذه العملية على الالتزام بشكل صارم بمبادئ الملكية الوطنية والشمول والشفافية والمساءلة. وسوف تكون عملية تدريجية. والأهم من ذلك، ستكون هذه العملية من أجل الشعب الليبي.
وقبل الخوض في تفاصيل هذه الخطة، اسمحوا لي أن أعيد أمامكم مخاوف العديد من الليبيين الذين التقيتهم من مختلف أنحاء البلاد.
لقد حُظيتُ بترحابِ كبير في العديد من المدن الليبية التي التقيت فيها بمئات النساء والرجال، صغاراً وكباراً، من مجتمعات محلية مختلفة.
وكلهم كانت لديهم رسالة واحدة: إنهم قلقون. قلقون بشأن حالة البلاد ومستقبل أطفالهم، ويريدون حلاً لهذه المشاكل.
يساورهم القلق بشأن عدم استدامة الوضع الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة. لقد سئموا من الفساد والنهب، كثيرون أعربوا عن خوفهم من التحدث بصوت عالٍ والتعبير عن آرائهم بسبب انحسار الفضاء المدني. وما أعاق الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في البلاد هو تجذرُ المصالح والقرارات الأحادية ما أدى إلى تعميق وإطالة أمد الأزمة الحالية.
في خضم الأزمة الإقليمية المأساوية، يعيش الليبيون في استقرار هش. ومع ذلك، فإن هذا الاستقرار الهش ليس مستداماً. إن مؤسسات ليبيا واقتصادها مثقلان بعبء عقد من الترتيبات الانتقالية وسوء إدارة الأموال العامة والترتيبات غير الرسمية التي حافظت على المصالح الخاصة والفئوية على حساب مصالح الشعب الليبي وبناء المؤسسات.
ليس غريبا إذن أن يكون الليبيون غاضبين.
ورغم ذلك، فإن الشعب الليبي يتمتع بقدرة كبيرة على الصمود، ولديه العزم على بناء بلد مستقر ومزدهر لأطفاله وللأجيال القادمة. وقد اجتمع الليبيون من قبل على كلمة سواء لوقف النزاع وحل خلافاتهم في الصخيرات وتونس وجنيف.
لقد أعرب الليبيون في جميع أنحاء البلاد عن تطلعاتهم الكبيرة للتغيير السلمي من خلال انتخابات وطنية ومؤسسات موحدة للدولة وإدارة عادلة ومنصفة للموارد المالية العامة ودستور دائم. دعونا لا ننسى أن 2.8 مليون ليبي سجلوا للتصويت في الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر 2021. كما أن الانتخابات البلدية الأخيرة لا تعكس رغبة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته من خلال صناديق الاقتراع فحسب، بل تثبت أيضاً أنه يمكن إجراء الانتخابات بسلام في جميع أنحاء البلاد.
لقد آن الأوان لكي يجتمع الليبيون مرة أخرى وأن يسيروا خطوة مهمة للأمام نحو تحقيق نظام حكم دائم من خلال الانتخابات. وينبغي أن تُجرى هذه الانتخابات بناءً على رؤية وطنية توافقية للبلاد، حيث إن المؤسسات المتوازية والمنقسمة تقوض بشكل دائم قوة الدولة وقدرتها على الصمود وتشكل تهديداً لوحدة ليبيا وسيادتها.
إن الأمم المتحدة مستعدة لدعم الجهود الرامية إلى إنهاء الجمود السياسي بالبناء على التقدم المحرز حتى الآن وكذلك من الدروس المستفادة من الماضي.
الآن، وكما ذكرت سابقاً، فإن الأهداف الرئيسية لهذه العملية التي تيسرها البعثة هي الحفاظ على الاستقرار ومنع النزاع ودعم توحيد مؤسسات الدولة والدفع بعملية الانتقال نحو الانتخابات والمساعدة في حلحلة مسببات النزاع القائمة منذ وقت طويل.
اسمحوا لي أن أضعكم في صورة ما ننوي القيام به:
كخطوة أولى، تعتزم البعثة الدعوة إلى التئام لجنة فنية مكونة من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية وخيارات لكيفية الوصول إلى الانتخابات في أقصر وقت ممكن بما في ذلك مع ما يتم اقتراحه من ضمانات وتطمينات وإطار زمني. وستشمل اختصاصات هذه اللجنة أيضاً وضع خيارات لإطار واضح للحوكمة، مع تحديد المحطات الرئيسية والأولويات لحكومة يتم تشكيلها بالتوافق. وخلال هذه العملية، ستقف الأمم المتحدة للدفاع بقوة عن المبادئ والمعايير التي يمكن أن تحمي مصالح الشعب الليبي.
ثانياً، تلتزم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإعلاء أصوات الشعب الليبي كي يتمكن من تحديد مستقبله بنفسه. ومن خلال العمل مع الشركاء الليبيين، ستعمل البعثة على تيسير ودعم حوار مهيكل لتوسيع نطاق التوافق على حل مسببات النزاع القائمة منذ وقت طويل. وسوف يستهدف هذا الحوار مشاركة واسعة من جميع شرائح المجتمع الليبي، بما في ذلك الأحزاب السياسية والنساء والشباب والمكونات الثقافية والقيادات المجتمعية.
علاوة على ذلك، وفي ضوء الحاجة إلى معالجة القضايا الأساسية التي تضمن اقتصاداً مستقراً ومزدهراً لصالح الشعب الليبي، ستعمل البعثة على الدفع بعجلة الإصلاحات الاقتصادية. كما ستواصل البعثة العمل للمساعدة في تعزيز توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية ودعم المصالحة الوطنية بمساعدة الشركاء.
وستعمل البعثة أيضاً على دعم وجود توافق دولي لمساندة كل هذه الجهود الليبية.
وفي الختام، فإن البعثة ملتزمة بدعم الشعب الليبي للتوصل إلى توافق حول رؤية مستقبلية قوية لبلادهم، حيث يمكن لأطفالهم والأجيال القادمة أن يعيشوا في استقرار وازدهار دائمين.
ومع ذلك، ما تزال هناك عقبات. لابد من التغلب على الخلافات السياسية الأساسية. لذا فإن إبداء حسن النية والرغبة في الحلول الوسط أمران ضروريان من جميع الأطراف.
أؤكد لكم التزام البعثة الكامل بالعمل مع جميع الليبيين لتوحيد وتعزيز مؤسساتهم والسير بالبلاد نحو انتخابات وطنية لمعالجة القضايا العالقة منذ وقت طويل، وذلك من أجل ليبيا تتوفر فيها فرصٌ متكافئة لجميع المواطنين كي يتسنى لهم المساهمة في بناء وطنهم، مع وعد بمستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً للجميع.
شكراً جزيلاً