أمام الليبيين فرصة لإدراج حقوق الإنسان في دستورهم

previous next
19 ديسمبر 2013

أمام الليبيين فرصة لإدراج حقوق الإنسان في دستورهم

علي العكرمي، الذي امضى 30 سنة في سجون القذافي، حاز لقب ثاني أقدم سجين رأي في ليبيا.
والاَن وبعد ما يناهز ثلاث سنوات انقضت بعد الثورة التي أسقطت النظام الدكتاتوري، فإن السيد علي العكرمي هو ناشط يدافع عن حقوق الإنسان بعزيمة وإصرار ويعلن صراحة أنه يجب بذل المزيد من الجهد حتى تترسخ حقوق الإنسان في ليبيا.

وأمام السيد العكرمي وغيره من الحقوقيين في ليبيا وكل الليبيين فرصة لكي يُسمعوا أصواتهم عندما تشرع ليبيا في كتابة دستورها.

ويوم 18 ديسمبر، كان السيد العكرمي جالساً بفخر ضمن الحضور وهو يستمع للكلمات التي ألقيت خلال ندوة عقدت في مقر المؤتمر الوطني العام بطرابلس تحت عنوان " حقوق الإنسان في الدساتير" والتي نظمتها لجنة حقوق الإنسان في االمؤتمر الوطني العام ، وهي الهيئة الأولى التي تم انتخابها بعد اكثر من اربعين سنة، بالتعاون مع قسم حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية وسيادة القانون التابع لبعثة اللأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

وفي تصريح خاص لقسم الإعلام والتواصل للبعثة، قال السيد العكرمي " نتمنى أن تكون حقوق الإنسان جزءاً من ديباجة الدستور مكتوبة ومحصنة " – ولكن السجين السياسي السابق وهو الاَن مستشار رئيس المؤتمر الوطني العام في مجال حقوق الإنسان، يحذر أن التطبيق الفعلي هو المسألة الأهم.

وأضاف السيد العكرمي، الذي يترأس الجمعية الليبية لسجناء الرأي: " إن التطبيق يتطلب خلق بيئة ملائمة ووعي وكم كبير من الخدمات ، فيجب نشر الوعي لدى المواطنين وايجاد الطرق المناسبة للتواصل معهم وتطوير مفاهيم جديدة لديهم ".

وفي إطار عملية تحولها الديمقراطي، تعتزم ليبيا صياغة دستور جديد. وإن لم يحدد بعد موعد اجراء انتخابات الهيئة التأسيسة لصياغة الدستور والمكونة من 60 عضواً، فإنه من المتوقع ان تجرى هذه الإنتخابات في الثلاثية الأولى من سنة 2014.
وقد حصل تأخير في المسار الإنتخابي لأسباب لوجستية ولغياب الحماس الشعبي للتسجيل في قائمة الناخبين. ورغم ذلك فقد وصل عدد الذين سجلوا في قائمة الناخبين يوم 19 ديسمبر ما يقارب نصف مليون ناخب. كما مدّدت المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات تاريخ التسجيل إلى غاية 31 ديسمبر 2013.

ومهمة الهيئة التأسيسية، التي تُمثّل فيها مناطق الشرق والغرب والجنوب بالتساوي، هي صياغة دستور على ضوء مشاورات مع العديد من مكونات المجتمع الليبي يُعرض بعدها على الشعب الليبي للإستفتاء عليه.

وطبقاً لولايتها، تقدم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مساعدة تقنية والمشورة للمفوضية الوطنية العليا للإنتخابات. كما تساعد البعثة أيضاً في الحوار بين مختلف القوى السياسية الليبية و إصلاح المؤسسات العدلية والأمن العام.

وفي كلمته أثناء الندوة التي أقيمت يوم 18 ديسمبر، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا طارق متري، أن الدستور هو فرصة لوضع أسس متينة للدولة الليبية الحديثة عمادها احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والمصالحة الوطنية القائمة على الكشف على الحقائق والمحاسبة.

ورحب بإصدار المؤتمر الوطني العام لقانون العدالة الإنتقالية الذي تلى قانون تجريم التعذيب والإخفاء القصري والتمييز كخطوة مهمة ، وأبدى استعداد البعثة الإستمرار بتقديم المشورة الفنية. وأضاف: " في الدستور الجديد نرى صورة ليبيا الجديدة. ولا تكتمل الصورة من دون إعلاء حقوق الإنسان وضمان احترامها في كل مجالات الحياة الوطنية. ولعّل تضمّن نصّ الدستور فقرات عن حقوق الإنسان، تكون مدماكاً من مداميك دولة القانون الليبية الجديدة " .

وفي كلمته للحضور، قال السيد عز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني " الناس يولدون أحراراً ويجب أن يكونوا متساوين في حقوقهم وحرياتهم ". وأضاف: " الحكومة و التيارات السياسية ملزمة بالمحافظة على هذه الحقوق للجميع بدون تمييز". أما بالنسبة للسيد العكرمي فإن الندوة والنقاشات حول الدستور الذي دار فيها كانت أبعد كل البعد عن المناخ الذي عاشه قبل أربعة عقود عندما رماه أعوان القذافي في غياهب السجن حيث أمضى 30 سنة.

وقد سُجن السيد العكرمي وسُرّح اكثر من مرة بتهمة الإنتماء لحزب سياسي ثم حُكم عليه بالسجن المؤبد ولكن أطلق سراحه سنة 2002 عندما كان النظام اَنذاك يحاول تحسين صورته أمام المجتمع الدولي.

وهو يترأس حالياً الجمعية الليبية لسجناء الرأي ، والتي تضم اَلاف السجناء السياسيين. وأشار السيد العكرمي أن المؤتمر الوطني العام يضم 21 عضواً كانوا سجناء سياسيين سابقاً.

وقال السيد العكرمي: " منظومة القيم الأخلاقية ضُربت. نحن نبني تجربة جديدة ونأمل من المنظمات الدولية مساعدتنا في هذه المهمة وفي تجذير حقوق الإنسان " .

ويطيب للرجل ذو 63 سنة والذي اختلط شعره بالشيب أن يقول مازحاً ان عمره 11 سنة وانه ولد فعليا يوم أُطلق سراحه من السجن. كما يبتسم قائلاً أنه اكبر من ابنته بستين عاماً.

ويدعم السيد العكرمي المصالحة ويحرص هو وجمعيته على زيارة سجانيهم السابقين ويتمنون لهم محاكمة عادلة. لكنه يعبر عن عدم رضاه حيال وضعية حقوق الإنسان في ليبيا ما بعد الثورة ويقول : " نحن ضد الإنتهاكات والخطف وتجاوز القانون والمحاكمات غير الشرعية. نحن محتاجون لطرح مبدإ المصالحة. هناك جرائم صعب تجاوزها ولكن يجب التعامل معها في إطار دولة القانون والمؤسسات. نريد لأولادنا ان يعيشوا حياة كريمة ".

".

-----------------------------------------
سمير غطّاس
مكتب الإعلام والتواصل
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا