كلمة الممثل الخاص للأمين العام طارق متري في مؤتمر بمناسبة الذكرى الثانية لتأسيس تحالف القوى الوطنية

22 يونيو 2014

كلمة الممثل الخاص للأمين العام طارق متري في مؤتمر بمناسبة الذكرى الثانية لتأسيس تحالف القوى الوطنية

طرابلس، في 21 يونيو 2014

يسرني ان أشارككم حضور هذا الإحتفال ويحدوني الأمل أن يأتي عمل مؤتمركم مثمراً ومشدوداً لا إلى أولويات الحياة السياسية الملحة فحسب بل أيضا الى التطلعات الوطنية على المدى الأبعد.

ويشهد التئام عقدكم هذا على أهمية العمل السياسي المنظم، حزبياً كان ام شبه حزبي، في تعزيز الممارسة الديمقراطية.

الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة طارق متري يلقي كلمة خلال مؤتمر بمناسبة الذكرى الثانية لتأسيس تحالف القوى الوطنية.
(تصوير ياسن أثانسياديس/أونسميل)

وأحسب أن اختياركم موعد الإحتفال قبيل الانتخابات البرلمانية مناسبة لتأكيد التزامكم بالديمقراطية. فهي بطبيعة الحال صيغة اختيار الشعب لممثليه وحكامه، لكنها أيضاً تشارك في مجموعة من القيم تتجسد في علاقاتٍ وتدابير ومؤسساتٍ ولغة تخاطب.

فالاحتكام إلى صناديق الاقتراع هو مدماك الديمقراطية وأول خصائصها. غير أن الاعتراف بالتنوع وصون الحريات العامة وتعزيز استقلال القضاء وضمان الفصل بين السلطات ومحاذرة طغيان الأغلبية أو استحواذها، مداميكها الأخرى. وهي شروط ثباتها واستدامتها.

وتفترض الديمقراطية التي تؤمنون بها وتدعون إليها إرادة بالارتقاء من الصراع العاري على السلطة، وقبل استكمال تكون الدولة، إلى الإنخراط في العملية السياسية حسب القواعد المعروفة في الدول التي ارتضتها (أي الديمقراطية) أساساً لنظامها.

ولعل الانتخابات المقررة في (25) يونيو بظل الإجماع الوطني على حصولها في موعدها، مناسبة للمنافسة عوض المواجهة وفرصة أمام الاختيار الحر من أي ضغط يمارس من خارج العملية السياسية.

بيد أن نجاح الانتخابات لا يضع حداً، بقوة ذاته، للاضطراب والانقسام الحاد حول قضايا وطنية بالغة الأهمية والحساسية، والذي يزيد الأوضاع الحالية هشاشة. فهناك مشكلات كبيرة موروثة وأخرى مستجدة والتطورات السياسية والأمنية المتلاحقة تسببت بإضعاف قدرة المؤسسات الشرعية على اختلافها من تقديم الحلول وإنفاذها. صحيح أن الخلافات هي من طبيعة الحياة السياسية إلا أن انعدام الثقة، أو ضعفها بين القوى الحية في المجتمع الليبي، وصلت الى حد باتت فيه تعبيراً عن أزمة عميقة وسبباً من أسباب صنعها وتجديدها.

لذلك يبدو أن التعامل مع الخلافات في علاقتها بأولوية بناء الدولة مازال محفوفاً بالصعوبات. ويتطلب التصدي لها العمل على بناء توافقات حول جملة مسائل، ليست أقلها مبادئ للعمل السياسي تقول بنبذ العنف، وفي مقدمه عنف العمليات الإرهابية، ورفض إستبعاد الآخر أو إقصائه. ولا يعني ذلك أن قيام دولة القانون والمواطنة وتعزيز المشاركة الديمقراطية مجرد مبادئ معلنة. فهي أيضاً تشريعات وسياسات تنفيذية في سائر مرافق الحياة العامة ويقتضي نجاحها تحقيق إرادة وطنية جامعة وحرة.

لقد انتزعت ثورة الشعب الليبي الحرية ولن تؤخذ من أبنائه مرةً أخرى. إلا أن الحرص عليها يتلازم مع الصدقية واحترام الآراء وما من شيء يحصنها مثل الموضوعية والإنصاف والرصانة في طلب المعرفة وتعميمها. وتتلاقى هذه القيم مع قيم الحوار، الذي هو مطلب ليبي وحاجة فعلية لا رغبة أممية وهو نصاب حيادي لا يملك فيه أحد أن يفرض على سواه شيئاً لا يرتضيه.

أيها الأصدقاء ،
يترتب علي في النهاية ، أن أكرر قولاً بديهياً لا تمنعني بداهته من ذكره. أكرره لأنه يفسر وجودي بينكم في هذه الأمسية. وإني واثق انكم تعرفون تمام المعرفة أن الأمم المتحدة في ليبيا وقيادتها ليست مع طرف ضد طرف، لا في الداخل ولا في الخارج، وهي منحازة إلى ليبيا وإلى مشروع قيام الدولة فيها. وهي منفتحة على الليبيين كافة. وهي مكلفة من مجلس الأمن الدولي، بإسم الأسرة الدولية، لذلك فهي مستقلة عن أي دولة بعينها أو مجموعة دول ولا تريد لليبيا أن تتحول إلى ساحة صراع أو أرض منازلة بين القوى الخارجية.

همنا الأول أن نؤدي واجبنا في تقديم المشورة والمساعدة التقنية والقيام بمساعٍ حميدة، رغم العقبات وأياً كان من الإساءات التي تعرضنا لها والتي لن تغير في موقفنا شيئاً. وسنبقى نعمل بلا كلل في تأدية هذا الواجب، ونحترم على نحو لا لبس فيه السيادة الليبية ونحرص على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

أيها الأصدقاء،
دعاؤنا أن يؤتي مؤتمركم ثماره الطيبة ويسهم في العمل على تحقيق أهداف الثورة ، الأهداف الوطنية الكبرى التي تؤمنون بها.
وفقكم الله وعاشت ليبيا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.