الناخبون الليبيون متفائلون رغم الصعوبات

previous next
27 فبراير 2014

الناخبون الليبيون متفائلون رغم الصعوبات

من الصعب إعادة التقاط مشهد الحماس الذي ظهر في أول انتخابات بعد الثورة، بيد أن انتخابات هيئة صياغة الدستور في 20 فبراير 2014 التي تأتي وسط انقسامات سياسية حادة وغياب الاستقرار الأمني أثبتت أنه على الرغم من وجود صعوبات لا يزال الليبيون متفائلين بتعافي البلاد.

وبالطبع الاهتمام أقل من الذي كان خلال انتخابات المؤتمر الوطني العام في 7 يوليو 2012 ، فيما تغرق البلاد حاليا في أزمة سياسية عميقة تهدد أمنها واستقرارها. ومع ذلك، فقد كان المواطنون الذين سجلوا وأدلوا بأصواتهم مصممين على إسماع صوتهم ومشددين على التفاؤل بالمستقبل.

وتساءلت مروة السنوسي، وهي شابة جاءت مع عائلتها للإدلاء بصوتها في مدرسة النساء الخالدات للتعليم الأساسي في منطقة حي الأندلس بطرابلس قائلة:
"هذا دستورنا ، دستور البلاد . ليس هناك من خيار. إذا كنا سلبيين ولم ننتخب فمن سيعمل على وضع الدستور؟"

تأتي هذه الانتخابات كنقطة انطلاق لعملية كتابة الدستور. وعلى الرغم من أن الليبيين أتيحت لهم فرصة نادرة نسبياً لانتخاب هيئة مكونة من 60 عضواً من جميع أنحاء البلاد لصياغة دستور جديد يتم طرحه للاستفتاء فيما بعد، إلا أن الأزمة السياسية الراهنة المحيطة بالمؤتمر الوطني العام بما في ذلك التهديدات المتبادلة من قبل الثوار والاحتجاجات الشعبية المؤيدة والمعارضة لتمديد ولاية المؤتمر أضعفت حماس الناخبين.

ومع ذلك، وبالنظر إلى الاضطرابات السياسية الكبيرة، فإن إجراء الانتخابات كما كان مقرراً لها وسط الكثير من الشكوك هو أمر يستحق الثناء.

فقد قام بالتسجيل في هذه الإنتخابات ما مجموعه 1,101,541 ناخب، منهم 449,501 من النساء، ومن إجمالي المسجلين قام 497,663 أو حوالي 45 في المئة بالتصويت. فقد قاطع الأمازيغ الانتخابات بشكل كبير في المناطق حيث يشكلون الأكثرية السكانية سواء كمرشحين أم ناخبين. وتم إغلاق نحو 80 مركزاً من إجمالي 1,577 مركز إقتراع في جميع أنحاء البلاد بسبب الأحداث الأمنية.

وقد تنافس 649 مرشحاً، بينهم 64 امرأة، على 60 مقعداً مقسمة بالتساوي بين المناطق الشرقية والغربية والجنوبية للبلاد، وتم تخصيص ستة مقاعد للنساء و6 مقاعد أخرى للمكونات الثقافية واللغوية.

وقال السيد/نوري العبار رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مقابلة أجريت معه يوم الاقتراع: "اعتبر ان خلال هذه الأمواج المتراكمة ، سواء من الناحية السياسية او من الناحية الأمنية ، ومع هذا المفوضية تشق طريقها لفتح مراكز الاقتراع للناخبين بشكل متزامن في كل أنحاء ليبيا". واستطرد قائلاً: “أعتبر ذلك انتصار وانتصار كبير جدا".

وقد قامت الأمم المتحدة، كما هو الحال في الانتخابات السابقة، بمساعدة الليبيين في تنظيم الانتخابات وتوفير الخبرات والدعم الفني، حيث قام خبراء الانتخابات بالأمم المتحدة بتقديم المشورة في العديد من الجوانب المتعلقة بعملية الانتخابات من خلال العمل مع موظفي المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات في طرابلس وكذلك في المكاتب الميدانية الموزعة في جميع أنحاء البلاد. ويقدم مستشارو الأمم المتحدة المساعدة في جميع جوانب العمليات الانتخابية، كتصميم المواد الإعلامية وتأمين أوراق الاقتراع.

وبالإضافة إلى تقديم الدعم لتنظيم الانتخابات، تدعم الأمم المتحدة عناصر أخرى من العملية، حيث نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورشة عمل حول تدريب المرشحين على وضع الدستور، وعرضت البعثة برامج تدريبية أخرى للمرشحات، وكان هناك ورش عمل أخرى معنية بتدريب وسائل الاعلام على المعايير الدولية لتغطية الانتخابات بالتعاون مع منظمة اليونسكو.

وقد زار الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، السيد/طارق متري، المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومركزي اقتراع يوم 20 فبراير، مشيداً بمهنية العملية الانتخابية وناسباً نجاحها للمفوضية ووعي الشعب الليبي. وأكد على الأهمية السياسية والوطنية لهذه الانتخابات.

وقال في كلمة في مركز اقتراع مدرسة الخالدات بأن "هذه الانتخابات ترتدي أهمية كبيرة بالطبع لأنها هي بدء عملية صياغة الدستور. وهي انتخابات تهيء لقيام هيئة سوف تعمل نيابة عن جميع الليبيين لوضع ميثاق عيشهم الوطني والعقد الاجتماعي الجديد ويحسم مسائل التي كانت مدار نقاش الليبيين في السنوات الأخيرة حول طبيعة النظام السياسي واللامركزية وغيرها".

أما بالنسبة لمفتاح شفتر، وهو موظف متقاعد، فقد تجاوزت مشاركته المخاوف المتعلقة بعملية صياغة الدستور. حيث تقاسم هو والضابط المتقاعد عبد الله السنوسي ذات الاهتمام المتعلق بالسلام والاستقرار.

وبعد الإدلاء بصوته ووضع إصبعه في الحبر السري كدليل على الانتخاب ولمنع تكرار عملية التصويت أكثر من مرة، قال السيد/شفتر: "بالنسبة للوضع الذي نشهده فهذا يعتبر نجاحاً".

وأضاف السيد/شفتر البالغ من العمر 58 سنة: "جئنا لننتخب أناس نعرفهم ويمثلوننا ويعبرون عن رأينا ومطالبنا. نقول رأينا ونتمنى أن يصل هذا الرأي للدستور. ولكن الاستقرار هو من أهم الأمور".

وقال السيد السنوسي: "نريد دستور يؤمن حياة سعيدة والرفاهية للأجيال القادمة".

وشكا أيمن يوسف، وهو موظف في شركة دعاية، من مسألة اختيار المرشحين، بالأخص فيما يتعلق بالسن والخبرة، مفضلاً الأشخاص الأكبر سناً من ذوي الخبرة في مجال القانون والسياسة والشريعة والفقه. غير أنه قدم إلى مركز الاقتراع للإدلاء بصوته.

وقال السيد/يوسف: "لا أريد أن أضيع حقي في الدولة. أنا مواطن ليبي ومن المفترض أن أقوم بواجبي". وأضاف: "إن شاء الله تكون النتائج توازي طموحاتنا".

وكان علي حسن عثمان، مدير مركز اقتراع الخالدات ومدير المدرسة، محاطاً بزوجته وأربعة من بناته وولدان، أصغرهم يبلغ من العمر أربع سنوات، وهم يرتدون أفضل حلة لديهم. وقال السيد عثمان هاتفاً: "إنه احتفال"، مشيراً إلى عائلته. أما الابنة الكبرى أريج، فهي جاءت لتدلي بصوتها للمرة الأولى.

مودة صلاح شنبر، وهي طالبة محاسبة في العشرينيات من عمرها، أتت لتضمن وصول صوتها. وتقول مودة: "المطلوب أن يُعمل بدستور يحكم البلاد بطريقة جيدة والشعب يكون مرتاح ، ولا يُفضّل طرف عن آخر".

وبالرغم من أن مرشحيها المفضلين لم يُوفقوا في انتخابات عام 2012 وبالتالي لم تتحقق المطالب التي كانت تؤيدها، إلا أنها لا تزال متفائلة بالرغم من ذلك.

وتضيف قائلة: "أنا واحدة من الناس الذين خاب أملهم المرة الماضية. وأنا متأكدة أن هذه المرة ستكون الأمور أفضل".