كلمة الناطقة الرسمية بإسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة

7 مايو 2013

كلمة الناطقة الرسمية بإسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة

طرابلس ليبيا 3 مايو 2013

السيدة راضية عاشوري، مديرة مكتب الإعلام والناطقة الرسمية بإسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا

السادة الوزراء

السادة أعضاء المؤتمر الوطني العام

السيدات والسادة الإعلاميين

أوّد أولاً أن أتقدم باسم الأمم المتحدة في ليبيا بأحرّ التهاني لإعلاميات و إعلاميي ليبيا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يُحتفل به اليوم في كل أرجاء العالم والذي يُخصص هذه السنة للدفاع عن حرية التعبير وعن سلامة الصحفيين في وسائل الإعلام المطبوعة والمذاعة والمرئية تحت شعار: "تكلم بأمان."

واسمحوا لي أن نقف جميعاً إجلالاً للصحفيين الذين فقدوا حياتهم أو عذبوا أو اعتقلوا أثناء العقود الماضية من تاريخ ليبيا وأثناء الثورة ولكل من تعرض منهم بعد ذلك للتخويف والاضطهاد أو العنف.

لعل الحديث حول حرية الصحافة والحق الأعم الذي يندرج تحته هو الحق في التعبير عن الرّأي هو حديث قد يطول وقد لا تسمح لنا هذه المناسبة بالاستفاضة فيه، وعليه استسمحكم في أن أقتصر حديثي عن واقع وآفاق حرّية الصحافة في ليبيا الجديدة وتحديداً دور الإعلام في هذه المرحلة المفصلية في عملية التحول الدّيمقراطي.

وإننا وإن كنا على علم بالانتقادات التي توجه لواقع الإعلام الليبي بمكوناته التقليدية والحديثة والعام منها والخاص، وبالتجاوزات التي ارتكبها البعض في حق مؤسسات اعلامية وصحفيين، والتي لا يمكنها إلا أن نشجبها وندينها ونطلب محاسبة المسؤولين عنها، إلا أننا نرى إجمالاً أن الإعلام الليبي وعلى تعقد واقعه وتعدد التحديات التي يواجهها، فإنّه إعلام ثري ومتعدد وواعد. كما نرى أن واقع حرّية الرّأي في ليبيا قد شهد طفرة نوعية حقيقية غيرت المشهد الإعلامي كليا وتعدته لتنسحب على المشهد العام لحرية الرّأي والتعبير.

ونحن نرى أنّه يتعين استغلال هذا الزخم بتكثيف الدعم لمؤسسات الإعلام بكل مكوناتها وللإعلاميين حتى يتمكنوا من لعب دورهم الأصيل والمحوري أثناء هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها ليبيا خلال عملية تحولها الدّيمقراطي والتي تتطلب من الإعلام دورا على أعلى درجات المسؤولية في نقل الحقائق للمواطن ومواجهة ما يساق من شائعات وأخبار غير ذات صدقية.

لقد أثبت تاريخ ثورة ليبيا، شأنها شأن الثورات في الدول المجاورة وغيرها بأن الإعلام سلاح حقيقي وسلطة لها من الوقع والتأثير ما من شأنه أن يغير مسارات الدول والشعوب والتاريخ.

وهذا هو تحديداً الدّور المطلوب تشجيعه واستمراره للإعلام اللّيبي والذي بدونه، وكحد أدني، سوف يأخذ تحقيق الهدف الرئيسي للثورة الليبية، وهو تثبيت الديمقراطية كحجر أساس الدولة الليبية الجديدة وكخيار لا رجعة فيه، زمنا ليس بالقصير بما قد يترتب عن ذلك من تبعات على صنع المستقبل الأفضل الذي يتطلع إليه كل الليبيون.

ولقد ناقش المؤتمر الذي انعقد خلال اليومين الماضيين بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة بإسهاب مجموعة من أفكار وتوصيات لتعزيز حرّية التعبير وللنهوض بوسائل الإعلام الحكومية والعمومية في ليبيا نرى أنها تمثل خطوة بناءة سوف تسهم، إذا ما أوليت الأهمية التي تستحقها من قبل صانعي القرار ومنتسبي قطاع الإعلام وشفعت بوضع التدابير والآليات الملموسة لتنفيذها، في جعل الإعلام الليبي إعلاما رائدا ونموذجا يحتذى به في المنطقة وعلى نطاق أوسع.

ولعل أولى الأولويات التي سمعناها خلال المؤتمر وغيره من المناسبات التي تهم الشأن الإعلامي هي بناء القدرات المهنية والحرفية للإعلاميين في ليبيا حتى يتمكنوا من أداء مهامهم بما يتناسب ومبادئ الأمانة والمصداقية والنزاهة والدقة في نقل الخبر وتناوله، وهي المبادئ الأساسية التي تحكم العمل الإعلامي عموماً، والتي تعتبر محورية في هذه المرحلة التي تعيشها ليبيا والتي تتطلب تظافر جهود الجميع في ظل احترام حق الاختلاف لإنجاح التحول الديمقراطي في ليبيا من خلال إنارة الرأي العام بالمعلومة الدقيقة ومساعدة السلطات المنتخبة الشرعية في تحديد أولويات المصلحة الوطنية.

ومن الأولويات التي طرحت أيضا تعزيز وتأمين مساحة حرية الصحافة واستقلاليتها حتى يتمكن الإعلام الحر، بصفته ركيزة للمجتمعات المنفتحة والحرة والديمقراطية، من لعب دوره وتحمل مسؤولياته في اتاحة المعلومة النوعية للمواطن والتي من شأنها أن تساعده في تكوين آراءه وصياغة مواقفه على أسس موضوعية وحقائق موثوقة.

والأولوية الأخرى التي لا تقل أهمية عن سابقاتها والتي سمعناها أيضا من ممثلي وسائل الإعلام هي ضمان مناخ إعلامي حر ومستقل يقوم على التعددية لكفالة أمن الصحفيين أثناء تأدية مهامهم ولضمان التحقيق في الانتهاكات والجرائم ضد حرية الصحافة ومحاسبة مرتكبيها.

وإنه من نافلة القول أن الأمم المتحدة لن تدّخر جهداً، في إطار وحدود الولاية الممنوحة لها وإمكانياتها، في تقديم المساعدة و الدعم والمشورة في هذه المجالات كلما طلب منها ذلك، وذلك إيماناً منها بأهمية الإعلام و دوره الحيوي والمسؤول في بناء ليبيا الجديدة كحلقة وصل بين صانعي القرار والمواطن، وبصفته أيضا السلطة الأولى في صنع الرأي.

أود أن أختتم مداخلتي بأن أذكر بعض الحقائق التي قد تبدو بديهية ولكن قد يتعين التذكير بها لأنها قد تغيب عن أذهاننا أحيانا عندما نتحدث عن حرية التعبير والرأي.

1- الحقيقة الأولى هي أن حرية التعبير والتي تندرج ضمنها حرية الصحافة، تأتي في ترتيب حقوق الإنسان مباشرة بعد الحق الأول وهو الحق في الحياة. فحرية التعبير هي حق أساسي لضمان الظروف المؤاتية لحماية وممارسة سائر حقوق الإنسان الأخرى، سواء المدنية منها أو السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعيةـ
2- والحقيقة الثانية هي أن الممارسة الفعلية لحرية التعبير تستلزم توفير بيئة آمنة للحوار تتيح للجميع أن يتحدثوا بحرية وانفتاح وبلا خوف من الانتقام أو الاضطهاد و باطمئنان إلى أن كل من يتعدى على هذه الحرية سوف تطاله المسائلة والمحاسبة.

3- و الحقيقة الأخيرة هي أن حرية التعبير وحرية الصحافة لهما أهمية خاصة لليبيا في سعيها إلى تأكيد مكانتها في المجتمع الدولي كبلد أسس لديمقراطية كخيار لا رجوع عنه. وكما للدولة مسؤولية رئيسية في كفالة حماية حرية التعبير والرّأي فأن المسؤولية تقع أيضا على عاتق كافة أبناء الشعب الليبي، إذ أنه بدون استيعاب حقيقي لمعني حرية الرأي واستعداد كل فرد لممارسة هذا الحق وحمايته في إطار سيادة القانون، والأهم من ذلك حماية عندما يمارسه الآخرون حتى عندما يخالفونه الرأي، لا يمكن للديمقراطية الحق أن تزدهر.

ختاماً أجدد تهاني الأمم المتحدة للإعلاميين في ليبيا نساءً ورجالاً بمناسبة عيدهم اليوم وتمنياتها لهم بالمزيد من التوفيق والنجاح في خدمة وطنهم ومصلحة شعبهم بكل أطيافه بما يخدم أمن و استقرار ليبيا .