نص المؤتمر الصحفي للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في طرابلس – ليبيا، الإثنين 8 ديسمبر 2014

11 ديسمبر 2014

نص المؤتمر الصحفي للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في طرابلس – ليبيا، الإثنين 8 ديسمبر 2014

ليون: انتهينا تواً من اجتماع طويل ومثمر ناقشنا فيه المقترح المتعلق بالجولة الجديدة من المحادثات بين مختلف ممثلي أبناء الشعب الليبي والمجتمع الليبي والمؤسسات الليبية بغية تجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد.

وفي اجتماعنا هذه الليلة اتفقنا على بعض النقاط المهمة الكفيلة بإنجاح هذا الحوار. أولها المبدأ الأساسي بأن الحل الوحيد للأزمة الليبية هو التسوية السياسية. ولا يمكن إيجاد أي حل عبر الوسائل العسكرية أو القتال.

ويجب أن يكون هذا الحل نتيجة للتوافق بين مختلف الأطراف المعنية سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي. وفي اجتماعنا هذه الليلة من الواضح أن الشخصيات التي ستحضر هذا الاجتماع (الحوار) ستحمل في جعبتها آراء مختلفة ومواقف متباينة بشأن الوضع المتعلق بالمؤسسات في ليبيا ولكنهم جميعاً يجمعهم هدف واحد وهو تجاوز الأزمة عبر الاتفاق السياسي.
لذلك يجب أن يقوم هذه الحوار على أساس الاحترام وقد اتفقنا الليلة أن الاحترام يعني أن ممثلي هذه المؤسسة سيحضرون جلسة الحوار معتبرين أنفسهم ممثلين عن المؤتمر الوطني العام وممثلين عن رئيس المؤتمر الوطني العام. إلا أنهم سيتقبلون مسألة وجود أشخاص آخرين لديهم بآراء مغايرة وسيحضر الحوار ممثلين عن مجلس النواب الذين يرون أنفسهم الممثلين الشرعيين للشعب الليبي. وأساس هذا الحوار يجب أن يكون احترام الرأي والرأي الآخر ورغبة مشتركة للتوصل إلى توافق وهدف مشترك لتحقيق التسوية السياسية.

تناقشنا بشأن أهم العوامل التي يمكن بدورها أن تشكل جزءاً من هذا الحوار أولها بالدرجة الأساس الاتفاق على حكومة وحدة وطنية والاتفاق على الخطوات الكفيلة باستقرار الوضع في البلاد والتي يجب أن تشمل وقف إطلاق النار وكذلك الحد من انتشار الأسلحة ومغادرة المليشيات المدن والمطارات والمرافق العامة وذلك للمساهمة في تطبيع الوضع في البلاد.

تناقشنا بشأن عوامل مختلفة تتعلق بهذا الحوار إلا أننا لم نتمكن من إتمام نقاشنا. فقد كان اجتماعاً طويلاً ومكثفاً. وكما تعلمون اضطررت للوصول متأخراً إلى طرابلس لأسباب فنية حالت دون إقلاع الطائرة. لذلك اتفقنا على مواصلة نقاشنا حول هذه التفاصيل في الأيام المقبلة.
كما تعلمون كانت الأمم المتحدة تعتزم تنظيم هذا الاجتماع خلال الأسبوع الجاري. ولكن لفسح المجال أمام مختلف الأطراف المنخرطة بالحوار، فكما تعلمون سوف أسافر يوم غد إلى مدينة طبرق. وقد قررنا أن نمنح أنفسنا المزيد من الوقت وعوضاً عن بدء جلسات الحوار في نهاية هذا الأسبوع سنبدأ المحادثات في مطلع الأسبوع المقبل.

ونحن مقتنعون في اجتماعنا الليلة أننا سننتهي من التفاصيل خلال اليومين أو الثلاثة أيام القادمة عسى أن نعقد حواراً مثمرةً في الأسبوع المقبل. وسنناقش نقاط جدول أعمال الحوار وربما إذا رغب جميع المشاركين وإذا رغب جميع الليبيين ربما سنجد بارقة أمل لتجاوز الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.

وهنا أشيد بالروح التي سادت في هذا الاجتماع وحماسة الشخصيات التي تناقشنا معها الليلة فقد بينوا مدى كرم أخلاقهم ومدى استعدادهم للتوجه لهذا الاجتماع برحابة صدر في الأسبوع المقبل محترمين ثوابت الديمقراطية في ليبيا ومبادئ الإعلان الدستوري والشرعية والشمولية والثوابت التي عملنا بموجبها في الأسابيع المنصرمة وانهم مستعدين لحضور هذا الاجتماع ومحاولة الخروج بحلول مع أشخاص آخرين مدركين بأن لهم آراء ومواقف مختلفة. ولكن الأهم هو إيجاد عوامل يمكن الاتفاق عليها والبدء ببناء ليبيا يعمها السلام على أساس هذه العوامل التوافقية.

سؤال: تغير سياسة الأمم المتحدة تجاه المؤتمر الوطني؟

ليون: في البدء دعني أشير إلى أهمية أنك ذكرتنا ببداية عملية غدامس. ونطلق الآن على الجولة الجديدة من المحادثات تسمية "غدامس 2". لا أدري ولكن لا نزال بحاجة لمناقشة التفاصيل ومكان انعقادها سواء في غدامس أم غيرها. ويوم غد علي التوجه إلى مدينة طبرق لمناقشة العديد من التفاصيل هناك.

وباعتقادي مهم أن نستذكر أول جلسة حوار بدأت في مجلس النواب واتفقنا جميعاً أن حكم المحكمة يعني أن ثمة تغيرات تشهدها البلاد. بغض النظر عن الآراء بشأن حكم المحكمة فالبعض تقبل الحكم والبعض الآخر لم يتقبله. ولكن ترتبت على هذا الحكم تبعات. أولها أن ما يسمى بالمقاطعين من المجلس قبلوا بحكم المحكمة وأصبحوا لا يعتبرون أنفسهم أعضاء مجلس النواب. وفي نفس الوقت هناك مجموعة أخرى من أعضاء هذا المجلس، المؤتمر الوطني العام ممن لم يتقبلوا حكم المحكمة. ولذلك لديكم الآن مجلسين تخالف مجموعة كبيرة من أعضائها رأي الأغلبية.

لذلك تسبب هذا القرار بإحداث تغييرات وقد تناقشنا مع الشخصيات التي حضرت جلسة غدامس ونقترح أن نشمل أطراف سياسية أخرى. وقد أعرب مجلس النواب عن آرائه وثوابته ولن يتنازلوا عن هذه الثوابت التي يعتبرونها أساسية وهي التمثيل والشرعية وأهمية الانتخابات. وكذلك الحال هذه الليلة استمعنا إلى الثوابت الأساسية التي يراها الطرف الآخر والتي تمثل المؤتمر الوطني العام. وهم أيضاً لن يتنازلوا عن ثوابتهم.

ولكن المهم هنا هو أن يتم الحوار بحيث يحمل كل طرف آرائه ويحترم الرأي الآخر. وكذلك احترامهم لحقيقة أن المحاورين الآخرين المنخرطين في هذا الحوار لديهم آراء ومواقف مختلفة وبعضها ربما ستكون متناقضة. ولكن المهم في الاتفاق هنا أنهم سيحاولون إيجاد نقاط يتم الاتفاق عليها في المرحلة الأولى من النقاط التي ذكرت آنفاً حكومة الوحدة الوطنية والخطوات الكفيلة باستقرار الوضع في البلاد عبر وقف إطلاق النار والحد من انتشار الأسلحة وعبر مغادرة المليشيات للمدن والمطارات والمرافق العامة وعلى ضوء هذه النقاط ربما يصبح ممكناً تجاوز إشكالية المؤسسات في المستقبل. ولو أصبح كل هذا ممكناً ربما يمكن أن نصل إلى مرحلة يمكن فيها المصادقة على الدستور حين تصبح الظروف مواتية لكي يتمكن هذا الدستور من إعادة توحيد الليبيين.

سؤال: يبدو أن دعوة الأمم المتحدة للحوار والقتال على الأرض والسلطة بأيدي الجماعات المسلحة. كيف يمكننا أن نعقد اجتماعاً للحوار وإنهاء الأزمة في حين أن بإمكان الأمم المتحدة إيقاف الغارات الجوية إلا أنها لا تفعل ذلك. وهل هناك خطة من جانبكم لإشراك الجماعات المسلحة في الحوار؟

ليون: أعمال القصف الجوي هذه وجميع العمليات المسلحة وإطلاق النار يجب أن تتوقف. وأعتقد أن الأمم المتحدة كانت واضحة جداً فيما يتعلق بالقصف الجوي. إذ أنها قد تضرب المناطق المدنية ونعرف جيداً أن هذه الطائرات قد لا تكون دقيقة جداً. وقد قمنا بإدانة هذه العمليات بأشد لهجة ونأمل أن تتح لنا الفرصة لبدء العملية السياسية وجميع الأطراف ستبذل قصارى جهودها لدعم العملية السياسية هذه.

هل نعتقد بأن الجماعات المسلحة يجب أن تكون جزءاً من هذا الحوار؟ بالطبع. إذ لن يصبح ممكناً تخطي الأزمة التي تمر بها ليبيا ما لم تكن العملية شاملة لجميع الأطراف وجميع الأطراف القادرين على اتخاذ قرارات مهمة. والهدف من هذا الحوار هو الاتفاق على الإطار الأمني الذي سيشكل جزءاً مهماً من هذه التسوية ويشمل وقف إطلاق النار كما أسلفت والحد من انتشار السلاح ودخوله البلاد وتعد ليبيا واحدة من أكثر الدول التي تعاني من انتشار الأسلحة ويجب وضع حد لهذا الأمر. وكذلك خروج المليشيات من المدن والمطارات وأن تساهم في هذا التطبيع وهو أمر مهم.

ويجب أن يتم ذلك بالطبع من خلال إشراك الجماعات المسلحة باستثناء الجماعات التي صنفت على أنها منظمات إرهابية. وبالتأكيد أنصار الشريعة لن تكون جزءاً من هذا الحوار أما بقية الجماعات المسلحة فيجب إشراكها ويجب أن يكونوا جزءاً من هذا الحوار وأن يشاركوا فيما يتمخض عن هذا الحوار. ونأمل أن يساهموا مع الأطراف الأساسية الأخرى والأطراف السياسية وكل من اشترك في هذا الحوار لتجاوز هذه الأزمة.

وهذا كان دائما الهدف من حوار غدامس. وحين اقترحنا بدء هذه المحادثات ربما تتذكرون أننا نشرنا على صفحة البعثة على شبكة الانترنت بضرورة إجراء جلستي حوار متوازيتين أحداهما سياسية والأخرى أمنية وأن أهداف الحوار الأمني قد تكون شبيهة بما تناولناه الليلة. ومن المستحيل أن نتمكن من إتمام أي اتفاق سياسي مالم يكن هناك وقف لإطلاق النار أو استقرار وتطبيع في المدن وقد قلنا بأننا سنجري هذه المحادثات معتمدين مبدأ ألا يوجد اتفاق ما لم يتم الاتفاق على كل شيء. ونحن الآن نشدد على هذه المبادئ وللأسف حال حكم المحكمة الذي غير المشهد السياسي في البلاد دون إتمام المحادثات السابقة. وقد كان الحوار واعداً ولكننا فهمنا أن علينا تقديم هذه التغييرات ومن المؤمل أننا سنتمكن من التعامل معها بالتوازي وإشراك جميع ومختلف الأطراف بالتوازي لتجاوز هذه الأزمة. لأن الوضع في الوقت الحالي أشد تعقيداً مما كان عليه في الأسابيع الماضية. والقتال محتدم في بنغازي وكذلك الوضع أصبح أكثر تعقيداً في جبل نفوسة. وأصبح الأمر مقلقاً ومن الضروري التصرف بشأن جميع هذه الأمور بأسرع فرصة ممكنة.

سؤال: اليوم صدر بيان مما يسمى بعملية الكرامة جاء في هذا البيان شروطاً تعجيزية مطابقة للبيان الذي صدر بالنسبة للبرلمان يوم أمس كيف تتوقعون نجاح هذا الحوار في ظل هذه الظروف خاصة وأن هذه الشروط جاءت بالتعجيزية قبل أن يبدأ الحوار. رحبتم بالحراك الديمقراطي المنبثق من أطياف الشعب الليبي واحترام سيادة الدولة فأين هذا الاحترام من قرار المحكمة العليا الدستور؟

ليون: المهم أن يتمكن الليبيون من الاجتماع وتوضيح ثوابتهم وتطلعاتهم وآرائهم. فإذا كانت مختلف الشخصيات المنخرطة في الحوار تحمل آراء مختلفة ولكن بإمكانهم الاتفاق على بعض النقاط الأساسية للبدء في تجاوز الأزمة فهم مرحب بهم. أعتقد أن المهم هنا هو ليس كيف يرى الجميع مسألة التمثيل أو ماذا تمثل المؤسسات المختلفة بل قدرتهم على التوصل إلى اتفاق مع الطرف الآخر. نحن لا نطلب من أي أحد أن يحضر هذه الاجتماعات متخلياً عن مبادئه أعتقد أن هذا أمر مهم. فالأمم المتحدة لا تفرض الحلول بل أن على الليبيين الاتفاق على هذه النقاط. وأعتقد أن ذلك ممكناً فكما قلت هناك نقاط يمكن للأطراف المختلفة الاتفاق عليها وهناك نقاط أخرى قد تكون صعبة وقد تأخذ وقتاً أطول لحين التوصل إلى اتفاق بشأنها.

أما بالنسبة للسؤال الثاني أعتقد أن ما يعتقده أطراف المجتمع الدولي أو ما لا يعتقده ليس مهماً المهم ما يعتقده الليبيين. وهذا ما نحاول تحقيقه وهذا هو دور الأمم المتحدة أن يكونوا ميسرين فقط، أي المساعدة في جمع الكل على طاولة واحدة. والأمم المتحدة ليست بصدد إطلاق أي أحكام بل المساعدة في تيسير هذه المحادثات ومن ثم الوصول إلى نقطة يمكن لليبيين الاتفاق على هذه الثوابت الأساسية للعودة إلى الانتقال الديمقراطي والاتفاق على العوامل الأساسية التي تشكل الحياة السياسية في ليبيا. وهي المؤسسات وفصل السلطات والقرارات القضائية والديمقراطية وكل هذا. إلا أننا لم نصل لهذه النقطة بعد. وقد تأخذ بعض الوقت. ودعونا نشدد على دعم الليبيين لتجاوز هذه الأزمة. وأنا مقتنع بأن ما يقوله لنا الليبيون جميعنا وكل من يشترك في هذه العملية أن نجد حلاً عبر التوافق ليصل بليبيا إلى بر الأمان. وهذا هو الأهم.

وحين أقول إن هذا هو الأهم فذلك لأن هذا الاتفاق الذي بموجبه يتفق جميع أطياف المجتمع وجميع المواطنين على النظام الأساسي والحقوق وهذا ما يسمى بالدستور. وتحتاج ليبيا في هذه المرحلة إلى الوقت والظروف المناسبة لتخطي هذه الفترة الانتقالية الصعبة والاتفاق على دستور يمكنه أن يوحد جميع الليبيين.